يهود مصر ..كثرت الأحاديث عنهم في الفترة الأخيرة خاصة بعد مطالبة واحدة من أبرز قيادات جماعة الأخوان بعودتهم لأرض الوطن ليقابله رفض قاطع لهذا الأمر إلا أن الكثيرين خاصة من الأجيال الجديدة لا تعرف شيئا عن يهود مصر ومعتقاتهم وطقوسهم الدينية وإلى أي أرض ينتمون ؟! بالرغم من رفض المجتمع لهم حاليا إلا أنهم مصريون أبا عن جد ويحبون تراب هذا البلد وكان للبعض منهم إسهامات عديدة في المجتمع حتى تبقي منهم مايقرب من 40شخصا لم يتركوا مصر حتى الآن حتى بعد الكثير من المغريات والعروض التي تتلقاها الطائفة اليهودية من إسرائيل لإنهم وجدوا فى بلدهم التي عاشوا فيها حاجة حلوة تستحق ألا يتركوها .. تعد الطائفة اليهوية التى سكنت مصر من أكبر الطوائف اليهودية في العالم العربي وأكثرهم نفوذا وانفتاحا ومشاركة في مختلف المجالات وهذه الطائفة تشكل أقدم مجتمع يهودي حيث يعود تاريخ وجود اليهود في مصر إلى بداية أول أسرة يهودية وهى أسرة يعقوب بن إسحاق وهجرتها إليها بعد وصول النبي يوسف إلى منصب هام في حكم مصر . وبالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة في عام 2004 بعدما وصل إلى 80 ألف في عام 1922 ويبلغ عددهم الآن حوالي 40 يهوديا 30 منهم يعيشون في الإسكندرية حسب تقرير الجمعية العامة للطائفة اليهودية في مصر وكان هناك الآلاف من اليهود المصرين الذين يعملون في شتى الحرف ويختلفون من حيث المستوى الاقتصادي وأيضا في مواهبهم وظهر منهم العديد من النجوم والمشاهير بداية من يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ، إلى نجمة الغناء العظيمة ليلى مراد ولكن ظهور الحركة الصهيونية التي قامت بانتزاع فلسطين ،وتأسيس دولة إسرائيل أدى إلى هجرات متتابعة لليهود المصريين ثم الحروب المتتالية مثل حرب 1948 و1956و1967 ليصبح أعداد اليهود المصريين المقمين في مصر حتى الآن محدود. وقد كانت مصر هي الوطن الأول الذي نشأت فيه اليهودية وبالتالي فإن الوجود اليهودي بمصر هو الأقدر فى العالم حتى اذا ماتمت مقارنته بفلسطين ذلك أن الوصايا العشر التي تعد البداية الفعلية لليهودية نزلت بشبه جزيرة سيناء في جبل الطور على موسى عليه السلام . وعلى صعيد المذهب انقسم يهود مصر بشكل اساسي إلى طائفتين هما الربانيون وهم من يتبعون تعاليم التلمود ويولونها أهمية كبيرة بالإضافة إلى التوراه والقرءان الذين لا يؤمنون بتعاليم التلمود وهم أقرب إلى صورة ابن البلد ثقافيا فى الزى واللغة و الأنماط الاجتماعية واقتصرت إقامتهم فى منطقة درب البرابرة ويقول جاك حاسون أحد يهود مصر الوطنيين أن انغلاق القرائي نفى تجمعتهم الرئيسة " حارة اليهود ومصر القديمة حول المعبد بنى عزرا لم ينتج بسبب أى تهديد من الطوائف المحلية الأخرى ولكن بسبب هجرة اليهود السفارديم المتزايده وأغلبهم من الربانيين لمصر .. يقول أحمد صادق سعد وهو في الأصل ابن عائلة من السفارديم تحمل الجنسية الإيطالية جاءت إلى مصر من تركيا أننا كنا نتحدث الفرنسية والإنجليزية في المدرسة والإيطالية في البيت والعربية مع المواطنين في الشارع فقد اندمجنا مع العادات والتقاليد المصرية .. وعلى جانب آخر فإن الفكر الصهيوني لم يستطع بسهولة وبشكله الأكثر وضوحاً أن يجتذب اليهود المصريين في تلك المرحلة حتى الرواد المتحدون لم ينجحوا في إرسال أكثر من دفعة واحدة من الشباب المصري اليهودي إلى الكيبوتسات " التجمعات السكنية في إسرائيل . وعلى الوجه الآخر في حياة اليهود في مصر كانت فضيحة لافون " هي القشة التي قصمت ظهر البعير كي يبدأ بشكل جماعي كبير وملحوظ إحساس اليهود المصريين بالخطر واحتياجهم إلى الهجرة الجماعية ، وذلك عندما حوكم مجموعة من اليهود الشبان بتهمة التجسس لحساب إسرائيل وكانوا قد قاموا بإنشاء خلية قامت باعديد من أعمال التفجير لمكاتب بريد ودور سينما وكان أشهرهم الطبيب اليهودي القرائي الدكتور موسى مرزوق الذي أدن وأعدم عام 1955 برغم العديد من توسطات الشخصات القرائية . وجاء إعدام يهودي قرائي بتهمة التعاون مع إسرائيل ثم نشوب أول حرب مباشرة بين إسرائيل ومصر فى العام التالي كعاملين أساسيين في تحول حياة اليهود المصريين فقد أصبحوا أكثر تأثرا بالدعاية الصهيونية والتي كانت تصدر عن الوكالة اليهودية فى نيويورك حول وضعهم الذي يقارب وضع اليهود فى أوروبا النازية . ولايستطيع أحد أن يمحو وجود معابد يهودية فى مصر والذي يندرج بعضها تحت الآثار السياحية والدينية فهناك 17 أثراً لليهود 14 منهم فى القاهرة مع معبدي "إلياهوهانبى" بالإسكندرية ويبلغ عدد المعابد اليهودية المسجلة أثرياً 9 معابد وغير مسجلة 9 مثلها ومن المعابد المشهورة بالقاهرة " موسى ابن ميمون " بحارة اليهود ومعبد "هشامايم" بشارع عدلي . لم تكن الطائفة اليهودية مجرد سكان فحسب بل كان لها أنشطتها المختلفة منها إصدار المطبوعات الورقية فمن أشهر الصحف اليهودية " لافا ولاروز والشمس فكان للصحافة دور كبير فى حياة اليهود المصريين فقد أسسوا أكثر من 50 جريدة بلغات مختلفة بدأت أولها في عام 1879 عندما أصدر "موشى كاستيل"مجلة الكوكب المصري وكنت سياسية وأدبية وفنية وظائف قيادية. وفي حياتهم العملية .. كان يهود مصر يتقلدون الوظائف العامة والخطيرة دون تمييز ، بل استعان بهم الخديوي إسماعيل في الحصول على القروش من بيوت المال الأوروبية التي سيطر عليها اليهود الاوروبين. ويعد يوسف أصلان قطاوي أول يهودي مصري يعين بالبرلمان عام 1914 ثم وزيرا للمالية عام 1924 في عهد الملك فؤاد إما على الصعيد الاقتصادي أسس اليهود وساهموا في تأسيس 103 شركة بين مجموعة الشركات الاقتصادية في مصر البالغ عددها 308 شركة خلال أربعينات القرن ال20 وهي السنوات التي بلغ فيها العداء لليهود ذروته في جميع البلاد الأوروبية مما يدل على إنهم كانوا ينعمون ى مصر بما لم ينعموا بيه في أي بلد أخر . وفى المجال الرياضي مثل بعضهم مصر في بعض المسابقات الرياضية الدولية مثل سلفاتور شيكوريل الذي كان بطل مصر ى في لعبة الشيش سيف المبارزة فى دورة الألعاب الاولمبية عام 1928 وحصل فريق نادي المكابي اليهودي على بطولة مصر فى كرة السلة كما حصل ايزك ايميل على بطولة مصر في الملاكمة أما كوهين نجار فكان صاحب البطولات فى لعبة التنس . وفى الفن لمع الكثير من اليهود المصريين مثل يعقوب صنوع وكاميليا وداوود حسني وراقية ونجمة إبراهيم وتوجو مزاحي وليلى مراد ومنير مراد ونجوى سالم وكانت راقية إبراهيم واسمها الحقيق راشي لليفي نجمة السينما الأولى في مصر ثم هاجرت الى أمريكا لتعمل في الوفد الإسرائيلي بالأمم المتحدة لتفتتح بعدها متجرا لبيع التحف الشرقية التي تستوردها من إسرائيل والهند وبالرغم من حبهم وتمسكهم بالبقاء على ارض مصر إلا إن المخاوف تسللت إلى قلوب الباقية المتبقية من الطائفة اليهودية من التغيرات التي تشهدها من بعد الثورة خاصة ان النظام السابق كان يمنحهم الكثير من المميزات بداية من الاهتمام بالمعابد والمقتنيات الموجود ه بها من جهة والاهتمام بأبناء أطائفة اليهودية بصورة عامة يقول يوسف جاروف رئيس الطائفة اليهودية بمحافظة الإسكندرية إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يعلم تماما ان هناك فرق كبير بين اليهود وإسرائيل على حد قوله معترفا بأن غالبيا اليهود الذين غادروا مصر وهاجروا منها بعد عام 1952 بسبب تأثرهم بالشائعات التي كانت تزعم بأن الضباط الأحرار سيتعرضون لهم ويقتلونهم إلا أن الواقع اثبت عكس ذلك حيث تواجد الكثير من اليهود فى مصر دون أن يمسسهم أي شخص أو يتعرض لهم بسوء ويعترف جاؤون بان الكثير من عائلته اليهودية حاولوا اقناعه بالهجرة إلى إسرائيل أو أوربا الا انه اصر على التواجد والحياة بمصر التي لم ير بها إلى كل خير وطيبة من شعبها. - من مجلة "فيها حاجة حلوة "أحدى مشروعات تخرج أكاديمية أخبار اليوم