"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، صدق رسول الله صل الله عليه وسلم، نهل صحابة رسول الله العلم ونور الهداية من منبعه، فتشبعت قلوبهم بالنور، واستحقوا وصف رسولنا الكريم لهم ب«النجوم» الهادية وسط ظلام الباطل والتخبط بين شهوات الحياة، ونعرض فيما يلي جانبًا نورانيًا لأحد أعظم صحابة رسول الله وهو أَبو دجانة سماك بن أوس بنِ خرشة رضي الله عنه. أسلم أبو دجانة من بين أوائل من أسلموا من الأنصار وعرف بشجاعته في القتال والغزوات التي شهدها مع رسول الله، وكان له رباط أحمر يلف به رأسه عندما تشتد الأمور كان الأنصار يسمونها "عصابة الموت"، وكانت له مآثر عدة في كل الغزوات تناقلتها كتب السيرة وأشاد بها الرواة. قاتل أبو دجانة بشاجعة منقطعة النظير في غزوة بدر وقتل من المشركين زمعة بن الأسود بن المطلب وعاصم بن أبي عوف بن ضبيرة السهمي، وفي غزوة أحد كان أبو دجانة من بين القلة التي وقفت مع رسول الله حينما اشتد القتال، وكان ضمن من بايعوا الرسول على الموت يوم أحد. وعن أنس أنه قال: إن رسول الله أخذ سيفاً يَومَ أُحد، فَقَالَ: "مَن يَأخذ مني هَذَا؟"، فَبَسطوا أيدِيهم كل إنسَانٍ منهم يقُولُ: "أَنَا أَنَا"، قَالَ: "فَمَن يَأخذه بحَقه؟"، فَأَحجَمَ القَومُ فَقَالَ أَبو دجَانَة: "أنا آخذه بحَقه"، فأخذه فَفَلقَ به هَامَ المشرِكينَ،وفي رواية أن الرسول محمدًا قال له: "لا تَقتل به مسلماً وَلا تَفر به من كَافر". خلال حروب الردة كان أبو دجانة في مقدمة جيش المسلمين الذاهب إلى اليمامة لمحاربة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة، وخلال مطاردة جيش المسلمين لبني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب التجأ بنو حنيفة إلى حديقة واحتموا بها ومعهم مسيلمة، فأمر أبو دجانة معشر الأنصار بأن يحملوه ويلقوه إلى داخل الحديقة، فحملوه على ترس ثم رفع بالرماح حتى ألقي في جوف الحديقة، فراح يقاتل ببسالة حتى سقط شهيدًا.