الدراما النفسية على الأغلب ما تكون من أصعب ما يقدم في السينما والتليفزيون، لما تتطلبه من قدرات تمثيلية فائقة، لتصل بالمشاهد إلى الحالة التى تقدمها الشخصيات، وهو ما استطاعت نيللى كريم تحقيقه بجدارة خلال أحداث مسلسل «سقوط حر». تلعب نيللى كريم في المسلسل دور سيدة مضطربة نفسيا، يتم اتهامها بقتل زوجها وشقيقتها، حيث تجدها الشرطة مع أداة الجريمة بعد القبض عليها، لتدخل بعدها مصحة للعلاج النفسى، تقابل فيها العديد من المريضات اللاوتى يعانين مشكلات نفسية. المتابع لنيللى كريم فى السنوات الأخيرة سيلاحظ بالتأكيد إتقانها لأى دور تلعبه، وتميزها، خاصة فى الأدوار الصعبة، بدءًا من مسلسل «ذات» الذى كونت فيه مع كاملة أبو ذكرى ومريم نعوم، ثلاثيا مميزا جدا، فقد عرف الجمهور نيللى كريم جديدة لم يعهدها من قبل، فقد استطاعت إخراج قواها التمثيلية الأدائية لتثبت أنها قادرة على أداء حتى أصعب الأدوار، لتتوالى بعد ذلك فى تقديم دراما متجددة، كدورها فى سجن النسا، وتبعه «تحت السيطرة». ورغم إتقانها لأدوارها، فإن الجمهور يبدو أنه شعر بالملل من النمطية، فبدأ يطالبها بلعب دور كوميدى مختلف، لأن «جرعة الكآبة» غير محتملة على حد وصفهم، وهو ما يجب على نيللى كريم تداركه فى أعمالها القادمة، حتى لا يأخذ الجمهور عنها فكرة «الفنان ذو الدور الواحد»، بالإضافة إلى أن نيللى قد سبق وقدمت أدوارا كوميدية، نالت إعجاب وإشادة الجمهور. عدد كبير من الأفلام تناول المرض النفسى من زوايا مختلفة، لتسليط الضوء عليها بطريقة درامية، تستوجب الجهد والوقت الكافى للخروج بعمل يترك تأثيرا، وليس مجرد عرض لأزمات نفسية يعانى منها الأبطال، خاصة وأن المجتمع العربى غير منفتح على تلك الأمراض بشكل كبير، فأحيانا يعتبرها كوصمة عار، وهو ما يجب على الدراما تناوله. فى «سقوط حر» يفسر اسم المسلسل فى علم الفيزياء بحركة الجسم بتأثير قوة الجذب، وهو ما يظهر واضحا فى شخصية «ملك»، فالسقوط هنا داخلى، فى أغوار النفس البشرية، بقوة جذب الاكتئاب والحزن. نقطة القوة الأكبر فى «سقوط حر» هى «ملك» التى تجسدها نيللى كريم، بجانب الأداء المميز لجميع أبطاله، فقد برعوا فى تقديمه على أكمل وجه، ومنهم صفاء الطوخى التى قدمت شخصية الأم المتوترة، التي تسببت فى الأزمات النفسية لابنتها، لتخرج لنا واحدا من أعظم أدوارها التى لا تنسى. من الأدوار اللافتة للنظر أيضا الطفل أحمد داش، الذى جاء مفاجئا للجمهور بعفويته وقدرته على تقمص الشخصية، بجانب أحمد وفيق وسلوى عثمان، والشابة أسماء فوزى التى حلقت شعرها من أجل المسلسل خصيصًا. إظهار الخلل النفسى من خلال كل تفاصيل العمل، ومحاولة عرض ذلك للجمهور دون إغفال أى عنصر، مع الحفاظ على وتيرة الأحداث التى تجذب المتابعبين، أمر يتطلب مجهودا، وهو ما استطاع المخرج التونسى شوقى الماجرى إبرازه جزئيا فى العمل من خلال التركيز على تفاصيل شخصياته، إلا أن المط والتطويل فى حلقات المسلسل جعل المشاهد يبدأ فى الشعور بالملل، خاصة لعدم وجود أحداث جوهرية، ف15 حلقة يمكن اختصارها للنصف، دون الشعور بأى خلل فى الأحداث، بالإضافة إلى أن هناك مشاهد بالكامل ليس لها داع، وهو ما يمكن أن يتداركه كل من مريم نعوم ووائل حمدى فى الحلقات القادمة.