مسيرة إلى مبنى «واشنطن بوست» احتجاجًا على تعامل الصحيفة مع الشأن المصرى تثير انتباه أهل واشنطن الصحف الأمريكية منشغلة بالحديث عن الإفراج عن مبارك.. وصوره تتصدر الصفحات الأولى الخارجية الأمريكية أكدت أن الإفراج عن مبارك شأن داخلى.. وواصلت مطالبتها بالإفراج عن مرسى والمعتقلين الإخوان المظاهرة المصرية الصاخبة أمام البيت الأبيض كانت الحدث والحديث فى واشنطن يوم الخميس. خصوصًا أن مئات من المصريين الأمريكيين شاركوا فى هذه المظاهرة التى جسدت وعكست المواجهة مع الإخوان والترحيب بالسيسى وأيضا التنديد بسياسات أوباما. كما أن المسيرة التى تلت المظاهرة للذهاب إلى مبنى «واشنطن بوست» احتجاجًا على تعاملها مع الشأن المصرى أثار انتباه أهل واشنطن وتحديدا الإعلاميين منهم. وقد عاد مبارك من جديد بصوره ليتصدر الصفحات الأولى للصحف الأمريكية الكبرى، ويلقى الاهتمام الأكبر فى نشرات الأخبار بالشبكات التليفزيونية. أما الخارجية الأمريكية فقد اكتفت بالقول بأن الإفراج عن مبارك شأن داخلى إلا أنها واصلت مطالبتها بالإفراج عن مرسى وكل حالات الاعتقال القسرى من القيادات الإخوانية لتحقيق المصالحة والعملية السياسية التى لا إقصاء فيها. كما دعت جين ساكى المتحدثة باسمها الحكومة المؤقتة فى مصر «أن تعطى تعليماتها بوضوع لقوات الأمن بأن الصحفيين لا يجب أن يكونوا أهدافًا لأى عنف أو تخويف، وأنه يجب حمايتهم والسماح لهم بالتحرك فى حرية لأداء مهامهم». وجاءت كلمات ساكى ردا على سؤال طرح حول اعتقال الصحفى التركى متين توران. كما شهد «نادى الصحافة القومى» بواشنطن الخميس مؤتمرين صحفيين تخص مصر وأحوالها. أحد هذين المؤتمرين كان ظهر الخميس، وقد شارك فيه قيادات مصرية أمريكية و«تحالف المصريين الأمريكيين» للحديث عن الواقع الجديد وبيان دور الجيش فى العملية الانتقالية، وما عانت من البلاد بوجود مرسى والإخوان. قبلها بساعات شهد النادى أيضا مؤتمرًا صحفيًّا للتنديد بحكم العسكر وقمعهم نظمته المجموعة الوليدة المسماة «الأمريكيون المصريون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان» ومعها منظمات إسلامية أمريكية، وجاء المؤتمر الصحفى (وهو الثانى خلال أسبوعين) للتنديد بالهجمات التى استهدفت أماكن العبادة الكنائس والمساجد وعدم قيام الحكومة المؤقتة بتوفير الحماية اللازمة لها. وبالطبع التذكير بأن الحكم العسكرى والسيسى يتحملان المسؤولية فى كل ما حدث. وخلال المؤتمر الذى لم يحضره إلا عدد قليل جدا من المهتمين والصحفيين الذين لا يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة. قيل «أن حرق الكنائس كان يحدث فى عهد مبارك وها هو يعود من جديد بعد ذهاب مرسى»، و«أن لا واحد مسيحى قتل خلال حرق المساجد ال40»، و«أن قوات الأمن سمحت بأن تحترق تلك الكنائس»، و«أن مصر أقل أمانًا اليوم مما كانت أيام مرسى»، وانتقد أحد القيادات الإسلامية مشاركة شيخ الأزهر والبابا فى الاحتفاء بالانقلاب العسكرى، وذكر أن ما تعانى مصر الآن هو القضاء الفاسد والأمن الفاسد والإعلام الفاسد. وجدير بالذكر أنه كلما بدأ مسؤول أو قيادى الحديث حرص على القول بأنه ليس من الإخوان. ومؤتمر الخميس بدأه أحد القيادات العربية الإسلامية بالحديث عن بشائع حكم الأسد فى سوريا وآخرها الهجوم الكيماوى، ومن ثم تم ربط الأمر بما يجرى اليوم فى مصر من خلال العسكر والسيسى. وما لفت انتباه أهل واشنطن كان المسيرة المصرية الغاضبة إلى مبنى «واشنطن بوست» فى شارع 15 بشمال غرب العاصمة. ولعل من أظرف التعليقات التى أطلقت فى واشنطن: «جرت العادة أن يطارد الصحفى الخبر لكى يحصل عليه. يوم الخميس الخبر جاء إلى باب الجورنال نفسه». وبدأت التويتات عن هذا الحدث الواشنطنى تنتشر وتزف هذا «التحول الصحفى»، الذى أدى إلى إغلاق مدخل المبنى لبعض الوقت. كما اهتم موقع الصحيفة الإلكترونى فى نشر صور وفيديو عن هذا الحدث. وقام بلوجر «واشنطن بوست» للسياسة الخارجية ماكس فيشر بإعداد تقرير عن المظاهرة المصرية وتنديدهم بالإخوان وسياسات أوباما ومتابعات «واشنطن بوست». كما أنهم باللافتات والهتافات أعربوا عن ترحيبهم بالسيسى.وفى مقال ب«واشنطن بوست» كتب تشارلز كروثهامر الكاتب اليمينى البارز أن الخيار بالنسبة لحال مصر هو أن تقف الولاياتالمتحدة مع السيسى لا مع الإخوان. ويلاحظ أن السياسيين والكتاب اليمينيين ووسائل الإعلام اليمينية والمتشددة منها على وجه التحديد تنتقد وبشدة مواقف الرئيس أوباما من مصر سواء لأن كل ما يأتى من جانب أوباما «ليس مقبولًا بل مرفوضًا على طول»، وأيضا لأن اليمين لا يقبل شكلًا أو مضمونًا الإسلام السياسى مهما تغيرت الوجوه وتبدلت المسميات وتزينت الأساليب. فالخطر واحد. والتهديد واحد! فى رأيهم. وكتب كروثهامر: «إن مصر اليوم هى لعبة المنتصر والمهزوم. ونحن قد فضلنا إيجاد البديل الديمقراطى. ومع الأسف لا يوجد هذا الخيار. الخيار هو بين اثنين إما أن الدولة سيديرها الإخوان المسلمون وإما يديرها الجيش. وربما كان الأمر يجب أن يكون مختلفًا. وربما كان على الجيش أن ينتظر ثلاث سنوات لكى يتم إخراج محمد مرسى بشعبيته المحدودة من منصبه بالتصويت فى الانتخابات. لكن يبدو أن الجنرال السيسى قد أجرى حساباته، ووجد أنه ليس لديه ثلاث سنوات للانتظار. ووقتها قد لا تحدث انتخابات مثلما حدث فى غزة. حيث الجناح الفلسطينى للإخوان حركة حماس التى تم انتخابها عام 2006، التى أسست ديكتاتورية شخص واحد وصوت واحد لمرة واحدة». وذكر أيضا: «فى ما يتعلق بمستقبل مصر فإن الإخوان لم يقدموا شيئًا إلا حكمًا غير كفء وغير متسامح يزداد ديكتاتورية. فى سنة واحدة تمكن مرسى من تبديد 85 عامًا من هيبة الإخوان اكتسبتها، وهى فى المعارضة (حيث يمكن أن تعد بالوصول إلى القمر!)، وذلك عن طريق ملاحقة الصحفيين والنشطاء وإعطائه لنفسه السلطة المطلقة عن طريق القرارات. وتكريس دستور إسلامى وطائفى والمحاولة منهجيًّا للسيطرة على أدوات حكم الدولة. وكأن هذا لم يكن كافيًّا فإن الإخوان بعد إطاحتهم أظهروا أنفسهم بأنهم هم الجماعة التى إذا غضبت أحرقت الكنائس!». وحول ما اختاره الشعب المصرى قال الكاتب الأمريكى: «إن الجيش قد يكون وحشيًّا ودمويًّا وليس بديلًا جذابًا للغاية. ولكن ما يهم هو ما يعتقده الشعب المصرى. أن المظاهرات ضد مرسى كانت الكبرى فى التاريخ المصرى. وأثارتها خيانة مرسى لثورة كانت تنوى أن تكون بداية جديدة للكرامة الشخصية والديمقراطية. والمتظاهرون طالبوا بصراحة بإطاحة مرسى. ويبدو أن الغالبية العظمى ترحب بالقمع العسكرى الذى يستهدف القضاء على خطر الإسلاميين. وأملهم الوحيد وإن كان صعبًا هو الانتقال الديمقراطى فى نهاية المطاف. ثم يذكر القراء قائلا: «إن النظم الاستبدادية التى ساندناها فى كوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وتشيلى والبرازيل، وحتى إسبانيا والبرتغال (وحكمها الفاشيون إلى منتصف السبعينيات) مع مرور الزمن أتت بنتائج ديمقراطية». ويختتم كروثهامر مقاله بالقول: «فى ما يخص مصر وبدلا من تأجيج المشاعر يجب أن نفكر. ما الأفضل بالنسبة إلى مصر وبالنسبة لنا وبالنسبة إلى احتمال بعض من المستقبل الديمقراطى فى نهاية المطاف. تحت حكم الإخوان احتمال كهذا صفر، أما تحت حكم الجنرالات فهو ضئيل. والضئيل يغلب الصفر». ما يحدث فى مصر له أصداء وردود أفعال وانعكاسات وتبعات و«إعادة حسابات» و«تقييم سياسات» لدى أهل واشنطن. لذا لزم التنويه. لمن يعنيه الأمر.