كتب- محمد السباعي: بعد ساعات قليلة وبحسابات مختلفة تنطلق المرحلة الثانية من الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهورى والديمقراطى، فى ولاية نيوهامبشاير شمال شرق الولاياتالمتحدة، بهدف استقرار كل حزب على مرشح سيمثله فى الجولة النهائية التى ستجرى فى الثامن من نوفمبر المقبل.
كانت المرحلة الأولى قد جرت فى ولاية آيوا الريفية، الواقعة غرب وسط الولاياتالمتحدة، أسفرت عن فوز ثمين حققه تيد كروز السناتور عن ولاية تكساس على منافسه المثير للجدل الملياردير دونالد ترامب، بواقع 28% من الأصوات مقابل 24% لترامب، بينما حل ماركو روبيو، السناتور عن ولاية فلوريدا، ثالثًا ب23 %. أما جيب بوش فقد كان سقوطه مدويًا، حيث حصل على 2,8% فقط من إجمالى الأصوات، رغم إنفاقه 15 مليون دولار على حملته الدعائية، علمًا بأن شقيقه الرئيس السابق جورج دبليو بوش حصل فى نفس الولاية على المركز الأول إبان انتخابات عام 2000، وبات جيب، الذى شغل آنفًا منصب حاكم فلوريدا، فى موقف حرج للغاية بتقدم تلميذه ومساعده سابقًا ماركو روبيو عليه بفارق كبير من الأصوات، ومنذ إعلان النتائج فى آيوا تمارس الإدارة المركزية للحزب الجمهورى ضغوطًا عنيفة على جيب بوش، وكريس كريستى حاكم ولاية نيوجيرسى، وكذلك جون كاسيتش حاكم ولاية أوهايو، لإجبارهم على الانسحاب لصالح روبيو، حيث يمثلون جميعًا الجناح المعتدل فى الحزب، بهدف إيقاف تفتيت الأصوات والاصطفاف خلف روبيو فى مواجهة الشاطح دومًا دونالد ترامب، وتيد كروز المحسوب على حزب الشاى Tea Party المعروف بمواقف أكثر تشددًا عن النهج العام للجمهوريين. يبقى الجزء الأكبر من الضغوط مُركزًا على جيب بوش نظرًا لشبكة العلاقات القوية التى يملكها فى أوساط الممولين من أثرياء الحزب، التى ستنتقل أوتوماتيكيًا لدعم روبيو فى حال إعلان بوش انسحابه الذى من المتوقع أن يكون انسحابه مسببًا لسقوط تلقائى لكريس كريستى وجون كاسيتش على غرار لعبة الدومينو. بقدراته كخطيب مفوه استطاع روبيو إحداث المفاجأة فى الجولة الأولى، من خلال اللعب على تناقضات كروز وترامب، لا سيما الأخير الذى كانت كل الاستطلاعات تصب لصالحه، وكتب روث ماركوس فى افتتاحية الواشنطن بوست: «نتائج آيوا وضعت روبيو فى موقف قوة، حيث ميز نفسه عن جموع المرشحين وأثبت قدرته على مواجهة كروز وترامب فى آن واحد.. أرى أن روبيو هو الفائز الحقيقى فى الجولة الأولى». روبيو يدخل جولة نيوهامبشاير بأعصاب أكثر هدوءًا عن منافسيه، فمن المعروف عن الولاية توجهاتها الليبرالية، وهو ما يعنى ضعف حظوظ كروز المولود لأب قسيس والمدعوم من المؤسسات الإنجيلية، أما ترامب فعليه تحقيق فوز كاسح، يستبعده الخبراء، لتعويض هزيمته فى آيوا وإلا فإن مسألة ترشيحه ستكون برمتها على المحك.
فى المعسكر الديمقراطى فازت هيلارى كلينتون على زميلها فى الحزب بيرنى ساندرز بنسبة 49.8%، وبفارق ضئيل لم يتجاوز 0.2%، وفى نقاش شهدته جامعة نيوهامبشاير وقع تراشق بين هيلارى وساندرز، حيث أدان الأخير «علاقات مع كبريات البنوك فى وول ستريت»، واصفًا هيلارى دون أن يُسميها ب«مرشحة المؤسسات»، فى إشارة إلى ابتعادها عما يأمل فيه الناخب الأمريكى وتقربها المستمر لدوائر رجال المال والأعمال التى عادة ما تتوجس خيفة من المرشحين الديمقراطيين عمومًا، نظرًا لكونهم محسوبين على اليسار، وهو ما ردت عليه هيلارى بحدة موجهة حديثها إلى بيرنى رأساً: «إن كان لديك شىء ما تريد قوله، أفصح عنه مباشرة.. كفاك تلميحات خبيثة»، وطعنت هيلارى خصمها بتلميح مشابه، مفاده: «لم يحدث أبدًا أن غيرت صوتى مقابل مبلغ من المال»، وتشير استطلاعات الرأى فى أوساط الديمقراطيين إلى أن ساندرز يتفوق على هيلارى فى نيوهامبشاير المجاورة لفيرمونت تلك الولاية التى شهدت مولوده.