قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إنَّ الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة، لافتًا إلى أنَّ نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ما أرسله الله سبحانه وتعالى إلا رحمة للعالمين. جاء ذلك في كلمةٍ ألقاها شيخ الأزهر، اليوم الخميس، أمام ملتقى "مقومات السلام في الأديان"، بجامعة مونست الألمانية. وأضاف: "كلمة السلام بمشتقاتها وردت في القرآن الكريم 140 مرة مقابل كلمة الحرب التي وردت بمشتقاتها ست مرات فقط.. ولم يكن مستغربًا أن يقرر الإسلام مبدأ السلام كأصل في معاملة المسلمين وعلاقاتهم بغير المسلمين، وفلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين من غير المسلمين". وتابع: "الله سبحانه ما أرسل محمد صلى الله عليه وسلم إلا رحمة للعالمين، وكلمة العالمين أوسع بكثير من كلمة المسلمين، بل هي في الفلسفة الإسلامية أعمّ من عالم الإنسان، حيث تشمَل عَالَم الحيوان والنبات والجماد". واستدل شيخ الازهر بخطاب الحق في القرآن الكريم لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقوله محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبًا الناس جميعًا: «إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ». ونوَّه إلى تعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم في حرمة قتل الكبير والضعيف والمرأة والصبي والأعم في جيش الأعداء، وحرمة قتل حيواناتهم، إلا لضرورة الطعام وعلى قدرها، وحرمة هدم بيوتهم وتخريبها وقلع نباتهم وتفريق نحلهم. وتابع: "النبى صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة التي بسطت رداءها على العالمين وكان للعدو منها نصيب.. هذا النبي الرحيم بالحيوان أخبرنا أنَّ امرأة دخلت النار في هِرَّة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، وأخبر أنَّ رجلاً سقى كلبًا في يوم حر شديد فغفر الله له وأدخله الجنة". وأوضح شيخ الأزهر أنَّ توجيهات القرآن في ربط الإسلام بالسلام لم تقتصر على أصل الرحمة، وترك المسلمين وشأنهم يتحلون بهذا الخلق الإنساني الرفيع أو يتخلون عنه مضطرين أو مختارين، وإنَّما كثف من لفظ "السلام" ومفهومه في القرآن بشكل لافت للنظر حتى أصبح الإسلام والسلام وجهين لعملة واحدة إن صح هذا التعبير. ونصح شيخ الأزهر المجتمع الدولي بضرورة صنع السلام بين رجال الأديان أنفسهم وليس بين رجال الدين الواحد، لافتًا إلى أنَّ هذه معضلة تحتاج إلى حوار باحث عن المشتركات بين الأديان، وما أكثرها وأهمها. وأشار إلى أنَّه مالم يتصالح رجال الأديان فيما بينهم فإنَّه لا أمل في قدرتهم على الدعوة للسلام والتبشير به بين الناس، إذ فاقد الشيء لا يعطيه، حسب ما قال.