أكد تقرير رسمى صدر حديثا عن الكونجرس الأمريكى أن نفوذ الولاياتالمتحدة على القيادة الجديدة فى مصر، فى أعقاب الإطاحة بنظام جماعة الإخوان المسلمين، قد أصبح محدودا. وأوضح التقرير الصادر عن خدمة الأبحاث فى الكونجرس، أن هناك انقساما فى الكونجرس بشأن اتخاذ إجراءات لقطع أو تعليق المساعدات العسكرية لمصر، ففى حين دعا البعض من أعضاء الكونجرس إلى اتخاذ إجراءات عقابية فإن آخرين حذروا من اتخاذ أى خطوات يمكن أن تهدد المصالح الأمريكية المتمثلة فى الأمن والاستقرار فى المنطقة. التقرير الذى جاء 15 صفحة وحصلت «التحرير» على نسخة منه، يلفت إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما تعاملت حتى الآن بحذر مع الدعوات لاتخاذ إجراءات أكثر حزما ضد مصر، وكثير من التقارير تشير إلى أن المسؤولين الأمريكيين وبعض أعضاء الكونجرس تنتابهم حالة من التردد بشأن إحداث أى توتر فى العلاقات بين الجيشين الأمريكى والمصرى. ونبه التقرير إلى أنه إذا تم قطع العلاقات العسكرية مع الجيش المصرى، فمن الممكن أن يكون لذلك تبعات سلبية بالنسبة إلى مرور الجيش الأمريكى من مصر «سواء عبر قناة السويس أو الطلعات الجوية الإضافية» واستمرار السلام مع إسرائيل. وأشار التقرير الذى أعده جيرمى شارب، خبير شؤون الشرق الأوسط بخدمة الأبحاث بالكونجرس، إلى أن الجنرال جيمس ماتيس، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية قال إن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى مصر «لأننا نحتاج إليهم (المصريون) بسبب قناة السويس ونحتاج إليهم بسبب اتفاقية السلام مع إسرائيل ونحتاج إليهم لمواصلة الحرب ضد المتطرفين العنيفين، الذين يمثلون تهديدا لانتقال مصر إلى الديمقراطية تماما مثلما يهددون المصالح الأمريكية. كما أن خبراء متخصصين مثل البروفيسور مارك لينش، المتخصص فى الشؤون المصرية بجامعة جورج واشنطنالأمريكية، قال إن «مسألة الدعم للجيش المصرى أصبحت شيئا رمزيا يتحدث عنه الجميع باستمرار. المساعدات فى حد ذاتها ليست بهذه الضخامة من الناحية المادية، فكثير من الأموال يعود فى واقع الأمر للشركات الأمريكية.. ومن ثم فهى مسألة رمزية قبل أى شىء، لكن لها دلالة قوية.. أنا لست مؤمنا بفكرة أن نكون مضطرين دائما لأن نتخذ مواقف واضحة طوال الوقت.. لقد فعل الجيش المصرى بوضوح عكس ما أبلغناهم به ضمنيا. كيف ما زلنا نتظاهر بأن هذا الدعم يمنحنا أى نفوذ؟». ويلفت كاتب التقرير إلى أن النفوذ الأمريكى على مصر يقع فى القلب من النقاش الدائر حاليا فى الكونجرس. فمن يريدون فرض عقوبات على الحكومة المصرية يعتقدون أن واشنطن تصرفت بشكل ضعيف للغاية، وأن قطع المساعدات ولو بشكل مؤقت يمكن أن يحفز ضغوطا اقتصادية دولية إضافية يمكن أن تغير من حسابات الجيش المصرى. لكن الفريق الآخر يرد بالقول إن دول الخليج العربى المعارضة للإخوان قدمت بالفعل 12 مليار دولار لمصر فى صورة تمويلات قصيرة الأجل، ومن المرجح أن تتحرك لتعويض أى مساعدات أمريكية أو من مانحين دوليين آخرين. ونبه التقرير إلى أن بعض المراقبين يؤكدون كذلك أن أى توتر فى العلاقات بين الولاياتالمتحدة والجيش المصرى سوف يفتح الباب لعودة النفوذ الروسى فى أكبر بلد عربى. ونقل التقرير عن دبلوماسى عربى لم يذكر اسمه القول إنه «إذا تم قطع المساعدات (الأمريكية لمصر) فكن على يقين من أن بوتين سيكون فى القاهرة فى غضون شهرين أو ثلاثة.. وسوف يقدم المساعدات من دون أى شروط». ويمضى التقرير للقول إن «الشعور بأن الولاياتالمتحدة إما أنها تفتقر إلى النفوذ على مصر أو غير مستعدة لاستخدام أوراق الضغط لديها لمنع انتهاك حقوق الإنسان الأساسية على يد أحد حلفائها، يمكن أن يضعف دور الولاياتالمتحدة.