"ذاكر واتعلم واتفوق وجاب مجموع يرفع الراس، دخل كلية الطب، وأبوه وأمه طاروا من الفرحة، نجح في أولى وتانية وتالتة ورابعة وخامسة طب، وهانت كلها سنتين ويكون دكتور أد الدنيا، بس للأسف.. مات!".. هكذا وصف مصطفى راشد، صديقه الراحل، أحمد مدحت، طالب الفرقة الخامسة بكلية طب عين شمس، الذي قال بيان لوزارة الداخلية إنه ألقى بنفسه من نافذة أثناء مداهمة قوات الأمن لإحدى شقق الدعارة، فيما اتهم شقيقه وعدد من زملائه الشرطة بقتله تحت التعذيب. ومن جانبه، قال علي ناصر، أحد أقرب أصدقاء القتيل ل"التحرير": "أنا وأحمد زملاء من أيام المدرسة، طول عمره كان متفوق وبيطلع من الأوائل، وكل مدرسينه بيشهدوا ليه بكده"، مضيفاً "أحمد كان فوق الاحترام، وكان قارئ جيد للقرآن، عائلته من أكثر العائلات احتراماً، ومكانش له أي علاقة بالسياسة". وحول اتهام الشرطة لأحمد مدحت بالتواجد في شقة مشبوهة قبل وفاته، قال ناصر "شقق مشبوهة!.. ده كلام الشرطة عشان يبرءوا نفسهم، لكن أقسملك بالله أحمد عمره ما كان ليه في الوساخة دي، وعمر ما حد هيصدق اللي اتقال، لكن زي أي حد بيتقتل بيقولوا عنه أي كلام"، نافيًا انتماء القتيل لجماعة الإخوان المسلمين أو أي تيار سياسي آخر، مؤكدًا أنه "اتاخد غلط"، على حد تعبيره. تقول رواية وزارة الداخلية إن أحمد مدحت ألقى بنفسه من نافذة شقة الدعارة هربًا من قوات الأمن، رغم أن كونه من "راغبي المتعة" - على حد قول الوزارة - لا يعني كونه متهمًا بأي شيء وفقًا للقانون المصري. يقول المحامي محمد يوسف إن "قانون مكافحة جرائم الآداب رقم 10 لسنة 1961، يعتبر راغب المتعة في حال القبض عليه بمكان لممارسة الفجور "شاهداً" وليس متهماً، حيث يجري التحفظ عليه وعرضه على النيابة، ويُسأل كشاهد ثم تُخلي النيابة سبيله، فيما يتم قيد القضية ضد المتهمات من النساء فقط". وكانت حركة "6 أبريل" قد اعتبرت أحمد مدحت "خالد سعيد جديد"، في بيان لها عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، فيما كشف والده عن اقتحام قوات الأمن لمنزل الأسرة، يوم 5 أغسطس 2015، وإلقاء القبض على أحمد الذي ظل مختفيًا ل3 أيام في مقر أمن الدولة بمدينة نصر. وأضاف والد القتيل - في تصريحات صحفية - أن ابنه ظهر في اليوم الرابع أمام النيابة، حيث أخلت سبيله بكفالة 500 جنيه، على ذمة "قضية تظاهر بدون تصريح وحيازة أسلحة ومتفجرات". وأشار إلى أن القضية ضمت 3 متهمين إلى جانب ابنه، بينهم طفل يبلغ من العمر 13 عامًا، قبل أن يصدر حكم غيابي ضد أحمد بالحبس عامين مع الشغل، بالإضافة إلى غرامة 50 ألف جنيه، بتاريخ 13 فبراير الماضي. وقال والد أحمد إن قسم أول مدينة نصر أبلغه في البداية بأن قوات تنفيذ الأحكام قد ألقت القبض على ابنه، لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر في قضية التظاهر، لكن أحمد حاول الفرار والقفز من سيارة الشرطة ما أدى إلى وفاته، قبل أن تصدر وزارة الداخلية روايتها المتعلقة بشقة الدعارة، والتي تتناقض تمامًا مع الرواية الأولى.