فى هيئة النقل العام سائقون واسمهم حركة، وصنايعية واسمهم هندسة، وكلهم يشعرون بالظلم، وطبعا فى موظفين واسمهم إدارة.. أقل تذمرا، وإن كانوا يشعرون بالظلم أيضا. مررت من أمام إدارة الهيئة وتكلمت مع بعضهم، وإليكم بعض من جمل الحوار التى قد تثير اهتمامكم فتحاولون معرفة الأكثر عنهم. (إشمعنى المدرسين مهتمين بيهم وكل البلد بتتكلم عنهم؟ إحنا أهم من المدرسين، من غيرنا كل الأشغال تتعطل). بداية لم تعجبنى. (أول مطلب لينا إصلاح العربيات.. لا لأ عربيات الهيئة ماينفعش فيها إصلاح لازم يجيبوا عربيات جديدة). هو ده الكلام.. هذا مطلب شعبى حقيقى. (الأهم إن الهيئة تتصلح من الفساد الأول، ياما اشتروا عربيات مضروبة وقطع غيار واتسرقت.. الهيئة بتتسرق ولولا الفساد كان زمانها بتكسب). ياريت.. بس من الذى يستطيع أن يثبت الفساد؟ (نسبة النقل الجماعى.. الإعلانات.. دخل الأوتوبيسات.. كل ده بيتسرق). كلام منطقى لكن أين الدليل؟ (أنا باشتغل من 30 سنة فى الهندسة كل دخلى من الهيئة بالحوافز والوجبة 700 جنيه عندى تلات أولاد فى المدارس وساكن فى إمبابة وباشتغل فى جراج الفتح فى مدينة نصر إيجار الشقة لوحده 150 جنيه فى الشهر، باشتغل بعد الضهر فى شركة «كير سيرفس» عامل نظافة فى مستشفى، أصحى كل يوم 6 صباحا أكون فى الجراج 7، أخرج من شغلى الساعة 3 الضهر أستلم شغل النظافة فى مستشفى الدمرداش الساعة 4، أخلص الساعة 11 أرجع البيت على الساعة 12، مرتب شغل النظافة تلتميت جنيه، كده الحياة ماشية، أكتر أنواع الأكل مانعرفش طعمه، بس باحمد ربنا لأنى لو وقعت فى يوم وماقدرتش أنزل الشغل كل ده بيتلخبط، ويفضل لى أصل المرتب فى الهيئة بس 350 جنيه.. اتزنقت كتير وإخواتى وحبايبى وقفوا معايا). كل الصنايعية العاملين فى قطاع الهندسة يعملون عملا إضافيا فى شركات النظافة فى المستشفيات. لكن ظروف عمل السائقين لا تسمح لهم بأى عمل إضافى. (جربى كده تركبى الأوتوبيس عشر ساعات وانتى تعرفى إن مش ممكن السواق يقدر يشتغل أى شغلانة تانية. ساكن فى أبو زعبل أنزل من بيتى الساعة 4 الفجر أوصل الجراج خمسة ونص واسلم 3 العصر أرجع بيتى خمسة مقتول من التعب، لا يمكن أعمل أى حاجة. ولا سواق يقدر يشتغل شغل إضافى. أنا سواق على خط مضروب 976، مضروب يعنى يوم ما يشتغل يجيب 150 جنيه فى اليوم لو حسبنا 150 فى 20 يوم بناخد منهم 10% يبقى 350 جنيه فى الشهر نخصم منهم 10% تأمينات، ونضيف الوجبة 200 جنيه، بس بشرط لازم نشتغل العشرين يوم فى الشهر، لو شهر أخدنا إجازة مرضية كل ده يتخصم، المصيبة إن الشغلانة دى بتجيب المرض كفاية بس التعامل مع الجمهور، وزحمة الطريق، والعدوى، والعادم، والحوادث). ورغم الغضب والشكوى وقسوة الحياة.. (سواق الهيئة غير أى سواق تانى على الطريق. سواق الهيئة محترم، له وضعه وسط السواقين. والوظيفة فى الهيئة أمان، ومهما كان التعب ممكن كل حاجة تتصلح بس كفاية إن ولادى يقولوا فى المدرسة إن أبوهم فى هيئة النقل العام، مش سواق ميكروباص أو تاكسى مثلا).