أوباما أهدر 8 مليارات دولار على إخوان مصر إغلاق الميزانية أمام أوباما خطوة مهمة لوقف طموحاته الضارَّة بسياسة أمريكا .. ومحاكمة مرسى لا يمكن أن تنفصل عما يجرى للرئيس الأمريكى فى 4 نوفمبر الجارى ستبدأ أولى جلسات محاكمة محمد مرسى، ومن الواضح أن الجلسة الأولى ستكون إجرائية بنسبة كبيرة، سيحضرها الصحفيون ووسائل الإعلام. ومن المتوقَّع أن تعلن المحكمة سرِّية الجلسات لاحقا لأسباب كثيرة معروفة، وأخرى قد تكون مفاجئة. الأمر الآخر غير المهم أيضا أن ما يسمَّى بتحالف دعم الشرعية وأنصار مرسى والإخوان سيخرجون فى مسيرات ومظاهرات ضخمة، ربما تنتهى بصدامات واشتباكات واسعة النطاق. محاكمة الرئيس الإخوانى الذى حكم مصر لمدة عام واحد فقط ستكون مليئة بالألغام، وستخضع لمساومات سياسية داخلية وخارجية، وستشارك فى هذه المساومات أطراف عديدة مصرية وغير مصرية. وربما التنظيم الدولى للإخوان المسلمين أيضا لأن ما حدث فى مصر منذ 25 يناير 2011 لا يزال الكثير منه قيد السرِّية أو المساومة، وكل طرف يحاول الحفاظ على ما لديه من معلومات لاستخدامها فى الوقت المناسب، وبما يخدم مصالحه ووضعه القانونى، وفى سياق السلطة المقبلة على مستوى الداخل أو العلاقات الدولية والإقليمية على مستوى الخارج. وبالتوازى مع محاكمة مرسى، تجرى محاكمة الرئيس الأمريكى باراك أوباما وبشكل غير مباشر، فإغلاق الميزانية أمام أوباما كانت خطوة مهمة لوقف طموحاته الضارة بسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية ومصالحها ونفوذها. ومن الواضح أن المستشارين المصريين الأربعة الذين يعملون لدى أوباما خدعوه بشدة وتقاضوا مبالغ طائلة من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين لتوريط الرئيس الفيلسوف صاحب نوبل. إضافة إلى أن السفيرة الأمريكية السابقة فى القاهرة آن باترسون قامت بأكبر دور لها فى تاريخ الخارجية والاستخبارات لخداع أوباما، وهى الآن تجلس فى منزلها بخلاف ما قيل إنها ستتولى هذا المنصب أو ذاك. لقد انقلبت الدنيا فعلا، بينما تمت فلترة ما يجرى حول هذا الموضوع فى الولاياتالمتحدة نفسها، إذ نقلت المحطات التليفزيونية الأرضية فى الولاياتالمتحدة جلسات الكونجرس بهذا الصدد، والمتابعون للأحداث فى الولاياتالمتحدة يعرفون ذلك، والفيديو كونفرانس الذى أقيم فى السفارة الأمريكيةبالقاهرة كان أحد أدلة الجمهوريين لأنه تضمن كل تفاصيل العملية. ولكن السيدة باترسون قامت بمسح عديد من الوثائق أو إخفائها بعد أن بدأت بوادر فشل مشروع أوباما الذى لعبت فيه دورا هاما بنصائحها وتقاريرها ولقاءاتها بقيادات الإسلام السياسى والتنسيق معهم. إن الجمهوريين يعرفون جيدا أن هذا المبلغ وصل إلى الإخوان المسلمين فى مصر، وأوباما يعرف جيدا. وبالتالى لم ينفِ أوباما الاتهامات التى وُجهت إليه، ولكنه اعتذر عن عدم إمكانيته إكمال الجلسات بسبب الإرهاق والإحباط. من ثم قام الجمهوريون بمزيد من الضغوط، وطالبوه بتنفيذ عدد من الشروط على رأسها تطبيع العلاقات مع مصر والتراجع عن تصريحاته غير المسؤولة والمبنيّة على معلومات خاطئة وخادعة فى آن واحد. الجمهوريون وقفوا ضد خطط أوباما وأحلامه وطموحاته الصبيانية التى ألبسها ثوب الحكمة والفلسفة والسلام والأمن، وهذا لا يعنى أن الجمهوريين ملائكة، ولكن السياسة الصبيانية لأوباما هددت، ولا تزال تهدد، المؤسسة الأمريكية. وبالتالى فإهدار 8 مليارات دولار على إخوان مصر من أجل مشروع سيناء وحماس لم يكن السَّوءة الوحيدة فى خطط أوباما، وإنما مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى رأى أوباما أن تحقيقه ممكن عن طريق التعاون مع قوى اليمين الدينى المتطرف، هو السبب الحقيقى وراء قيام الجمهوريين بمحاصرته، حتى لو تم إعلان إفلاس الولاياتالمتحدة. حتى يوم 26 أكتوبر 2013 كنت أتصور أن موضوع ال8 مليارات دولار التى منحها أوباما للإخوان المسلمين فى مصر مقابل تنفيذ عدد من المشاريع من ضمنها مشروع سيناء وحماس، مجرد شائعات وجزء من حملة ضد الإخوان المسلمين، وفى يوم 26 أكتوبر تحديدا وصلتنى معلومات مؤكدة بأن الموضوع صحيح 100٪ وأن هذا الكلام طُرح وتمت الموافقة عليه عن طريق فيديو كونفرانس أُقيم فى السفارة الأمريكيةبالقاهرة ونظمته السفيرة الأمريكية السابقة آن باترسون. وفى هذا اليوم تحديدا وقَّع الرئيس المعزول محمد مرسى على مذكرة التفاهم بهذا الصدد، وقامت آن باترسون بمسح هذا اللقاء بعد عِلم الجمهوريين به. ولكن الجمهوريين عقدوا جلسات بالكونجرس لمحاسبة أوباما بتهمة «السَّفَه»، وهى تهمة موجودة فى القانون الأمريكى لمن يقوم بتبديد أموال الدولة ودافعى الضرائب. المثير هنا أن هذه الجلسات كانت تُبَثّ على الهواء مباشرة فى التليفزيون الأمريكى، ولكن، ويا للعجب، لم يجرؤ أحد من الإعلاميين المصريين أو الساسة أن يتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل وبثقة. مما يطرح علينا سؤالا مهمًّا: ما مدى قوة اللوبى الأمريكى المتغلغل فى الوسطَين الصحفى والإعلامى فى مصر ومدى تحكمه فى المعلومات؟ وما حجم اختراق اللوبى الأمريكى للمؤسسات السيادية فى مصر وقدرته على فلترة المعلومات؟ إن محاكمة مرسى فى مصر لا يمكن أن تنفصل بأى حال من الأحوال عما يجرى لأوباما حاليا فى الولاياتالمتحدة. وبالتالى، فسوف تشهد محاكمات القاهرة مفاجآت حقيقية وتاريخية فى حال كانت الأمور تجرى فى مسارها القانونى والسياسى السليم. ولكن إذا كانت الضغوط والمساومات أقوى من الإرادة السياسية والتاريخية، فسوف نشهد مهزلة هى الثانية من نوعها بعد محاكمة مبارك وأولاده وأركان حكمه.