"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، صدق رسول الله صل الله عليه وسلم، نهل صحابة رسول الله العلم ونور الهداية من منبعه، فتشبعت قلوبهم بالنور، واستحقوا وصف رسولنا الكريم لهم ب"النجوم" الهادية وسط ظلام الباطل والتخبط بين شهوات الحياة، ونعرض فيما يلي جانبًا نورانيًا لأحد أعظم صحابة رسول الله وهو أسامة بن زيد رضي الله عنه. نشأ أسامة بن زيد وشب في كنف رسول الله صل الله عليه وسلم، إنه بن زيد بن حارثة مولى رسول الله، فكانت نشأته في بيت النبوة أكبر حارسًا له من رجس الشرك والاختلاط بفكر كفار قريش، فضلًا عن أن لازم رسول الله في صغره وقتًا طويلًا وفي ذلك يقول أسامة بن زيد كنت رديف رسول الله (أي كان يركب خلفه) بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها. قال: فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى، وبهذا نهل أسامة من نبع نور النبوة مباشرة. وأمر رسول الله بحب أسامة بن زيد فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة”، وكان نقش خاتم أسامة بن زيد رضي الله عنه: "حِبّ رسول الله"، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه حدَّث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن رضي الله عنه فيقول: "اللهم أحبهما فإني أحبهما". ولشدة حب رسول الله لأسامة فقد هرع إليه الناس يومًا عندما سرقت امرأة مخزومية وكانت من كرام القوم، فبعد أن لجأ قومها إلى علي بن أبي طالب ليشفع لها عند رسول الله رفض بشدة وكذلك رفضت فاطمة الزهراء، فاجتمع رأيهم على أن يذهبوا لأسامة بن زيد وكان في الثالثة عشر من عمره، فذهب إليه وقال يا رسول الله المرأة المخزومية التي حكمت عليها بقطع يدها نريد أن تعفو عنها، فغضب عليه الصلاة والسلام وقام على ركبتيه ورفع صوته على أسامة ، وقال: ويحك وجئت تشفع في حد من حدود الله. اعتزل أسامة بن زيد الفتن التي وقعت بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وبعد مقتل علي بن أبي طالب وتنازل الحسن لمعاوية بن أبي سفيان عن الخلافة بايع أسامة بن زيد معاوية مع عدد كبير من الصحابة، ثم عاد إلى المدينة بعد أن كان قد سكن وادي المِزة، وتوفي بن زيد في مدينة رسول الله بالجرف سنة 54 ه.