الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    تشغيل تجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    أمين «البحوث الإسلامية» يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء.. صور    نقيب المحامين ل«الأعضاء الجدد»: الركود الاقتصادي يؤثر على المهنة ونواجه تحديات كبيرة    ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى في 7 أسابيع    تفاصيل تعديلات مشروع قانون الإجراءات الضريبية الموحد وأهدافه    رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاعى السياحة والآثار    توزيع لحوم الأضاحي على 21 ألفا و680 أسرة من الأكثر احتياجا في أسوان    جيش الاحتلال: اعترضنا صاروخا أطلق من اليمن    إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد الليلة اجتماعًا تشاوريًا بشأن المحتجزين في غزة    مسئول فلسطيني يرحب بقرار بريطانيا فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين    التعاون الإسلامي تدين اعتداء الاحتلال على سفينة كسر الحصار عن غزة    الأردن وفرنسا يعربان عن تضامنهما مع النمسا جراء هجوم مدرسة "جراتس"    بعثة باريس سان جيرمان تطير إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية 2025    الإمارات وقطر يحجزان مقعديهما بالملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    جدل في الزمالك بسبب تقرير ميدو بشأن الفريق.. ومصدر: «باعته بالإنجليزي»    لافيينا ينجح فى البقاء بدورى المحترفين بالموسم الجديد    استمرار أعمال البحث عن 3 جثامين من ضحايا حادث سقوط تروسيكل في نيل أسيوط    وزير البترول: توفير فرصتي عمل لأسرة البطل خالد شوقي ووديعة بمليون جنيه    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    بشعار كامل العدد.. فعاليات وزارة الثقافة في عيد الأضحى تحقق رواجًا لافتًا    ملك زاهر تكشف عن تعرضها لوعكة صحية وتطلب الدعاء من جمهورها    تارا عماد تخطف أنظار الجمهور بإطلالتها في حفل زفاف أمينة خليل الثاني (صور)    نوال الزغبي تطرح " ماضي وفات".. تفاصيل    إعلام إسرائيلى: ترامب طلب من نتنياهو إنهاء الحرب    5 أبراج بتعرف تسمعك وتقدم لك الدعم أحسن من ChatGPT.. أبرزهم العذراء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الأوقاف تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025م.. تعرف عليها    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    كيف ترد روسيا على «بيرل هاربر» الأوكرانية؟    موعد مشاهدة مباراة هولندا ضد مالطا والقنوات الناقلة    الحكومة النمساوية تكشف هوية منفذ الهجوم على مدرسة في جراتس    مؤسسة الجامعات الأوروبية في مصر تستضيف حفلًا فنيًّا جماهيريًّا مميزًا    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    الحكومة المصرية تستعد للقضاء التام على مرض الجذام    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات أولى جلساتها عقب إجازة العيد    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بقرية سياحية في مطروح    شروط جديدة لاستحقاق خدمات التأمين الصحي وعقوبة الحصول عليها بالمخالفة؟    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    المؤبد ل 8 متهمين لشروعهم في قتل شخصين بالقليوبية    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    «الرعاية الصحية»: أكثر من 189 ألف خدمة طبية وتوعوية خلال عيد الأضحى    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    الأزهر للفتوى يوضح سبب تسمية بئر زمزم    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسافة بين الواقع والعالم الافتراضي
نشر في التحرير يوم 22 - 08 - 2016

لا أحد يمكنه التقليل من قيمة شبكات التواصل، فالواقع يقول إنها أصبحت النافذة الأكثر حرية للتعبير، والوسيط الأهم في نقل الأخبار، لكنها في الأخير تظل وسيلة تواصل، ووسيلة لنقل الأخبار، وربما فضح الخبايا والأسرار، لكن التعامل معها على أنها "مصدر تغيير" فخ الوقوع فيه يضر ولا يفيد.
مع صعود الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكم بعد معركة دامية مع جماعة الإخوان المسلمين، تغيّرت الأوضاع السياسية بصورة حادة في مصر، وأصبح القضاء على الإرهاب والحفاظ على ما يوصف بمؤسسات الدولة هو الأولوية الأولى للسلطة، ما أسفر عن تضييق بالغ على الحريّات عامة وحرية الإعلام خاصة.
ومع تقلّص دور الإعلام التقليدي، زاد الاعتماد على الإعلام البديل المتمثل في صفحات التواصل الاجتماعي، وشيئًا فشيئًا تحول أي انتصار لمعركة في السوشيال ميديا إلى انتصار لقوى المعارضة يستوجب التهليل والفرح.
لكن هل حقًّا صفحات التواصل الاجتماعي بهذه القوة؟ وهل هي فعلا قادرة على الإطاحة بهذا والإفراج عن ذاك؟ أم أن قاطنيها بالغوا في تقدير قوتها؟
لعل نظرة مدققة على حقيقة ما جرى في بعض انتصارات "فيسبوك" ربما تخبرنا الكثير عن طبيعة الصراع الدائر بين الواقع والعالم الافتراضي.
"دويتش فيله" وماهينور المصري:
في الأسبوع الماضي، قام ناجي عباس الصحفي بمؤسسة دويتش فيله الألمانية، بكتابة منشور على صفحته بموقع فيسبوك (وصفه هو لاحقًا بأنه ساخر)، يحرض فيه على إلقاء ماء نار على الناشطة ماهينور المصري.
انتابت مستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي من المحسوبين على التيار المدني موجة غضب، وتداولوا منشور الأستاذ ناجي باستياء بالغ.
وفي غضون ثلاثة أيام من تلك الحملة، أعلنت مؤسسة دويتش فيله فصل الصحفي، ليحتفل رواد فيسبوك بالنصر، وتعود لافتة "إحنا مؤثرين" وthe power of social media لتتصدر صفحات الكثيرين.
لكن إحقاقًا للحق، فإن من أطاح بناجي عباس لم تكن حملة النشطاء فحسب؛ بل تدخل أحد المسؤولين الأوروبيين ممن يديرون ملف مكافحة الإرهاب في أوروبا، والذي ما إن نما إلى علمه أن هناك مواطنًا على الأراضي الأوروبية يحرض على تشويه فتاة بماء النار، حتى انزعج بشدة وقرر التحرك، ففي أوروبا التلويح باستخدام الأحماض لتشويه الناس، يندرج تحت بند الإرهاب ويلقى بظلال رعب من تكرار سيناريوهات إيران وباكستان، حيث يلقى بالأحماض على الفتيات وتشوه وجوههن على خلفية مواقف سياسية أو دينية.
اتصل المسؤول الأوروبي بالخارجية الألمانية مستفسرًا عما يحدث، التي بدورها أخبرته أنها ستحقق في الوضع، ثم عادت لتخبره أن الصحفي المصري أقر بأنه كتب ذلك فعلا على صفحته، وأنه سوف يفصل وقد يتعرض للمحاكمة، وهو ما نشره كاتب هذه السطور على حسابه الشخصي على فيسبوك قبل يوم كامل من إعلان المؤسسة نبأ فصله.
السؤال هل لو كان هذا المسؤول لم يُحط علمًا بالخبر أو علم وقرر عدم التدخل كانت دويتش فيله ستعاقب الصحفي المصري؟ ربما نعم، ربما لا، لا يمكن الجزم، لكن حقائق الأمور تقول "إن من أنهى الأزمة هو التدخل الفعلى على الأرض لمسؤول أوروبي وليس منشورات الشبكة العنكبوتية.
الإفراج عن حسام بهجت
في نوفمبر الماضي، وجّهت إدارة المخابرات الحربية المصرية استدعاء كتابيًّا للصحفي حسام بهجت، ثم تم تحويله إلى نيابة شمال القاهرة العسكرية للتحقيق معه على خلفية تقرير صحفي نشره في موقع "مدى مصر" بعنوان "تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب " وبعد التحقيق مع حسام أمرت النيابة العسكرية بحبسه أربعة أيام على ذمة القضية.
وعلى الفور اشتبك جمهور صفحات التواصل مع الحدث وانتشرت الهاشتاجات المتضامنة معه….. وفي غضون يوم ونصف اليوم حدث تطور دراماتيكي في القضية، حين أصدر سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون تصريحًا يطالب فيه الحكومة المصرية باحترام الحريات والإفراج عن الصحفي والحقوقي المصري حسام بهجت، ليرد عليه وزير خارجية مصر بقوة رافضًا أي تدخل في أعمال القضاء المصري، لكن إن هي إلا سويعات قلائل وفوجئ الجميع بالنيابة العسكرية تخلي سبيل بهجت فورًا، وقبل حتى أن تمضى الأيام الأربعة حبسًا التي أمرت بها، في سابقة ربما تكون الأولى من نوعها في تاريخ القضاء العسكري المصري.
الإفراج عن حسام بعد هذا الكم الهائل من التعاطف معه على صفحات التواصل عزز شعور المستخدمين بثقتهم بأنفسهم، وبأنهم نجحوا في إطلاق سراح صحفي التحقيقات بهجت.
لكن من منظور آخر وبعيدًا عن بريق الشاشات كانت هناك اتصالات مباشرة بين إحدى العواصم الغربية والمؤسسة العسكرية المصرية، نجم عنها إقناع الأخيرة بإطلاق سراح المحتجز - وقد روى بهجت في منشور له على صفحته الخاصة أن أحد الضباط برتبة لواء أخبره أن النيابة قررت حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، ولكن المخابرات الحربية هي التي قررت إطلاق سراحه اليوم.
الجدير بالذكر أيضًا أن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة المتضامن مع بهجت، أتى بعد تواصل مباشر بين بعض النشطاء المصريين وأعضاء من فريق بان كي مون، والذي أسفر عن إصدار ذلك التصريح.
السؤال مرة أخرى
ماذا لو لم يتم التواصل المباشر مع أعضاء فريق عمل أمين عام الأمم المتحدة؟ وماذا لو لم تتم وساطة مباشرة لدى المؤسسة العسكرية: هل كانت النتيجة ستكون واحدة؟ أشك.
الثابت أن أغلب النجاحات التي تحققت عبر صفحات التواصل الاجتماعي كان عامل الحسم فيها هو تحرك مباشر على الأرض، ولو كانت الحملات الإكترونية وحدها كافية لإطلاق سراح مالك عادلي وعلاء عبد الفتاح وأحمد دومة وشوكان، لكانوا خرجوا، فكلهم من نجوم صفحات التواصل.
نعم صفحات التواصل مهمة، لكن الأهم أن ندرك حقيقة حجمها وكيف تعمل، والأهم أن لا نحبس أنفسنا في العالم الافتراضي لنرى ونسمع أنفسنا فحسب، فالتغيير يحدث في الواقع وليس على الكيبورد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.