تدور في الأوساط المصرية حالة من النقاش والجدل في ظل مطالبات الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين بضرورة الترشيد في استهلاكهم للخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه ودعوته لهم مرارا وتكرارا لتحمل أعباء الاقتصاد المصري المتدهور و"أشلاء الدولة" التي يعيشون فيها، كما أنه لم يخفِ ضيقه بالعدد الكبير لموظفي القطاع الحكومي والبالغ 6 ملايين ونصف المليون موظف. لكن أحاديث الرئيس المتكررة ومطالباته شبه الدائمة في كل خطاباته للمواطنين ب"التقشف" لا تتطرق مطلقا للوزراء، الذين يحصلون على أعلى الرواتب في الدولة. 32 ألف أم 3 ملايين العام الماضي، صرح المتحدث باسم مجلس الوزراء بأن راتب الوزير يبلغ 32 ألف جنيه، لكن الدكتور عماد مهنا، رئيس اللجنة المركزية لمجلس علماء مصر، والذي تقدم باستقالته في وقت سابق، خرج في أحد البرامج التليفزيونية ليؤكد أن رواتب بعض الوزراء فى مصر فعلياً تصل إلى 3 ملايين جنيه، وفقاً لتصريحات محافظ البنك المركزى، مشيراً إلى أن الأزمة ليست فى الأرقام التى تعلنها الحكومة ولكن فى البدلات والمكافآت والتى لا يتم إدراجها فى الكشوف الحكومية وإنما يحصل عليها المسئولون من الصناديق الخاصة الموجودة فى معظم الوزارات. وأكد مهنا في أكتوبر الماضي، أن الثلاثة ملايين التى يحصل عليها بعض الوزراء موزعة ما بين المرتب والمكافآت الخاصة وبدلات السفر والإقامة، بالإضافة إلى أطقم الحراسة والسماعات اللاسلكية والمواكب التى تحيط بالوزراء والتى تصل إلى 4 سيارات تتحمل الدولة تكلفة تسييرها، هذا بالإضافة إلى قوة الحراسة المخصصة لكل وزير والسيارات التى تخصص لأسرهم بزعم حمايتهم من الإرهاب. وإذا كان قانون الحد الأقصى للأجور الذى تم تطبيقه مؤخراً جعل الراتب الرسمى للوزير لا يتجاوز الحد الأقصى للأجور لكن المكافآت والبدلات تفوق ذلك بكثير. هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، أكد في تصريح سابق أن هناك ما يقرب من 312 جهة إدارية في مصر لا تخضع لمراقبة الجهاز، تأتي على رأسها المخابرات العامة والحربية، وغيرها من المؤسسات، مثل وزارات الدفاع والعدل والداخلية، مشددا على أن تعمد إخفاء بيانات الهيئات الحكومية المختلفة يعود إلى رغبتهم في إخفاء رواتب المستشارين التابعين لهذه الجهات، بسبب المغالاة في رواتب هؤلاء. ويقول مصدر في الجهاز المركزي للمحاسبات، إن تقديرات الجهاز توصلت إلى أن مرتبات الوزراء المعلنة والمدرجة في الملفات الرسمية لا تتجاوز، فعلياً، الحد الأقصى للأجور، لكن في المقابل، فإن بدلات الوزراء وتكلفة الحراسة والانتقالات يمكنها أن توفر راتب حد أدنى لملايين العمال، وكشف المصدر أن أجور المستشارين العاملين في الوزارات تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه سنوياً "حوالي 26 مليار دولار". 26% من المصريين "متقشفين" بالأساس في ديسمبر الماضي، أعلن اللواء أبو بكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إنه طبقا لبيانات آخر بحث أجراه الجهاز وأعلن نتائجه، فإن نسبة الفقر العامة فى مصر تقدر ب26.3%، لافتا إلى أن إقليم الصعيد يعد الأكثر فقرا داخل الدولة، حيث تتراوح نسب الفقر به 50%. وأضاف "الجندى"، خلال تصريحات صحفية، أن محافظة أسيوط هى الأكثر فقرا داخل الجمهورية على الإطلاق، حيث تعدت نسبة الفقر بداخلها 60% وذلك وفق البحث الأخير الذى أخرجه جهاز التعبئة والإحصاء، يليها سوهاج وقنا والمنيا وأسوان، مشيرا إلى أن المحافظات الحضرية هى الأقل فى نسبة الفقر نظرا لعدم وجود ريف بداخلها، حيث تقل فيها الفقر عن 17%. ليس الوزراء وحدهم بعد إقرار السيسي لقانون الحد الأقصى للأجور عام 2014، كان الاستثناء الوحيد من هذا القانون هم هيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري، لكن فيما بعد أصدر القضاء عدة أحكام قضت ببطلان سريان القانون على كل من القضاة وأعضاء النيابة والعاملين ببنوك "التعمير والإسكان" و"المصرى لتنمية الصادرات" و"بنك القاهرة" والشركة المصرية للاتصالات، ليصبح القانون أشبه بالمفرغ من مضمونه خاصة وأن تلك الفئات هي التي طالب الشعب بخضوعها للقانون تحديدا من أجل تحقيق مطلب العدالة الاجتماعية المنشود.