1- من اللحظة الأولى وصفت ما حدث فى 30 يونيو على أننا أصبحنا فى وضع أفضل/لكن أخطر. 2- مع سقوط المرسى دخلت قوى الثورة فى مواجهة مع الفاشية/الإخوانية وبقايا نظام قديم تحاول الخروج من مخابئها لتستعيد «نفوذها» الضائع. 3- وهذا أخطر ما فى عودة الجيش إلى صدارة المشهد، لأن فاشية الإخوان ستتخذ من الحضور مبررا لصناعة مظلوميتها «وتسمى 30 يونيو انقلابا» وقوى النظام القديم ستتخذ من حضور الجيش مظلة «وتسمى 30 يونيو ثورة/ أو تصحيحا للثورة». 4- الثورة هى التخلص من القوتين معا/ وجهى عملة دولة التسلط والوصاية. 5- وفى العادة كل من الإخوان/ وبقايا النظام القديم يبرر وجود الآخر/ أو يمنح لوجوده شرعية باعتبارنا ما زلنا فى مرحلة العبور من واقعية الاستبداد التى جعلتنا أمام اختيارين/ استقطابين/ عصابتين/ يتبادلان الحكم على طريقة الاختيار بين الموت بالسرطان أو بالسرطان. 6- وهذا ما يجعل كلا القوتين يسارع باستباق الأحداث لتحويل الخروج الكبير فى 30 يونيو إلى جسر العودة، وكما يضع الإخوان الجيش فى صورة الخائن للشرعية يضع بقايا عصابة مبارك الجيش فى صورة البطولة المطلقة. 7- وكما ظهرت الميلودراما الرخيصة فى رابعة العدوية ضد الفريق السيسى ظهر النفاق الأكثر رخصا على شاشات لم ينزعج أصحابها من بث إسفاف غنائى يفتقد صفوت الشريف أو أنس الفقى على بثه فى عز أيام مبارك. 8- ولأنهما «الإخوان، وبقايا مبارك» مجرد ضباع يعيشون على نهش «جثة الدولة» لم يلتفتوا إلى دروس 25 يناير التى سارت كلها فى أن الدولة كما تركها مبارك ميتة /ومحاولة إعادتها على طريقة مجلس المشير «طنطاوى» فشلت كما فشلت المحاولة على طريقة حكم المرشد بديع. 9- الدولة فى مصر لن تقوم لها قائمة إلا بالثورة، وبانتقالها من مرحلة الاستعمار الوطنى «بوجهيه المباركى والإخوانى» إلى مرحلة الدولة الوطنية/ الديمقراطية/الحديثة. 10- وهذا ما يجعلنا نرى فى 30 يونيو موجة باتجاه بناء الثورة أو إعادة بناء الثورة لدولة مصر الجديدة. 11- بمعنى آخر إننا فى طريق تفكيك/ تحطيم العفن الطويل الضارب فى الدولة المصرية وفى كل مرحلة/ موجة نزيح جزءا من هذا العفن. 12- وهنا فإننا أمام موديل مصرى من الثورات يصعب القياس عليه بمرجعيات الموديلات القديمة كما يزداد صعوبة توصيف أحداثه بالتوصيفات القديمة/ الجاهزة دون تفكير. 13- وسنرى هنا إذا كان الجيش «بقيادة شابة مثل السيسى» اختلف واستوعب المتغيرات كما لم يحدث مع الجيش «بقيادة عجوز مثل طنطاوى» أم أنه أدرك الخطورة على الدولة «وقرر إنقاذها» واستوعب أيضا خطورة التصاق المؤسسة العسكرية بالنظام السياسى والسقوط معه «فقرر إبعاد المؤسسة عن مصير الرئيس». 14- الانحياز هنا لخروج الملايين لإسقاط المرسى يفكك تاريخا من ارتباط الجيش بمؤسسة الحكم/ والتحكم من بعيد/ والدفاع عن النظام باعتباره «الدولة». 15- الرهان هنا على المساحة التى يتحرك فيها الجيش/ والعقل الذى يدير به موقعه/هل هو العقل التسلطى الذى أدى إلى مأساة «فرملة الثورة» وتقديمها للإخوان/ أم أنه عقل أكثر حداثة يستوعب أن الجيش مؤسسة حماية/ لا حكم؟ 16- مرة أخرى التسلط/ وعودة الدولة الأمنية/ وإعادة نفوذ بقايا مبارك وأجنحته المالية والصحفية/ لن يقيم الدولة لكنه سيدفعها إلى مصير أكثر الدول فشلا من الصومال. 17- كما أن العودة إلى اختيارات الغرف المغلقة/ والخضوع لابتزاز الجماعات الإرهابية/على طريقة ممدوح شاهين ومن فى مساره سيدفع إلى مصير أكثر قتامة للدولة. 18- مصر الآن تواجه ما أجلته طوال 200 سنة من وجود شرعية الفقهاء فى السياسة/ الشرعية الدينية الموروثة من السلطنة العثمانية وما قبلها.. كما تواجه ما كان ممنوعا/ أو مؤجلا أيضا من الكلام عنه 60 سنة عن سؤال الجيش فى الدولة المصرية. 19- فى مصر قوى حية تواجه منذ 25 يناير مصاصى الدماء «من بقايا مبارك والإخوان».. مشاريعهم ميتة/ لكنهم يظهرون لحظات الأزمات ليمتصوا الدم الجديد فى شرايين المجتمع/ وهذا هو الخطر/ وبطولة هذه القوى الحية فى مجتمع يتغير بقوة وكلما تغير كسر حائطا يظهر من خلافه وحوشا جديدة. 20- الأيام القادمة سيحددها: كيف ستنتهى المعركة مع الإخوان؟ 21- سيحددها أيضا مدى المشاركة الشعبية/ وحريتها/ فى صناعة القرار؟