كتب - أحمد مطاوع صراعًا باطنيًا بين المستشار هشام جنينة، والمستشار أحمد الزند رئيس وزير العدل السابق، هو الأبرز فى رحلة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، إلى نقطة النهاية، بإعلان الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسى، إقالته من منصبه، يوم الاثنين من الأسبوع الماضى. ورغم أن جنينة كان يرأس، واحدة من أبرز الجهات الرقابية فى البلاد، والمعنية بفحص الإنفاق الحكومي ومكافحة الفساد، إلا أنه لم يلتق الرئيس السيسى، الذى قرب على استكمال عامه الثانى للرئاسة خلال أسابيع قليلة. وأثيرت الأزمة حينما أعلن الأول خلال تصريحات إعلامية، أواخر العام الماضى، أن تكلفة الفساد فى مصر تجاوزت ال600 مليار جنيه خلال عام 2015، مؤكدًا أنه عرض ملفات الفساد على الرئيس ولكن لم يتم الأخذ بها، ليسارع السيسى بتشكيل لجنة تقصى حقائق برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل والمستشار هشام بدوي نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، للبحث فى التصريحات وإعداد تقرير عاجل، قوبلت بالكثير من الانتقادات خاصة وأن اللجنة تضم ممثلين عن جهات بعضها متهم أساسًا بالفساد. رئيس المركزى للمحاسبات يتوقع مصيره جنينة توقع أن هناك مخطط لإقالته، وربطه بسيول الهجوم والاتهامات وحملات التشويه التى يتعرض لها مع كل تصريح يخص الفساد وبالتحديد منذ 30 يونيو 2013، خاصة وأنه عُين على رأس جهاز المحاسبات خلال حكم الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى، وهو ما أفصح عنه خلال مداخلة تليفونية، مع الإعلامى جابر القرموطى، فى برنامج "مانشيت على قناة "أون تى فى" فى 27 ديسمبر 2015، بعد يوم من تشكيل لجنة تقصى الحقائق فى تصريحاته، قائلًا: "بعد ما انتهينا من قنبلة إن أنا إخوانى وعضو فى التنظيم الدولى للإخوان، واضح إن القنابل ديه لن تنتهى إلا بخروجى من الجهاز". توقعات جنينة عن استبعاده، لم تكن بعيدة عن الحرب الباردة بينه وبين المستشار أحمد الزند، منذ تنافسهما على رئاسة نادى القضاة فى 2009، والتى فاز فيها الأخير، تلك الحرب التى بدأت ملامحها تظهر علنيًا مع اتهام الأول خلال تقرير رقابى أعلنه فى فبراير 2014، الهيئات القضائية بالفساد والاستيلاء على أراض الدولة بطرق غير مشروعة، وأن المخالفات بها تصل إلى 3 مليارات جنيه بأراضى الحزام الأخضر، مطالبًا بتشكيل لجنة تقصى حقائق ل"الحفاظ على ثراوات مصر"، مؤكدًا أنه تقدم ب933 بلاغًا ضد فساد أجهزة الدولة، طالت مسؤولين حاليين وسابقين فى أجهزة الدولة وعلى قمة الهرم الوظيفى، بل ووصلت إلى الأجهزة المنوط بها حماية القانون، وتنوعت ما بين 428 بلاغًا للنيابة العامة، و440 للنيابة الإدارية، و65 للكسب غير المشروع، ولم يحقق فيها ولم تظهر منها اى نتائج الا لعدد محدود جدًا. أعقب تقرير رئيس المركزى للمحاسبات، تهديد صريح من الزند رئيس نادى القضاة، وقتها، حينما حلَّ ضيفًا على الإعلامى أحمد موسى ببرنامج "الشعب يريد" على قناة "التحرير"، للرد على ما أعلن، قائلًا "صبرى على وشك أن ينفذ، وأنا بطالب إن هشام جنينة يتشال، وهتتشال وقريبًا جدًا، واعتبرها سياسة". تبادل الثنائى الاتهامات، وتقدم الزند، بعدة بلاغات للنائب العام، اتهم فيها جنينة، بسب القضاة، ووصل الصراع لحدته وتوالت البلاغات تباعًا مع تولى الأول حقيبة وزارة العدل وحتى رحيله. ورد رئيس المركزى للمحاسبات أيضًا، بعدة بلاغات للنائب العام ضد الزند، تنوعت ما بين السب والقذف والاستيلاء على أراضي من الدولة بطرق غير رسمية. جنينة يمارس هوايته فى ضرب الفساد محطة جديدة من التقارير يجدد فيها المستشار هشام جنينة صدماته فى كشف الفساد مع مؤسسات الدولة، حينما تطرق فى مايو 2015، خلال مؤتمرًا صحفيًا، إلى عدد الصناديق الخاصة بوزارة الداخلية، مشيرًا إلى أنه بلغ نحو 38 صندوقًا بقيمة 12 مليار جنيه، إضافة إلى وجود مخالفات بقيمة 23.5 مليار جنيه بينها 2.5 مليار بجهاز أمن الدولة. يبدو أن صبر الزند نفذ وزير العدل أحمد الزند، لم ينس وعده القديم بعزل المستشار جنينة من رئاسة المركزى للمحاسبات، وأعد قانونًا يعطى الأحقية لرئيس الجمهورية فى عزل رؤساء الأجهزة الرقابية، رأى وقتها، العديد من خبراء الدستور والقانون أن الزند أعده خصيصًا للانتقام من جنينة، وأن مؤتمر الفساد كان بمثابة الفرصة الكبيرة لتحقيق مراده. وفى في يوليو 2015، أقر الرئيس السيسى قانون يسمح لرئيس الجمهورية بإعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم. ومهد القانون الطريق لعزل جنينة، فى أعقاب تصريحاته عن بلوغ تكلفة الفساد 600 مليار جنيه، والتى أثارت جدلًا واسعًا، قالت عنها لجنة تقصى الحقائق التى شكلها السيسى، بأنها "مبالغ فيها وتعمدت التضليل"، فيما اعتبرها عدد من البرلمانين ب"المسيئة لسمعة مصر وتفقد الدولة هيبتها" مطالبين باستدعائه وعزله فى حال عدم ثبوت صحة تقاريره، التى أرسلت بالفعل للبرلمان ورفض رئيس مجلس النواب على عبد العال، توزيع نسخ من التقارير على أعضاء المجلس، مُصرًا على عدم تشكيل لجنة برلمانية لتقصى الحقائق إلا بعد تحقيقات النيابة، وتزامن مع تلك الحالة من الجدل وعدم استقرار الحقيقة، حملة شرسه شنها إعلاميون تجاه جنينة تجددت معاها الاتهامات له بالموالاه للإخوان وحركة حماس، والعمل على زعزعة استقرار الدولة وإسقاط نظام الحكم، وتوال الهجوم لحد اتهامه بالخيانة والمطالبة بإعدامه. جنينة يتحول لمتهم فى غمضة من الزمن أعفى الرئيس السيسى، فى بيان رئاسى، المستشار هشام جنينة منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، يوم الاثنين من الأسبوع الماضى، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ مصر بأن يقوم رئيس جهاز تنفيذى بعزل رئيس جهاز رقابى. وأصدرت نيابة أمن الدولة العليا، بيانًا سبق قرار الإقالة، قالت فيه إن "تصريحات جنينة بشأن الفساد تتسم بعدم الدقة، وأن الأرقام والبيانات التي قدمتها اللجنة المشكلة من الجهاز حول قيمة الفساد، غير منضبطة، وتتضمن وقائع سابقة على عام 2012 وتكرارًا في قيمة الضرر، وأن الجهاز المركزى للمحاسبات غير معنى بتحديد الفساد". لإطاحة بخصوم "كار القضاء" لحق المستشار هشام جنينة بخصمه اللدود المستشار أحمد الزند بعد أيام من إقالته على خلفية تصريحاته فى برنامج "نظرة" الذي يقدِّمه الإعلامي حمدي رزق، على فضائية "صدى البلد"، والتى اعتبر فيها إهانة للنبى محمد "ص"، وكذلك تلميحاتها غير المباشرة عن أن الشرطة وراء مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى. واعتبر الكاتب والمحلل السياسى مصطفى الفقى، خلال لقائه، ببرنامج "يحدث فى مصر"، الأربعاء الماضى، إقالة المستشار أحمد الزند من منصبه كوزير للعدل، وإعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه، خير دليل على "عودة هيبة الدولة المصرية"، مفسرًا اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية بخبر إعفاء جنينة من منصبه، بأنه نابع من أهمية مصر كدولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط.