هي مخاطرة غير محسوبة العواقب، أقدم عليها رئيس الوزراء اليوناني المحافظ انتونيس ساماراس، بقرار حكومته إغلاق محطات التليفزيون والإذاعة الحكومية، وتسريح أكثر من 2500 عامل، ضمن إجراءات التقشف التي التزمت بها حكومته تلبية لشروط دائنيها. أمس الخميس احتشد أكثر من 10 ألاف متظاهر خارج مبنى شبكة إي آر تي التلفزيونية دعما للموظفين الذين تم فصلهم من عملهم، والذين أصروا على عدم مغادرة المبنى لليوم الرابع على التوالي لمواصلة البث التليفزيوني والإذاعي في تحد لقرار الحكومة المتهور. ولاقى المعتصمون الدعم الفني من الاتحاد الأوروبي للبث التليفزيوني أول من أمس الخميس، حيث نجحوا في إعادة البث إلى اليونان وأوروبا وآسيا والأقيانوسيا. ومن الممكن أن يؤدي هذا القرار الكارثي من جانب ساراماس وحكومته إلى أزمة سياسية في البلاد، في وقت تواجه فيه وضعا اقتصاديا غاية في السوء، إذ لم يستجب السياسي المحافظ، حتى الآن، للنداء الذي وجهه شريكاه في الائتلاف الحاكم الهش، حزبا باسوك وديمار، لعقد اجتماع ثلاثي وإعادة فتح شبكات إي آر تي، وإن كان دعا إلى اجتماع مع الحزبين لبحث البدائل. وراهنت الحكومة على كسب الوقت، بتقديمها غداة إغلاق شبكات التلفزيون العام، مشروع قانون لإعادة تنظيم وسائل الإعلام الرسمية، سعيا منها لمنع تفكك ائتلاف أحزابها، بعد حوالي عام من تقاسم السلطة بين محافظي حزب ساراماس، الديمقراطية الجديدة الذي ينتمي ليمين الوسط وحزب باسوك الاشتراكي وحزب اليسار المعتدل ديمار. وتواجه إي آر تي انتقادات من الحكومة بداعي حصولها على امتيازات وتفشي المحسوبية والفساد وسوء الإدارة بها، غير أنها تحظى باحترام الأوساط الثقافية لحرفيتها العالية، كما عانى موظفو المجموعة منذ بدء أزمة الديون عام 2010 من الاقتطاعات المفروضة على الأجور والتي قدرتها النقابات ب45 في المائة. وتصاعد حدة الأزمة بإعلان العديد من النقابات عن مساندتها للعاملين في شبكة التليفزيون الحكومية وتنظيم إضراب عام، وهو ما يمكن أن تعيد العملية السياسية إلى نقطة البداية من خلال الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. وسرعان ما انتقل آثار هذا القرار المفاجيء والصادم إلى خارج اليونان،فوفي قبرص دعت نقابة الصحافيين إلى تجمع احتجاجي أمام السفارة اليونانية في نيقوسيا وسط مخاوف من أن تؤدي الأزمة في الجزيرة أيضا إلى إجراء مماثل. كما دانت المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان قرار إغلاق شبكة التليفزيون الحكومية في اليونان ودعت الحكومة إلى العدول عن قرارها.