قرار جمهوري أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحمل رقم 355 لسنة 2016، قضى بتخصيص مساحة 992 فدانًا من الأراضى المملوكة للدولة، لإقامة امتداد عمراني لمدينة توشكى الجديدة. قرار الرئيس الذي اعتبره البعض باعثًّا على تعمير جزء من صحراء مصر الشاسعة، إلا أنَّ قوبل - لدى آخرين - بمنطق اللا أمل، إذ أنَّ وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية سبق لها أن حدَّدت سعر الوحدات السكنية هناك، بما يصل إلى نحو 400 ألف جنيه، لمن هم في فئة محدودي، الموصوفين أيضًا ب"الفقراء". 400 ألف جنيه = شقة لمحدودي الدخل وزارة الإسكان كانت قد أعلنت إنشاء مدينة سكنية في "صحراء توشكى" طبقًا للقرار الجمهوري رقم 199 لسنة 2000 على مساحة عشرة آلاف فدان "وسط الصحراء" لمحدودي الدخل وخدمة التجمعات الزراعية هناك، وأطلقت عليها اسم "توشكى الجديدة"، وكلَّفت المرحلة الأولى منها مبدئيًّا نحو مليار جنيه، ووصل سعر المتر في كل "شقة" بمشروع الإسكان الاجتماعي هناك 3670 جنيهًا، وبما أنَّ متوسط المساحة 105 أمتار، فإنَّ سعر الوحدة السكنية هو 385 ألفًا و350 جنيهًأ، أي أكثر من ضعف سعر المتر بنفس المشروع في قلب القاهرة بمدينتي القاهرة الجديدة والشيخ زايد. الحكومة ترفض شقق الحكومة وبينما أعلنت الوزارة انتهاء 98% من بناء 1224 وحدة سكنية، منها 612 وحدة للإسكان الاجتماعي، ومثلهم للمتوسط في "توشكى"، إلا أنَّها فشلت في بيع شقة واحدة منها رغم محاولات الوزير الحثيثية ومخاطبته أربع وزارات لديها موظفون هناك هي "الري، والزراعة، والكهرباء، والداخلية"، ولكن لم تبدِ أيٌّ من هذه الوزارات أي نية في شراء وحدات سكنية بالمدينة، حتى وإن كانت لن تدفع مليمًا واحدًا وتتحمل وزارة المالية التكلفة. وفي المقابل، رفضت أيضًا الشركات الزراعية العاملة في منطقة توشكى شراء وحدات سكنية بالمدينة، لعدة اعتبارات أهمها ارتفاع سعر الوحدات السكنية بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى أنَّهم بنوا في مزارعهم "عنابر" للعمال لديهم. تبرير وزاري ل"الغلاء" " التحرير " حصلت على خرائط تكشف تكلفة كافة بنود المرحلة الأولى من هذه المدينة من إسكان ومرافق وخدمات التي اقتربت جميعها من الانتهاء، البالغة مساحتها 2973 فدانًا والواقعة شمال غرب مدينة أبو سمبل بمسافة 90 كيلو مترًا، وجنوب شرق طريق "أسوان - أبو سمبل"، وتبعد عنه كيلو متر، وعلى مسافة 55 كيلو مترًا من الساحل الغربي لبحيرة السد العالي، والموقع عبارة عن منطقة صحراوية يحدها من الشمال مزرعة الوليد بن طلال، وتقع ترعة الشيخ زايد جنوب مدينة توشكى على الجانب الشرقى منه. مصادر بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بررت ارتفاع سعر متر الوحدات السكنية بمشروع الاسكان الاجتماعي بأنَّ هذا السعر هو سعر التكلفة في هذه المدينة البعيدة لأنَّ العمالة تأتي من محافظات بعيدة، وذلك لأنَّ أسوان ليس بها عمالة، حسب قولها، كما أنَّ جميع مواد البناء تأتي من القاهرةوالمحافظات الأخرى مثل السيراميك ومواد التشطيبات، مشيرةً إلى أنَّ مستوى تشطيب الإسكان الاجتماعي والمتوسط متقارب للغاية لذا اقترب السعر بينهما. المصادر - التي رفضت ذكر أسمائها - أكَّدت ل"التحرير" أنَّ جهاز المدينة فشل إلى الآن في بيع أي وحدة سكنية لعدة أسباب، أهمها أنَّ المنطقة ليس بها أي تجمعات سكانية ومن الصعب أن ينتقل للسكن بها أيٌّ من سكان أسوان، وأنَّه تمَّ إنشاء المدينة لخدمة التجمعات الزراعية في المنطقة. وطالبت المصادر وزارتي الزراعة والري بسرعة الانتهاء من تنمية الرقعة الزراعية بالمنطقة لجذب المزيد من العاملين بالزراعة، وبالتالي زيادة فرصة نجاح المدينة التي تكلفت مرحلتها العاجلة نحو 500 مليون جنيه التي ضمت ناديًّا اجتماعيًّا ومدرسة تعليم أساسي ووحدة صحية وسوقًّا تجاريٍّا ومبنى للشرطة والمطافئ ومجمع للمصالح الحكومية ومخبز. توشكى الجديدة.. مدينة اللا فائدة في المقابل، تساءل الدكتور محمد شحاتة أستاذ التخطيط بكلية التخطيط الإقليمي والعمراني بجامعة القاهرة عن مبرر إنشاء "توشكى الجديدة" والجدوى الاقتصادية والاجتماعية لإنشاء مدينة في عمق الصحراء لخدمة نشاط زراعي يعتمد في الأساس على التكنولوجيا الحديثة في الري والزراعة، لافتًا إلى أنَّ عدد العمالة منخفض، موضِّحًا أنَّه كان من الأفضل إنشاء تجمُّعات عمرانية صغيرة وليست مدينة جديدة. وأبدى شحاتة استغرابه الشديد وعدم تصديقه لسعر المتر الذي حدَّدته وزارة الإسكان في هذه المدينة الوليدة، والتي من المفترض أن يكون بها عناصر جذب وليست طرد، مشيرًا إلى أنَّ المدن الجديدة أصبحت مناطق للإيواء وليست مدن جديدة.