لغة مهذبة أقرب إلى التملق استخدمتها تل أبيب وهي تتناول مع ما يحدث في أنقرة، والسبب واضح، إسرائيل تطمح في إعادة العلاقات مع تركيا بعد اعتذراها عن مذبحة مرمرة واغتيال 8 نشطاء أتراك في البحر كانوا متوجهين لقطاع غزة لتقديم المساعدات الغذائية، لهذا لابد من عدم التعرض لدولة تريد تل أبيب إعادة سفيرها لها بعد طرده منها، صحيفة هاآرتس العبرية كانت مثالا لتلك اللغة. بعنوان تجاهل تماما غضب الأتراك ضد رئيس وزرائهم «في ذروة حياته السياسية، أردوجان القوى يخضع لاختبار» قالت الصحيفة العبرية إن «رئيس الوزراء التركي الذي أثبت في الماضي أنه يعرف كيف ومتى يتراجع، من المرجح أن يتعلم درسا هاما من الاحتجاجات المتنامية في بلاده"، مشيرة إلى أنه "من المرجح أن يخرج رئيس الوزراء التركي من هذا التحدي سالما». وأضافت الصحيفة «على الرغم من أن احتجاجات حديقة جيزي في ميدان بأسطنبول تعيد للأذهان ذكريات ميدان التحرير بالقاهرة، إلا أن هناك مسافة كبيرة، سواء على الصعيد الجغرافي، أو الأيديولوجي للفصل بين البلدين، موضحة أن اندلاع الاحتجاجات في اسطنبول جاء بعد قرار الحكومة بتحويل حديقة إلى مركز تجاري ضخم، وإنشاء نظام جديد من الطرق بهدف تهدئة بعض الاختناقات المرورية المروعة وتخفيف صعوبات النقل التي تميز ميدان تقسيم». نقطة أخرى تختلف فيها تركيا عن مصر قبل إسقاط مبارك -وفقا لهآرتس- على رأسها الوضع الاقصادي التركي الممتاز، والشعبية التي تحظى بها اأنقرة في الغرب بسبب مكانتها الجغرافية والسياسية الهامة، ودورها في الأزمة السورية ورعاية أنقرة للمتمردين هناك، مضيفة أنه لا توجد أيضا أي معارضة سياسية حقيقية من شأنها أن تهدد نظام حكم أردوجان. وأضافت «أردوجان لديه قاعدة سياسية قوية، ويحظى بدعم العديد من رجال الأعمال الهامة، وجزء كبير من الطبقة الوسطى، السعداء بسياسته الاقتصادية التي أدت لتحسن كبير في نوعية الحياة وتوفر فرص العمل». وبعنوان «أردوجان هو مبارك في أعين شباب أسطنبول» استبعدت الصحيفة الإسرائيلية أي تشابه بين ما يحدث في أنقرة وما حدث في دول الربيع العربي قائلة "من السابق لأوانه تحديد احتجاجات في اسطنبول باعتبارها ربيعا تركيا. وختمت الصحيفة التقرير بالقول إن «رد فعل أردوجان على المظاهرات في شوارع اسطنبول لم يختلف عن طريقة إدارة مبارك للأمور، فقد بعث الشرطة لتفريق الاحتجاجات بالقوة، ووصف النشطاء بالمحرضين والمجرمين والإرهابيين»، مضيفة في سخرية الشيء الوحيد الذي لم يفعله رئيس وزراء تركيا حتى الآن هو الإعلان بأن تلك الاحتجاجات نظمها جهاز الموساد"، موضحة في نهاية تقريرها أنه رغم كل ما سبق إلا أنه لا يمكن أن نصف ما يحدث بالربيع التركي على غرار الربيع العربي.