- إسقاط عضوية النواب غير دستورى ويتم بأوامر أمنيّة.. وما يحدث داخل البرلمان هزلى جدًا - نحتاج إلى ثورة تشريعية على المواد العقيمة بقانون العقوبات المفروضة على حرية الرأى والتعبير - لا يوجد أكثر من 10 نواب يمثلون الشعب المصرى تحت قبة البرلمان.. ودخلوا بالصدفة - الدولة لا تريد برلمانًا قويًا.. ومصر لن ترى تجربة مدنية حقيقية لسنوات طويلة "كان عندى أمل، ولكن عقلى كان واعيًا بأن الحصار بين الجيش وجماعات دينية سوف يقضى على الثورة وعلى الأمل، ودفعنى ذلك إلى تأسيس حزب مدنى ديمقراطى اجتماعى، ربما يسهم فى إنقاذ مصر، لكنى أيقنت اليوم أن الفرص ضئيلة فى ظل وطن تفتت أوصاله وشرطة لا تحميه، بل تضربه وتعذبه ووزراء وجودهم شرفى، واقتصاد منهار وتقارير الهيئات الدولية مرعبة عن المستقبل والشركات والبنوك الأجنبية ترحل والاستدانة من الداخل فاقت كل الحدود وقروض الخارج تزيد الفقراء فقرًا، وبرلمان تم هندسته بقانون سيئ السمعة، حتى الرئيس المُخلِص والمُنقِذ يتخذ قرارات مصيرية مع من لا يعرفهم أحد ويُنفِذ مشروعات ضخمة دون دراسة اقتصادية، ووسط كل ذلك الآلاف من أبناء الوطن يعانون من السجون والتعذيب والإهانة وسط هستيريا من العبث بين حبس أطفال ومبدعين وشتائم منحطة غير مسبوقة فى الإعلام والتحقيق مع محام لمجرد أنه اقترح قانونًا ضد التعذيب".. كلمات مليئة بالوجع خطّها الدكتور محمد أبو الغار، الأستاذ الأكاديمى البارز بجامعة القاهرة، ورئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى والأب الروحى لحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، الذى أعلن عن غضبه الشديد من الدولة المصرية الحالية التى وصفها ب"الدولة العميقة"، التى تسعى لتقويض أى محاولات جادة لتطبيق تجربة مدنية حقيقية للنهوض بمصر والخروج من شبح السقوط فى الهاوية. خلال حواره مع "التحرير" أوضح أبو الغار أن ما يحدث داخل مجلس النواب المصرى الحالى هو قمة فى الهزلية والسخرية والإساءة إلى سمعة مصر، وأن إسقاط عضوية النواب المغضوب عليهم غير دستورى يتم بأوامر أمنية، ويؤكد غياب تام للدولة المصرية وسط فقد وسائل التواصل مع النخبة السياسية وكسب رضا الشعب المصرى الذى تم إخراجه من اللعبة السياسية بصورة نهائية بعد أن دخلها بمحض إرادته مرتين متتاليتين خلال ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، لإسقاط الدولتين العسكرية والدينية، مؤكدًا أن اللوم لا يقع على البرلمان الحالى، بل على الدولة المصرية التى وافقت على قانون انتخابات سيئ السمعة يسمح بدخول شخصيات مرضى عنها من قبل النظام ويحول دون وجود نواب حقيقيين يمثلون الشعب المصرى بكل طوائفه، وغيرها من المفاجآت التى طرحها عبر هذا الحوار.. متفائل دائمًا - مقالتك الأخيرة عن أوجاع مصر هل هى استفاقة أم يأس؟ والله أنا طول عمرى متفائل بالتغيير، لكن عن كواليس نشرى مقالتى الأخيرة "حزين عليك يا وطنى" فإننى كتبتها فى دولة أثينا، بعد أن جاءتنى الفكرة عقب واقعة إسقاط عضوية النائب البرلمانى توفيق عكاشة، صديق الدولة الحديثة وذو الشعبية الجارفة من قبل الشعب المصرى، وصاحب أكثر الأصوات الشعبية خلال الانتخابات البرلمانية الماضية، وكان بالنسبة لى الموضوع هزليًا جدًا والدولة غير موجودة على الإطلاق. الصبر والأمل - لكن هذا ليس يأسًا فى أى محاولات للنهوض من جديد؟ طول عمرنا بنراهن على الصبر، وعمر الشعب المصرى ما فقد الأمل فى الثورة والتغيير. قرارات أمنية - كيف ترى إسقاط عضوية توفيق عكاشة ومحاولات إسقاط رئيس نادى الزمالك القائمة؟ قرارات أمنية غير دستورية تجرى بأوامر من الدولة العميقة، التى ترى أن هذين العضوين وغيرهما يمثلون خطرًا على الدولة فى الوقت الحالى بعد أن أدّوا الدور المطلوب منهم على أكمل وجه. القانون السبب - وكيف تُقيم أداء البرلمان المصرى؟ العيب مش فى البرلمان المصرى الحالى، لكن المشكلة الأكبر فى القانون الذى تم على أساسه انتخاب أعضائه، الذين يمثلون جهات مختلفة واتجاهات محددة وعاوزين من وراه مصالح معينة، لكن السؤال الأهم المطروح.. هو ليه البرلمان بقى شكله كده؟ أظن إنها مقصودة بالقانون، ومين اللى عمل القانون الدولة، ومين اللى بيحرك الدولة الأمن. سيئ السمعة - ماذا تقصد بأن مجلس النواب يحركه الأمن؟ قانون الانتخابات البرلمانية لا يسمح بوجود شخصيات سياسية محترمة لا تمتلك العصبيات أو القبليات والدعم المالى الكافى من أجل خوض معارك انتخابية لدخول البرلمان عبر قانون سيئ السمعة ونظام عقيم مُسمى بنظام القوائم المُغلقة المطلقة الكارثى، الذى أقرته اللجنة العليا للانتخابات، وانتُخِب على أساسه البرلمان الحالى لإقصاء كل الشخصيات الجديرة بالنيابة عن الشعب المصرى تحت قبة مجلس النواب. نواب الصدفة - لكن توجد شخصيات سياسية جديرة بالاحترام داخل البرلمان أمثال هيثم الحريرى وكمال أحمد والطنطاوى وغيرهم؟ هؤلاء عشرة أو خمسة عشر نائبًا على أقصى تقدير ممن يمثلون الشعب بشكل حقيقى وبالمناسبة دخلوا المجلس بالصدفة لأسباب وظروف معينة، والشعب المصرى لو منظم مفيش حد هيقف فى طريقه، ولا يضحك عليه فى يوم، وأنا لا ألوم البرلمان الحالى على تشكيلته الحالية، لكن اللوم الأكبر على الدولة اللى مش عاوزه برلمان كويس أو قوى يراقب أداء حكومتها، ويُقر التشريعات التى تقوض من سلطاتها القمعية وتدعم الدولة المدنية الحديثة. تغييرات محددة - وكيف ترى مبادرة حمدين صباحى؟.. وماذا عن البديل المناسب من وجهة نظرك؟ مافيش بديل فى الوقت الحالى، لأن البديل كارثى على الدولة المصرية، التى لا تتحمل سقوط الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، وأكتر حاجة ممكن نوصل ليها هى إننا نضغط على النظام من أجل إجراء تغييرات محددة، ومبادرة حمدين صباحى تهريج، ومفيش عندنا "أوبشن" لطرح البديل الحقيقى فى الوقت الحالى. مواد عقيمة - ماذا عن الأحكام التى تطارد الكتاب والمثقفين بالحبس؟ إحنا محتاجين تغيير فى القانون عبر البرلمان المصرى، للمطالبة بسرعة تعديل المواد العقيمة الموجودة فى قانون العقوبات، التى تقضى بحبس أصحاب الرأى على مقال أو تحقيق أو تقرير منشور، لأنك ما تقدرش تقول للقاضى إنك غلطان فى إصدارك حكمًا بالحبس ضد كاتب رأى، والقاضى اعتمد على ورق ووجهة نظر المحكمة. عنف الدولة - هل النخبة فقدت أى محاولات للتواصل مع النظام الحالى؟ الدولة اللى مش عاوزة تتواصل مع الناس وحتى إن تواصلت مع النخبة السياسية أو القوى الشبابية يكون التواصل باهتا ضعيفا، وهمّ لازم يحسوا إن تلك الخطوة تسهل عليهم كثير من الدعم الشعبى للتضامن معهم فى كل القرارات الصادرة بدلا من السعى لتكميم الأفواه وإغلاق كل المراكز الحقوقية التى تناهض التعذيب، وهذه كلها تركة ثقيلة موروثة من النظام المباركى القديم، وما قبله منذ ثورة يوليو 1952 يعنى مش النظام الحالى فقط هو اللى عنيف، لكن الدولة المصرية طول عمرها عنيفة مع مواطنيها. تجربة مدنية - ومن وجهة نظرك من يحول دون التجربة المدنية فى مصر؟ أطراف كثيرة مش من مصلحتها الحكم المدنى، بداية الثورة المدنية لازم تكبر وتتوحد كل القوى الوطنية من أجل ذلك لأن مافيش حد فى الدولة هيسمح بحدوث ذلك منذ أكثر من ستة عقود، وبداية الحكم العسكرى اللى رافض أى محاولات للحكم المدنى فى مصر، ولن يتغير ذلك الوضع طول ما الشعب المصرى خارج اللعبة السياسية.