ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، الاجتماع السنوي ال17 لمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، الذي يضم في عضويته عددًا من الشخصيات الدولية البارزة، منهم الرؤساء السابقون لكل من فنلندا ورومانيا وبلغاريا والإكوادور وألبانيا وكولومبيا ولاتفيا وبنين، ورئيسا وزراء النرويج والبوسنة والهرسك السابقان، بالإضافة إلى عددٍ من الشخصيات البارزة وكبار العلماء والمفكرين المصريين والأجانب. وأكَّد السيسي، في مستهل الاجتماع، أهمية بناء الإنسان كدعامة رئيسية لبناء الأوطان، لافتًا إلى أنَّ بناء نهضة علمية وثقافية لا يقل أهمية عن التنمية الاقتصادية وما تشمله من مشروعات قومية تستهدف الارتقاء بحياة المواطنين، منوِّهًا إلى الظروف الدقيقة التي يمر بها عالم اليوم جرَّاء تحدي الإرهاب، وما ينجم عنه من مخاطر تحدق بمختلف دول العالم، وتقتضي تفنيد الأفكار المتطرفة والهدامة، ومواجهة الفكر بالفكر لرفع راية التنوير وإبراز القيم الصحيحة للدين الإسلامي الحنيف الذي حض على التعارف والتسامح، والرحمة وقبول الآخر من أجل بناء الحضارة وعمارة الأرض. وأشاد السيسي بمساهمة مكتبة الإسكندرية كمؤسسة للتنوير في تلك المواجهة الفكرية التي تشمل تطوير الخطاب الديني والتأكيد على الهوية الوطنية وذلك بتنسيق تام وتعاون كامل مع الأزهر الشريف ووزارة الخارجية وجامعة الدول العربية، وبالانفتاح على جميع مراكز التنوير العربية والدولية. وأثنى الرئيس على الإنجازات التي حقَّقتها المكتبة سواءً على الصعيد الدولي من خلال مشروع الشبكات الإفريقية للتواصل المباشر مع نصف مليون شخص من إفريقيا والعالم العربي أو على الصعيد المحلي بإنجاز القسم الأكبر من مشروع سفارات المعرفة الذي يربط الجامعات المصرية بالمكتبة وخدماتها، وذلك بالتكامل مع مشروع بنك المعرفة المصري الذي أطلقته رئاسة الجمهورية والذي يعد أكبر مكتبة رقمية في العالم تتيح المحتوى العلمي والمعرفي للعديد من الموسوعات العلمية والمواد والمناهج التعليمية مجانًا لكافة القطاعات المتجمع المصري من المواطنين والباحثين والطلاب على اختلاف فئاتهم العُمرية. ووجَّه الرئيس الشكر للدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية على جهوده التي بذلها منذ توليه مهام منصبه سواء لتطوير المكتبة مؤسسيًّا أو لاستعادة وتعظيم دورها كمؤسسة تنويرية ساهمت في إثراء الفكر والتراث الإنساني. ووافق الرئيس على طلب الدكتور إسماعيل سراج الدين الاستمرار في منصبه لمدة عام واحد فقط كفترة انتقالية يتم بعدها انتخاب مدير جديد للمكتبة من قبل مجلس الأمناء، بعد أن قضى الدكتور إسماعيل سراج الدين 15 عامًا في إدارتها. واستمع الرئيس إلى مداخلات أعضاء مجلس أمناء المكتبة الذين أشادوا برعايته للمكتبة وحرصه الدائم على دعم جهودها والاستفادة من دورها كمركز إشعاع للتنوير والثقافة والاعتدال في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف الذي يعاني منه عالم اليوم، وأشادوا بالدور الريادي للمكتبة على الصعيد الدولي، معربين عن اهتمامهم بتحقيق التواصل بينها وبين المكتبات الوطنية في دولهم، ومن بينها المكتبة الوطنية الفرنسية التي أهدت لمكتبة الإسكندرية نصف مليون كتاب، وتهديها 15 ألف كتاب سنويًّا. وأكَّد الحضور أهمية التركيز على ثلاثة مسارات لعمل المكتبة تشمل عملية التحول الرقمي والحفظ الإلكتروني بما ييسر تواصلها مع مختلف المؤسسات الفكرية وكبريات المكتبات العالمية، بالإضافة إلى إيلاء التعليم أهمية قصوى وتفعيل دور المكتبة في الارتقاء بجودة التعليم، وكذا تعزيز دور المكتبة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ونوَّهوا إلى البرامج التي تنظمها المكتبة، ومن بينها برامج إعداد الكوادر وتدريبهم على القيادة. وفي تعقيبه على مداخلات أعضاء مجلس الامناء، أكَّد الرئيس أهمية زيادة الوعي من خلال العديد من الوسائل، ومن بينها إتاحة المعرفة والإطلاع والارتقاء بجودة التعليم وغيرها، مشيرًا إلى أنَّ تزييف الوعي يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في المعرفة، وأنَّ العقود الماضية شهدت استغلالاً للدين من أجل الترويج لأفكار سياسية وتحقيق مصالح ضيقة. وحذر من مغبة الاستمرار في استغلال الدين كوسيلة لجذب المزيد من العناصر إلى صفوف الجماعات المتطرف، داعيًّا إلى مواصلة الجهود لمواجهة الفكر المتطرف وتصويب الخطاب الديني وتنقيته من أي أفكار مغلوطة علقت به. وأكد الرئيس أهمية إعلاء قيمة المواطنة لتحقيق استقرار المجتمعات، لافتًا إلى أنَّ مصر لا تميز بين أبنائها ولا تفرق بينهم وفقًا لأي اعتبار، مؤكِّدًا أنَّ الجميع مصريون متساوون في الحقوق والواجبات.