عندما نشرت الصفحة الرسمية للسفارة الإسرائيلية على موقع «فيس بوك» في أغسطس الماضي أخبار عن إصدار رواية الأديبة الإسرائيلية داليا كوهين قنوهل بعنوان «معبر مندلباوم»، تسبب ذلك في الهجوم على الباحث المصري في الشؤون الإسرائيلية، عمرو زكريا، لأنه قام بترجمة الرواية إلى اللغة العربية لنشرها في مصر. وتعرض الرواية، التي تم إصدار نسخ مترجمة منها منذ أيام في عدة مكتبات، حياة الكاتبة اليهودية مصرية الأصل، جاكلين كهانوف الدائرة ما بين القاهرة وباريس ومونبيليه والقدس في خمسينيات القرن الماضي. عاشت جاكلين في مصر مع أبويها، حيث كان والدها يعمل موسيقي، وغادرت هى لفترة إلى فرنسا لتحصل على شهادة الدكتوراة في الأدب المقارن بين بلزاك الفرنسي ونجيب محفوظ المصري. وما كان والد جاكلين ينوي الرحيل من مصر إلى إسرائيل إلا بعد مقتل زوجته على يد الشرطة المصرية، لأنه بعد موقعة الإسماعيلية الشهيرة يوم 25 يناير 1952 (عندما قتلت القوات البريطانية 50 شرطيًا مصريًا، وأصابت العشرات)، وقعت أحداث شغب في القاهرة، ووقتها كانت والدة جاكلين تشتري كتب من المعبد اليهودي، فاعتقدت قوات الأمن أنها تسرقهم وأطلقت عليها الرصاص. إلى جانب هذه الواقعة، عانى والد جاكلين من التضييق على اليهود في مصر بعد عام 1952، ما جعله يلح على ابنته لتترك عملها بالجامعة وتلحق به لترعى شقيقتها، وهى من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعمتها المسنة، ولكن بشرط ألا تكشف هويتها المصرية هناك نظرًا لسوء المعاملة التي يُعامل بها اليهود من أصل شرقي في إسرائيل. استجابت جاكلين لطلب والدها وانتحلت شخصية فتاة يهودية فرنسية حاربت في حركة الحرب العالمية الثانية إلى أن ينكشف ذلك في يوم وتتبدل حياتها، وهو ما تسرده الرواية بالتفصيل. قال عمرو زكريا ل«التحرير» إن معبر مندلباوم (اسم الرواية) هو معبر يوجد بين القدسالشرقية والغربية، ويرمز إلى الحاجز بين العالم الجديد والقديم، وبين الشرق والغرب، وبين اليهودية والإسلام. وأوضح زكريا أن القارئ يستطيع المقارنة بين الأوضاع «الكريمة» والحياة المستقرة التي عاشها اليهود في مصر وما حدث لهم بعد ذلك في إسرائيل وعدم حصول أغلبهم على وظائف، ومعاناتهم النفسية نظرًا لأنهم يهود مصريين. وأضاف: «كما أن هناك مقارنة بين الأسكندرية وهى عروس البحر المتوسط، وتل أبيب التي كانت أغلب بيوتها فقيرة، وأحيانًا من الصفيح». ترجمة هذه الرواية وغيرها من الكتب الإسرائيلية، جعلت بعض الصحف تتهمه ب«التطبيع والخيانة»، وهو ما يستنكره ويعتبر تخصصه النادر له أهمية كبيرة، لأنه ينقل رؤية إسرائيل من ناحية علاقتها مع الدول، ونظرتها تجاه مصر، وأسرار الديانة اليهودية، والزواج والطلاق لديهم، وكلها أمور يجب على المصريين الإطلاع عليها. ويتساءل عمرو: «كيف يبدي السيسي استعداد للسلام مع إسرائيل، ويهاجم الشعب من له صلة بهم بأي شكل؟».