كتبت- ريم جلال: «يا حلو صبح.. يا حلو طل»، واحدة من أشهر ما قدّمه محمد قنديل خلال مسيرته الفنية، لم يختلف على صوته أحد من عمالقة الغناء، فحنجرته الذهبية هي ما جعلت منه مطربًا خالدًا، تتداول أغنياته حتى الآن بمختلف الأجيال والأعمار، فالحب على أغنية «يا حلو صبح.. يا حلو طل»، والفراق على «تلات سلامات»، والاستمتاع بالإسكندرية على أغنيته «يا غاليين عليا يا أهل إسكندرية». عاش محمد قنديل حياته بين عائلة فنية من الطراز الأول، حيث كان والده من هواة العزف على العود والقانون، ووالدته تمتلك صوتًا جميلًا، لكنها لم تحترف الغناء، فضلاً عن جدته «سيدة السويسية»، حيث عرف عنها في أوائل القرن العشرين أنها مطربة علية القوم، حيث كانت تغني مجانًا في أفراح البسطاء والعامة، أما أخوه فكان مطربًا، لكنه اختفى بعد ظهور أخيه الأصغر محمد قنديل. ولد قنديل محمد حسن، في شارع سعيد باشا بشبرا 11 مارس 1926، حيث تلقى تعليمه، والتحق بمعهد الموسيقى العربية 1942، كان له باع طويل مع الإذاعة المصرية، حيث بدأ الغناء في الإذاعة 1946 بأغنية «يا 100 فل يا تمر حنة»، واستمر بعمله في الإذاعة المصرية لفترة طويلة. مشواره الفني حافل بالأعمال الغنائية، التي ذاعت شهرتها حتى بعد وفاته، فالبعض لا يعلم أن لمحمد قنديل 800 عمل غنائي، إضافة إلى الأعمال السينمائية، التي عُرفت أشهر أغنية مثل فيلم «صراع في النيل، شاطئ الأسرار، رجل في حياتي» وغيرها من الأعمال الفنية التي أبدع بالغناء فيها. عاصر محمد قنديل جيلًا من عمالقة الغناء العربي «أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش»، وأيضًا أشهر الملحنين والمؤلفين، فحالفه الحظ وتعامل معهم في عديد من أعماله منهم كمال الطويل، محمود الشريف، محمد الموجي، زكريا أحمد، بليغ حمدي. لم يخل لقاء مع فنان من فناني الوطن العربي وذكر اسم محمد قنديل إلا وشهدوا على قوة حنجرته، وأنه صوت حقيقي صافي يصل إلى القلب بمجرد سماعه من بين هؤلاء الفنانين: - أم كلثوم عام 1965 دعا ملك المغرب أم كلثوم للغناء في المغرب، فاعتذرت أم كلثوم لظروف صحية، إلا أنها قامت بترشيح محمد قنديل كبديل لها في الحفل، لكنه اعتذر ورشح عبد الحليم حافظ. أم كلثوم كان لها الفضل في شهرة محمد قنديل حيث اختارته مع أطفال المعهد للغناء معها في تابلوه «القطن» بفيلم عايدة 1942. في نفس العام وفي حديث إذاعي عندما سُئلت عن أفضل صوت رجالي في الوطن العربي لم تتردد في الإجابة ب«محمد قنديل» فهو أجمل صوت وصييت الوطن العربي وتعني جمال صوته وروعته. - محمد عبد الوهاب نظرًا لطبيعة العمل بين الموسيقار محمد عبد الوهاب ووالد محمد قنديل، حيث أعلن أن محمد قنديل هو أقوى صوت، حيث اكتشفه منذ صغره، بل وأسهم في تدريبه، وقال عنه إن مستقبلًا كبيرًا ينتظره. - عبد الحليم حافظ وقال عنه عبد الحليم حافظ «قنديل هو المطرب الوحيد الذي لا يخدع الأذن، لأن قدراته الغنائية تصل إلى 1000%»، ثم أوضح بقوله: «إذا قدر لنا جميعًا الحياة لأعوام طويلة قادمة قل مثلا أربعين عامًا من الآن وتم الاستعانة بنا في حفل جماعي ستجدون أصواتنا جميعًا انتهت لأن قدراتنا لا تتعدى الآن العشرين مقامًا في حين أن قنديل يمكنه البقاء والغناء لأكثر من 60 عامًا قادمة». كان عبد الحليم حافظ مشرفًا فنيًا على الحفلات الفنية المغربية وغيرها بعد أن كلفه الملك المغربي بهذا الأمر، يصر على أن يكون محمد قنديل نجمًا في كل الحفلات. - فريد الأطرش وصفه بالجوهرة، التي يجب صيانتها، فلن نشهد مطربًا ذا صوت قوي مثل محمد قنديل، كان محمد قنديل منغلقًا على نفسه لا يحب السهرات أو الظهور الإعلامي، حيث عرف بهدوئه وزهده عن المعارك الفنية في ذلك الوقت. تزوج الفنان محمد قنديل مرتين الأولى كانت الراقصة رجاء توفيق، حيث كانت تمتلك ملهى ليلي بالكيت كات، وكان هو نجم هذا الملهى إلا أن زواجهما جاء مشروطًا، حيث اشترط عليها الاعتزال وغلق الملهى، وهو الأمر الذي نفذته رجاء بالفعل، لكن لم يستمر زواجهما طويلا، وانفصلا عام 1960. تزوج محمد قنديل زوجته الثانية وهي التي ظلت معه حتى وفاتها، كان لوفاة زوجتة الثانية تأثير كبير على حالته الصحية، فأصيب بجلطة في الشريان التاجي، وعولج محمد قنديل على نفقة الدولة بأمر من الرئيس السابق محمد حسني مبارك عام 1996 بالولايات المتحدة في مستشفى كليفلاند بولاية أوهايو، وبالفعل نجحت الجراحة، وتم تغيير ثلاثة شرايين بالقلب. تعرض محمد قنديل إلى كسر في الحوض مرتين، لكن تم علاجه بالتدخل الجراحي إلا أن مرض السكر، الذي كان يعاني منه وقرحة الفراش والالتهابات كانت الأسباب الرئيسية التي أدت إلى وفاته فى 9 يونيو 2004 عن عمر يناهز 75 عامًا. لم يكن قنديل في أسماع المصريين صوتًا شعبيًا شجيًا فحسب، بل اتخذوه صديقًا يروي أحاديثهم وثوراتهم وأناشيدهم الدينية، ولحظات الحب والكره والذكريات والفراق والألم.