بدء تنسيق المرحلة الثالثة لطلاب الثانوية العامة.. الثلاثاء المقبل    جامعة المنوفية وجامعة لومان الفرنسية توقعان اتفاقية تعاون مشترك    هارون: مبادرة «وطنك أمانة» برهان على وعي المصريين في الخارج    الشروط المطلوبة ومسؤوليات الوظائف وطريقة التقديم في بنكي القاهرة وقناة السويس    تراجع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 24 أغسطس 2025    رئيس هيئة قناة السويس يبحث سبل التعاون مع شركة هيونداي كوربريشن    وزير العمل يبحث فتح أسواق جديدة للعمالة المصرية في إيطاليا    الأرخص ب1.25 مليون جنيه| القائمة الكاملة لأسعار سيارات كيا الجديدة في مصر    برلماني: حملات الإخوان ضد السفارات محاولة بائسة للتغطية على جرائم الاحتلال    الخارجية الفلسطينية: احتلال مدينة غزة سيعمق الإبادة والمجاعة    حازم الجندي: لقاء مدبولي ونظيره الياباني يؤسس لشراكة استراتيجية متكاملة    ناشئات مصر للطائرة يفتتحن مشوارهن في بطولة إفريقيا بفوز مستحق على مدغشقر    الزمالك يقرر تحويل تامر عبدالحميد للتحقيق واتجاه لشطبه    أيمن يونس يفتح النار على شيكابالا بشأن تصريحات «الشيشة»    ضبط المتهمين بإنتحال صفة موظفين بالكهرباء للنصب على المواطنين بالسلام    قصة "شهيد العيد" بطل كمين العريش بمنهج ثانية إعدادي 2026    عامل مزلقان بني سويف: «ما فكرتش في نفسي.. ولم أتردد لإنقاذ الشاب»| خاص    وزير البترول يستقبل سفير تشيلي بالقاهرة    السكة الحديد تُسيّر القطار السابع لعودة السودانيين إلى وطنهم    محمد رمضان يكشف خططه الفنية.. وشرطه للتعاون مع هيفاء وهبي    مهرجان القاهرة للطفل العربي يطلق ورشة لتأهيل موجهي المسرح المدرسي    «رحل الخلوق البشوش».. سماء إبراهيم تنعي بهاء الخطيب بكلمات مؤثرة    تامر حسني والشامي يشعلان حفلهما في مراسي الساحل الشمالي (صور)    محافظ أسوان يتابع منظومة التأمين الصحي الشامل بمستشفى المسلة التخصصي    «100 يوم صحة» قدمت 59 مليونا و446 ألف خدمة طبية مجانية    «الصحة» تعلن تحمل رسوم الأطباء المتقدمين لامتحانات البورد المصري    بمشاركة 33 شركة.. انطلاق مبادرة «سلامتك تهمنا» في الإسكندرية    الأقصر تنهى الاستعداد لجولة إعادة انتخابات الشيوخ 2025    تحليل إخباري: انقسام درزي حول تشكيل جيش درزي مدعوم من إسرائيل في السويداء السورية    لمدة 21 ساعة.. انقطاع المياه عن بعض المناطق بالقليوبية (تفاصيل)    عائشة تحقق حلم الطب.. نهاية سعيدة لقصة تلاعب إلكتروني كادت تسرق المستقبل    هيئتى «الرعاية الصحية» و«سلامة الغذاء» تبحثان التعاون فى التغذية العلاجية    الحلم هيبقى حقيقة .. محافظ أسيوط يلتقي خريجي كلية الهندسة لتحويل ابتكاراتهم إلى مشروعات تنموية    القادسية الكويتي يعلن ضم محمود كهربا في صفقة انتقال حر    بسبب ريال مدريد.. بيدري يشكك في ذمة حكم مباراة برشلونة    تامر حسني والشامي يحييان سهرة استثنائية ضمن "ليالي مراسي"| فيديو    «مش بس في الفلوس».. 6 أبراج طماعة وجشعة (تعرف عليها)    بعد 3 مباريات.. سون يفتتح أهدافه بالدوري الأمريكي    محافظ المنوفية يكرم عدداً من ذوي الهمم المتميزين رياضياً الحاصلين علي مراكز متقدمة في مختلف البطولات الرياضية    للمرة الثانية.. محافظ الغربية يستجيب لمطالب الأهالي ويُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام إلى 223 درجة    توجيهات بسرعة تشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام بشمال سيناء    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    قوافل المحافظات.. استخراج 8654 بطاقة رقم قومي و38 ألف خدمة مميكنة    ريال أوفييدو ضد الريال.. فينيسيوس يعانى تهديفيا خارج الديار    مدير القوافل الطبية: نستهدف الأماكن البعيدة عن المستشفيات والخدمات مجانية    اليونيسف: الأطفال والرضع فى غزة يمرضون ويموتون جوعا    "ادعولها يا جماعة".. مصطفى قمر يدعم أنغام بسبب أزمتها الصحية    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    هل تعليق الصور على الحائط حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    "مباراة عادية".. المصري هيثم حسن يتحدث عن مواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني    وكيل عربية النواب: حملات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة للتغطية على جرائم الاحتلال    وزير الدفاع يلتقي عدد من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    حالة الطقس اليوم الأحد.. تحذير جديد للمصطافين    في ذكرى المولد النبوي.. أفضل الأعمال للتقرب من الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم    فى حفل توزيع جوائز نقابة مديرى المواقع الدولية LMGI.. المديرة التنفيذية لرابطة مفوضي الأفلام الدولية AFCI: لجنة مصر للأفلام حققت المستحيل بتصوير Fountain of Youth بالهرم مستخدمة هيلوكوبتر وسط مطاردات بالأسلحة    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخلاق فيكتوريا.. وائل عبد الفتاح
نشر في التحرير يوم 30 - 05 - 2013

أخلاق فيكتوريا.. هى التى دفعت قراصنة من الطبقة الوسطى بعد هزيمة يونيو إلى الانقضاض على «ألف ليلة وليلة» أشهر كتاب حكايات فى الثقافة العربية. مشروع القراصنة كان: نسخة مهذبة من «ألف ليلة وليلة». وكان هذا من إشارات كثيرة حذفت كثيرا من تفاصيل الثقافة الشعبية لصالح أخلاق الطبقة الوسطى المهزومة التى تميل إلى شيزوفرينيا فيكتوريا. النسخة المهذبة كانت أول إشارة إلى الانقسام فى الثقافة بين السرى والمعلن. أصبحت الطبعة الكاملة فى قائمة القراءة السرية. بينما المهذبة موجودة على أرفف العائلات المحافظة. من هنا لفت الانتباه إلى الكلمات المكشوفة الصادمة بعد أن كانت القراءة الحرة لكتاب مثل ألف ليلة هى نوعا من ثقافة لا تدفع إلى سلوك جنسى، ولكن إلى خيال مفتوح على حكايات مثيرة للدهشة الجنس محور بطولتها. وظلت ألف ليلة شاهدة على التحول الغامق إلى الأخلاق المنافقة.. حتى أتى يوم وحكمت فيه محكمة فى دمياط بحرق ألف ليلة وليلة وكانت فضيحة كاملة الأوصاف. هكذا عشنا فى نفق طويل من النفاق رصدته مثلا عندما نشرت نسخة من كتاب الروض العاطر (ضمن ملاحق عن الكتب الممنوعة فى صحيفة «الفجر» سنة 2006) نشرته يومها ضمن 3 كتب محرمة. لكنه وحده الذى أثار الحوارات واللعنات والغمزات. على تليفون الجريدة.. وفى برامج الفضائيات.. وضمن رسائل الموبايل القصيرة.. وعلى ناصية باعة الصحف.. وفى المقاهى. «الروض العاطر» لا غيره. رغم أننا نشرنا النص الكامل لكتاب على عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم» أقوى كتاب فى رفض الدولة الدينية. ونشرنا أيضا فصل معجزة العذراء من كتاب صادق جلال العظم «نقد الفكر الدينى».. لكن «الروض العاطر».. كان الصدمة. لم يتخيل قراء أول سنوات الألفية الثالثة أن هناك كتاب تربية جنسية من تأليف شيخ متخصص فى الفقه.. وموجه أساسا إلى الوزير «أى أعلى سلطة فى تونس». القراء تعودوا على أن الجنس مشروع خطيئة.. لا مكان له فى النور والعلن.. بل فى كهوف سرية.. وفى علب بيع المتع الرخيصة. الجنس ليس علاقة حرية أو.. رحلة فى سبيل لذة «ربما أقوى لذة».. يتحرر فيها الجسد وتطير الروح خفيفة. الصدمة هذه المرة لم تتعلق بفكرة سياسية كبيرة مثل الخلافة، يقدمها المهووسون بالتنظيمات الدينية على أنها روشتة الخروج من أزمات الدولة الحديثة. ولا لعبة استخدام جنرالات الملكية العسكرية فكرة انتظار الناس الغلابة للمعجزة من السماء.. وتحويلها إلى غطاء لهزيمة ثقيلة. كتاب التربية الجنسية كان هو الصدمة. ببساطة لأن الجنس هو الوتر الحساس الذى نخفيه تحت أغطية ثقيلة من عادات النفاق الأخلاقى. نشرت فى الملحق التالى كتابا آخر أكثر شهرة ومن نفس القائمة المحظورة هو «رجوع الشيخ إلى صباه»، اسم شهير فى التربية الجنسية الشعبية. والمدهش أنه بقراءة لا تستدعى أسلحة الأخلاق الرشيدة سيكتشف القارئ أن أغلب الخيال الشعبى عن الجنس مستمد من «رجوع الشيخ». وكتب التربية الجنسية القديمة.. هى نافذة على التفكير واتصال مع فنون الحياة الممنوعة على الناس. الكتاب ممكن أن يكون غريبا عن ثقافة هذه الأيام. أولا من ناحية مصطلحاته المهجورة.. وثانيا من استخدام تعبيرات فى وصف العلاقات والأعضاء الجنسية أصبحت الآن فى خانة الكلام العيب والأوصاف البذيئة. وهذا دليل آخر على أن الأخلاق نسبية وتتغير حسب العصر والثقافة.. والمجتمع، فهذه الكلمات كانت عادية.. والآن هى عارية. ولهذا فإن قراءة كتاب «رجوع الشيخ» الحافل بأوصاف ووصفات تهدف كلها إلى سعادة الجسد وراحة الروح فى رحاب لذة الجنس.. ومن قبله «الروض العاطر».. هو نوع من الرغبة فى التواصل مع ثقافة حب الحياة. هذه الكتب كانت تمنح المعرفة لمجتمعات تعبر من البدوية إلى الحضارة. تحاول اكتشاف دروب المتعة وأسرارها.
ولا نعرف لماذا منعت ولا كيف أصبحت محرمة؟!
ربما نجد تفسيرا فى أن الجنس هو أول الطريق للقهر السياسى. والكبت الجنسى هو مخزن البارود الذى يغلقه الطغاة على المجتمعات الضعيفة لتفجرها من داخلها. السيطرة على الجسد هى سيطرة على المجال الشخصى.. هى إخضاع الفرد وإجباره على الوقوف فى طابور الثقافة العمومية بلا تميز ولا ملامح شخصية. الفاشية تتكلم أولا عن تربية الفرد.. وانضباط أخلاقه. لا تتكلم عن حريته. ولا عن عشق الحياة. والديكتاتورية تكره القراءة لأنها تعلم الفرد أن تكون ثقافته الشخصية بعيدا عن بروجرام ثقافتها الرشيدة. هذه الأنظمة تطارد العقل وتمنع التفكير.. وتبدأ عادة بالجنس. تجعل الكلام عنه فى خانة الابتذال. لا جنس بعيدا عن الخطيئة، لا علاقات حرة، ولا معرفة عن المتعة خارج الكتالوج. من هنا يبدأ القهر. من هنا تبدأ سلطة رجل الدين.. والديكتاتور. وإذا تأملنا كل محاولات السلطات الفاشلة سياسيا.. سنجدها تبدأ من الكلام عن الفضيلة والأخلاق.. لأنها أنظمة عارية من كل قيم.. تقهر الناس وتقمعهم وتمتص قوتهم لكى تستمر فى السلطة. وتريد تغطية مجتمع (تحت شعارات أخلاقية.. وخوفا من مؤامرة انحلال قادمة.. ولكى تشعر الناس أنفسهم بالذنب والعار...). ولن نتغير إلا إذا نسفنا نفق النفاق الطويل.. وما تبقى من قدرة هذه الشيزوفرينيا على أن تكون هى عنوان الأخلاق. لن نتغير إلا إذا ذهبت أخلاق فيكتوريا إلى مدفنها بدون أسف.. وبكتابة على المدفن تقول: الأخلاق الوحيدة هى احترام حقوق وحريات الآخرين. كن متزمتا لكن ليس من حقك أن تفرض التزمت. أنت حر فى أن تكون محافظا لكنك لست حرا فى تخيل أنك بوليس على حريتى. اكتفِ بما تعرفه وتعلمته لكن لا تجعله سدا عاليا أمام حياتى. ولتذهب فيكتوريا وحزبها فى مصر إلى جحيم لا قرار له.. فأنتم أفسدتم حياتنا رغم أنكم بلهاء لا مكان لكم إلا حديقة مفتوحة.. يشاهد فيها الإنسان العصرى بقايا منقرضة من الإنسان الفيكتورى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.