أجواء احتفالية.. هذا ما وصفت به صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية ما يحدث في ساحة تقسيم في وسط مدينة اسطنبول، التي كانت مسرحا لاشتباكات عنيفة ما بين متظاهرين وقوات الأمن التركية، والتي انتهت بانسحاب الشرطة وسيطرة المحتجين على الميدان. ونقلت الصحيفة الأمريكية الصورة قائلة: «لقد أصبحت ساحة تقسيم نسخة مكررة من ميدان التحرير، حيث يتراقص الشباب حول السيارات المحترقة، وأقاموا المتاريس؛ تحسبا لهجوم مباغت من قبل قوات الأمن». وتابعت قائلة «كما يجمع آخرين القنابل المسيلة للدموع في معارض تصورها وكالات الأنباء، فيما يقيم الباقين جلسات سمر متفرقة يتندرون فيها ويسخرون من تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان، ومشيرين بعلامات النصر لكاميرات الصحف ووسائل الإعلام المختلفة». ووصفت الصحيفة تصريحات أردوجان، التي قال فيها: «أنا لست بديكتاتور، بل أنا خادم الشعب، وهؤلاء من هم في ساحة تقسيم ليسوا إلا إرهابيين مدفوعين من قبل المعارضة لزعزعة وتشويه الإنجازات التي حققها حزب العدالة والتنمية في تركيا، ولن اتفاوض مع حفنة من اللصوص»، بأنها ليست إلا نسخة جديدة من التصريحات التي سبق وأطلقها طغاة العرب سواء في مصر أو تونس أو اليمن أو ليبيا أو حتى سوريا. وأشارت الصحيفة بقولها إلى أنه ليس على ما يبدو أن المشكلة ستشهد حلا سلميا في القريب العاجل، خاصة بعدما أعلنت وزارة الداخلية إلقائها القبض على نحو ألف شخص، وإصرار أردوجان على المضي قدما في مشروع المركز التجاري وهدم حديقة جيزي؛ سبب اندلاع الاحتجاجات. وقالت كريستيان ساينس مونيتور الأزمة أن الشعور بالضيق من حكومة أردوجان تخطى الفئة القليلة من الشباب العلمانيين، ووصل إلى من هم أكبر سنا، حيث نقلت تصريحات عن ربة منزل في الأربعينات من عمرها، وكانت تلتقط وزوجها صورة تذكارية بجوار سيارة شرطة محترقة، قولها: «لدينا رئيس وزراء فاشي، يريد أن يأخذ كل ما يريد، ونحن صامتون.. لكننا نحن صامدون ولسنا صامتون وسنظل واقفين مدافعين عن حقوقنا، وأعتقد أن ممارساته الحالية ستذهب به وبحكومته وبحزبه إلى مستقبل مظلم». وتابعت السيدة التي تدعى دريا قائلة: «إنهم يدعوننا بالإرهابيين، حقيقة إن الإرهابيين هم قوات الأمن التابعين لهم، الذين اعتدوا بكل وحشية على أبنائنا». ولا يتوقف الأمر عند درية بل تقول الصحيفة إن "ساحة تقسيم" تعج بآلاف الأعلام واللافتات التي تندد ب«فاشية» أردوجان، وتستنكر تكتيكات الشرطة في التعامل مع الاحتجاجات وتطالب بإسقاط الحكومة. وأشارت الصحيفة إلى أن المشهد الذي يتطابق بصورة كبيرة جدا مع ميدان التحرير هو وجود الكثير من المتطوعين، الذين يمسكون أكياس القمامة يجمعون الخردة والقمامة كي ينظفوا ويجملوا من شكل الميدان. ولكن رغم ذلك فإن ما أسمته الصحيفة ب«الكبرياء التركي» يجعل الكثير من المحتجين يرفض أن يتم مقارنة احتجاجات تركيا بانتفاضات الربيع العربي، ويقولون: «احتجاجات تركيا هي قيادة أكثر ديمقراطية وشمولا من الربيع العربي». ولكن الصحيفة تختتم تقريرها قائلة رغم الكبرياء التركي، لكن الحقيقة تشير إلى أنها نسخة متطابقة مع التظاهرات في مصر وتونس، خاصة في هجومهم على السيارات التابعة لشبكة التليفزيون الرسمي إن تي إن، التي وصفوها بأنها متحيزة للحكومة، وتعمدت التعتيم على أسوأ أعمال عنف مناهضة للحكومة منذ سنوات.