ليه صافيناز كلت دماغ الرجالة؟ ماحدش نسى ظهور صافيناز فى فيلم القشاش، يا إما عشان دماغه اتاكلت من اللى بيحصل عالشاشة (أستغفر الله)، يا إما عشان ودانه اتاكلت من كثر ما سمع الأغنية، يا إما عشان الكلام المستمر عن صافيناز الراقصة البارعة الرشيقة الجبارة. الناس واخدة مواقف مختلفة من صافيناز: فيه ناس تقول لك فين أيام سامية جمال وتحية كاريوكا، وناس تقول لك إن صافيناز خطر على الرجالة، وناس تقول لك إنها عايزة تسوّأ سمعة مصر، وناس تقول لك أعوذ بالله. سيبك من الناس دى وخللينا نفكّر فاللى دخّل صافيناز فى الوعى الجمعى، وهنا ممكن نستعين بالناقدة البريطانية لورا مالڤى. فى مقال شهير عن "المتعة البصرية والسينما الروائية"، مالڤى كانت مهتمة بتحليل نفسى لصورة الستات فى السينما التجارية الأمريكية. ابتدت مالڤى بفكرة بسيطة: إذا الناس اللى بتصنع الأفلام والناس اللى بتتفرج عليها من مجتمع واحد، والمجتمع ده عنده أفكار ذكورية عن صورة الست، هيبقى اللى بيصنع واللى بيتفرج عندهم نظرة ذكورية للستات فى السينما ومافيش فرق بين اللى عمل الفيلم واللى هيتفرج عليه. النظرة دى ذكورية لأنها بتحوّل الستات من بنى آدمين بيفكروا وبياكلوا وبيتنفسوا لأشياء مخلوقة عشان الفرجة، والفرجة لها متعة من نوعين: يا متعة إن الواحد يتفرج على جسم الست وكأنه بيتلصص من خرم المفتاح، يا متعة إن الواحد يتخيل نفسه وكأنه واحد من الرجالة اللى بيتفرجوا جوة الفيلم نفسه. النوعين من المتعة موجودين فى أغنية القشاش. الكاميرا شغّالة رايحة جاية على صافيناز ووشها وصدرها ووسطها ورجليها، وجسمها عمّال يترعش بسم الله ما شاء الله، وكأن الواحد قادر يبص أو يحس بجسم الراقصة من جوة الكاميرا. ولما الكادر بيوسع بنشوف جمهور كبير عريض من الرجالة الفرحانين بيريّلوا على صافيناز، والمتوقّع إن اللى قاعد فى الصالة مريّل برضه وعمّال يصقف وكأنه جوه الفرح اللى بيحصل فى الفيلم. يعنى النظرة الذكورية واضحة من ثلاثة أطراف: الكاميرا اللى بتصوّر صافيناز، والمشاهدين اللى بيتفرجوا عليها فى السينما، وشخصيات الفيلم اللى بيتفرجوا عليها جوة الفيلم. مالڤى كانت مقتنعة إن التحليل ده هيكسر إحساسنا بالمتعة البصرية فى الأفلام، لأنه بيفكّرنا باستبداد الرجالة فى المجتمع وده واضح فى حالة الراقصات فى الأفلام المصرية، إن كان فى طريقة تصويرهم وعرض أجسامهم للإستهلاك أو فى المشاهدين اللى عايزين يشوفوا أجسامهم أو حتى فى شخصيات الفيلم اللى بيبصوا لهم بصّات غشيمة. واللى هيقول "هى بترقص ليه أصلاً" بيشارك فى نفس النظرة الذكورية لأنه شايف إن الوضع الطبيعى هو إن الستات ماتعملش حاجة إلا عشان تبسط الرجالة، وإذا عملت أى حاجة يبقى حق الرجالة إنهم يتفرجوا على الوش والصدر والوسط والرجلين.
أضعف نقطة فى تفكير مالڤى إنها شايفة إن اللى بيتفرج دايماً بيتفرج بنفس الطريقة وبنفس النظرة، مع إن الرجل العجوز اللى بيشوف صافيناز على الفيديو غير الست اللى بتتفرج على صافيناز فى المول أو الشاب اللى بيشوفها فى السينما مع أصحابه. أكيد الفيلم بيعرض صافيناز بكل إمكانياتها (أستغفر الله)، إنما مش شرط إن كل المشاهدين يشوفوا الإمكانيات دى بنفس الطريقة. اللى حققته مالڤى إنها توعّينا بإن التهييس أو الترفيه اللى بنشوفه عالشاشة هى فى الواقع بتعمّق النظرة الذكورية، زى نظرة السبكى بالضبط، اللى بيعمل مشاهد الرقص وكأنه بيبيع لحمة.