لم يمر على تولي الدكتور سعد الجيوشي وزير النقل، سوى 6 أشهر، إلا أنه ملأ الدنيا صخبًا وضجيجًا بتصريحاته المستمرة وإطلالاته المتكررة عبر الفضائيات، وتأكيده على أنه يريد الارتقاء بمنظومة النقل في مصر، ويسعى لعمل طفرة حقيقية في هذا القطاع الخدمي والمهم، وعلى الرغم من أن قطاع النقل يلعب دورًا أساسيًا في التطور الاقتصادي والاجتماعي للدولة حيث تمثل شبكات النقل الشرايين الحيوية لتدفق الأنشطة وانسياب حركة الأفراد والبضائع، كما تمثل المواني البحرية والبرية المنافذ الرئيسية لحركة ونقل التجارة الخارجية وما تقدمه هذه المواني من دعم للاقتصاد القومي بما تدره من نقد أجنبي، إلا أن الجيوشي لم يحقق الطفرة التي وعد بها منذ قدومه إلى كرسي الوزارة وهو ما ينذر برحيله. شهدت وزارة النقل في عهد الجيوشي، ارتباكًا شديدًا وتخبطًا في المشروعات الكبرى، ومنها التأخر في معدلات تنفيذ المشروع القومي للطرق المدرج ضمن برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك في ظل غياب الرقابة والمتابعة من وزارة النقل والهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري، وبات التخبط والارتباك هو سيد الموقف خلال الفترة الأخيرة. ولعل إلغاء الوزارة للقطار المكهرب "السلام - العاشر من رمضان"، وكذلك إلغاء مترو الإسكندرية، يوضح لنا مدى الارتباك الذي وصلت إليه الوزارة، بالإضافة إلى تضارب التصريحات بخصوص تحريك أسعار تذاكر مترو الأنفاق، فتارة يخرج علينا الجيوشي ليعلن رفع اسعار التذاكر 2 جنيه، وتارة أخرى ينفي تحريك سعر التذكرة، إلا أن مداخلاته الفضائية لإحدى القنوات ورطته حينما قال أننا بصدد رفع تذكرة المترو 3 جنيهات أي ثلاثة أضعاف قيمتها الحالية، ثم خرج مستشاره الإعلامي لينفى ما قاله الوزير عبر الإعلام المرئي بالصوت والصورة. الجيوشي سبب إحراجًا للدولة، فقد ظهر جليًا أثناء زيارة الرئيس الصيني للقاهرة، حينما تم الاتفاق على توقيع عدة بروتوكولات خاصة بقطاع النقل بين الصين ومصر، مثل مشروع القطار المكهرب، لأن هذه الاتفاقية تحديدًا تم سحبها من ملف زيارة الرئيس الصيني في اللحظات الأخيرة لعدم جاهزية وزارة النقل. وقبيل مرور 30 يومًا على تولي الجيوشي مسئولية وزارته، قام بتفريغها من قياداتها واستبعد كافة الخبرات بالهيئات والشركات التابعه للوزارة وفي مقدمتها هيئة السكك الحديدة والطرق والكباري دون وجود بديل على نفس المستوى مما أدى إلى وجود فراغ وضعف شديد في دولاب عمل الوزارة، كما دخل في صدامات مع عدد من القيادات انتهت بإبعادهم عن مناصبهم رغم حساسية الملفات والأدوار الموكله إليهم. وشهد قطاع النقل البحري توقفًا كاملًا لكل المشروعات في ظل عدم وجود رؤية واضحة وإلمام بطبيعة القطاع ومشاكله المتعددة، مما أدى إلى توقف تام للمشروعات الاستثمارية المطروحة بالمواني، وفشل الجيوشي في جذب أي استثمارات جديدة للقطاع، وأخفق في حل المشاكل القائمة حاليًا مثل مشكلة ديبكو بدمياط وشرق بورسعيد والرصيف 100 بميناء الإسكندرية. أما عن النقل النهري، فقد بدأ الجيوشي الحديث عن هذا القطاع المهم بتصريحات بعيدة عن المنطق، حينما قال إنه يسعى بالوصول بحجم البضائع المنقولة عبر النهر إلى 30% على الرغم انها لا تتخطى حاجز 3%، حيث فشل في ترجمة تصريحاته على أرض الواقع ولم يضع أي خطط واقعية قابلة للتطبيق للنهوض بهذا القطاع الهام، ناهيك عن "فنكوش التاكسي النهري" الذي افتتحه مؤخرًا ولم يدخل الخدمة بعد. العشوائية التي يدير بها الجيوشي مرفق السكة الحديد، أدت إلى عزوف معظم القيادات الحالية عن العمل معه خصوصًا بعد إقصاء كافة نواب رئيس الهيئة من مناصبهم، وختمها بالإطاحة برئيس الهيئة نفسه والذي كان مقربًا منه، وبقيت مزلقانات الهيئة تشكو حالها وكذلك المحطات باستثناء المحطات الرئيسية، مما انعكس على مستوى الخدمة والتي أصبحت في تدهور شديد حتى بعد إقراره للزيادات الأخيرة على القطارات المكيفة.