الجبهة الداخلية المصرية متماسكة في مواجهة كل الأخطار    محافظ المنيا يشهد مراسم تجليس نيافة الأنبا بُقطر أسقفًا لإيبارشية ديرمواس    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    إير كايرو توسّع أسطولها الجوي بتوقيع اتفاقية جديدة في معرض باريس للطيران    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    أستاذ نانو تكنولوجي: تآكل الأوزون بسبب القصف يهدد البشر بسرطان الجلد    السياحة: عودة جميع حجاج الحج البري بسلام إلى أرض الوطن    بحضور وزير العمل.. تخريج دفعة من قيادات «العمل الليبية» بالأكاديمية العسكرية    نيويورك تايمز: كبار المسؤولين العسكريين أثاروا مع ترامب ضرورة الاستعداد لإغلاق إيران مضيق هرمز    جنيف تستضيف محادثات أوروبية إيرانية وسط تصاعد التوترات الإقليمية    إيران تعلن عن غارات إسرائيلية على مناطق لويزان وبارتيشن ودماوند شرق طهران    ماسكيرانو: ميسي أفضل لاعب في التاريخ.. وإصراره دائما يفاجئنا    «الطقس سيء».. مروان عطية يعلق على خسارة الأهلي أمام بالميراس    مساعد أرتيتا مدربًا جديدًا لبارما    برشلونة يستقر على تمديد عقد كوندي ويؤجل المفاوضات للصيف المقبل    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    التشكيل - خروج جريزمان ضمن 3 تعديلات في أتلتيكو لمواجهة سياتل    السيطرة على حريق بشقة سكنية بمنطقة منطي بشبرا الخيمة بالقليوبية    إيران تعلن مهاجمة بنى تحتية عسكرية في إسرائيل بمسيرات قتالية تستخدم لأول مرة    قبل الغلق.. رابط التقديم لوظائف المدارس المصرية اليابانية 2026    ثقافة الفيوم تناقش أثر المخدرات على الشباب وتقدم مسابقات ترفيهية للأطفال.. صور    مينا مسعود: فيلمي في مصر أهم من فيلم «علاء الدين»    شيرين رضا: الجمال نعمة وحلاوتي عملت لي مشاكل (فيديو)    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    وكالة فارس: سماع دوي ثلاثة انفجارات شرقي طهران    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    لينك نتيجة الصف الثالث الإعدادي في القليوبية برقم الجلوس    خبير في الحركات الإسلامية: الإخوان يستخدمون غزة كغطاء لأجنداتهم التخريبية    مصرع شاب غرقًا بترعة المحمودية في البحيرة    أستاذة علوم سياسية: الصراع الإيراني الإسرائيلي تحول إلى لعبة "بينغ بونغ" عسكرية    البطريركية القبطية في جنوب أفريقيا تقود صلاة الغروب الأرثوذكسية: "سلامي أتركه لكم"    خبير اقتصادي: البنوك المركزية قد تعود لرفع الفائدة هربًا من موجة تضخم جديدة    سعر الخوخ والبرقوق والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    رسميا بعد الارتفاع الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    محسن رضائي: لم نستخدم ورقتي النفط ومضيق هرمز ولم نلجأ لأصدقائنا بعد ولم نستخدم التقنيات الصاروخية الحديثة    إسرائيل فوق المساءلة وإيران تحت المجهر.. تسييس الملف النووي في الشرق الأوسط    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    ريبييرو: أغلقنا ملف بالميراس.. ونستعد لمواجهة بورتو    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    الرئيس الإسرائيلى: هدفنا القضاء على برامج إيران النووية والصاروخية    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    بسبب بلاغ للنائب العام.. محمد رمضان يعتذر لعائلة «هلهل»    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة والدة مخرجة وفنانة تستغيث ونجمة ترد على شائعة زواجها    "وحش البحار" و"ليو".. أعمال يشاهدها الجمهور على "نتفليكس" في الصيف    وزير الأوقاف: تعاون مشترك مع اتحاد الجامعات لدعم الأعمال الوقفية ومواجهة الإرهاب    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    كارثة تعليمية| رسوب جماعي في مدرسة يثير صدمة.. وخبير يطالب بتحقيق شامل    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة بالصدفة
نشر في التحرير يوم 30 - 01 - 2016

"لم يكن هدفنا عندما قمنا بهذا الإنتاج ابتكار التكعيبية، بل التعبير عما يختلج بأعماقنا".
بابلو بيكاسو
"بالنسبة لي.. التكعيبية كانت مجرد وسيلة قمت بابتكارها لفائدتي الشخصية، على اعتبار أن أضع فني في مستوى مواهبي".
جورج براك
هذا ما قاله "بابلو بيكاسو" و"جورج براك"، زعيما أكبر ثورة فنية عرفها تاريخ الفن في العصر الحديث.. المدرسة التكعيبية!
بدأت إرهاصات هذه الثورة بتمرد "جوجان" على الحركة التأثيرية، وتأسيسه مذهب التكوين الموحد، ثم تمرد الفنانين الوحشيين على التأثيرية أيضًا، ومن ثم العودة إلى الفنون البدائية، والإفريقية، والفن الفطري. في الوقت الذي تأثر فيه زعيم الوحشيين "هنري ماتيس" بفن الزخارف الإسلامية، الأمر الذي ألهمه إلى معالجة بعض التكوينات الفنية بأساليب هندسية، وكان لذلك فضل لا ينكر في التمهيد إلى التكعيبية، ومثلما استطاع الوحشيون أن يحرروا الفن من الألوان الطبيعية، استطاع التكعيبيون أن يحرروه من الشكل. كما كان للفنان "بول سيزان" فضل أكبر في تأسيس التكعيبية، نظرًا لتأثر التكعيبيين، بأسلوبه الذي اختلف به عن باقي الانطباعيين، بإضافة تراكيب جسمية وكتلية إلى عناصر لوحاته.
وقد استطاع "سيزان" أن يرى في الأشكال الطبيعية مساحات هندسية مبسطة، لم يرها أحد قبله، ثم استطاع العبقريان "براك" و"بيكاسو" أن يطورا تشريحه الهندسي إلى مراحل أكثر تقدمًا، فقاموا بتفتيت هذه الأشكال الهندسية إلى أخرى أصغر منها. مكعبات ومخروطات وأسطوانات، ونستطيع أن نصف رؤيتهما المتطورة للأشكال، بأنها بمثابة مشاهدة دقيقة للبناء الداخلي للأشياء، كالبللورات والحبيبات التي تتكون منها المعادن، فتُكون شكلاً خارجيًّا يختلف عن الإيقاعات التي يتكون منها البناء الداخلي.
هذه النظرية عمل "براك" و بيكاسو" على تطويرها من خلال عدة تجارب اشتركا فيها أواخر القرن التاسع عشر، حتى ظهرت التكعيبية للنور في بدايات القرن العشرين.
ورغم أن الجميع يدين لبراك وبيكاسو بابتكار المذهب التكعيبي، فإن أجدادنا البدائيين كانوا سباقين لاكتشاف هذا المذهب، حيث كان التكعيب عنصرًا أساسيًّا في فنون ما قبل التاريخ، وهو ما ساعد البدائيين في رسم أو نحت الأشكال بطريقة هندسية قريبة إلى التكعيب في شكله المتعارف عليه حديثًا، وان كنت أرى أن "التجريد" وليس "التكعيب" هو المذهب المتمم لما بدأته الثورة الفكرية والفنية في أوروبا قبل ذلك بأعوام ليست بعيدة تحت شعار "العودة إلى الأرض"، وهي الدعوة التي استلهم المبشرون بها جوهرها من النظرية الفلسفية التي نادى بها "جان جاك روسو" قبل ذلك بقرن، تحت شعار "العودة إلى الطبيعة"، كما أشرنا في مقال سابق.
ولعلها مصادفة عجيبة أن يكون الناقد التشكيلي "لوي فوكسيل" الذي سبق أن أطلق لقب "الوحوش" على مؤسسي المذهب الوحشي، هو نفسه مُطلق لقب "التكعيبيين" على مؤسسي المذهب التكعيبي! فقد أقام "براك" عام 1908 معرضًا خاصًّا بصالة "كانفيلّر" للوحاته التي حملت أولى سمات التكعيبية، ووصف "فوكسيل" اللوحات في مقال بجريدة "جيل بلاس" علق فيه على المعرض، بأنها تتكون من مكعبات، وفي نفس العام وبنفس الجريدة، وصف "فوكسيل" لوحتين لبراك تم عرضهما في "صالون الخريف الفرنسي" بأنهما تتكونان من مكعبات صغيرة، والتصق هذا الوصف بكل الأعمال الفنية التي انتسبت للحركة وقتذاك، حتى أطلق الناقد التشكيلي "أبولينير" عام 1913 على مؤسسي هذا المذهب لقب (التكعيبيين).
وربما يجهل كثيرون أن هذا اللقب لم يلقَ استحسان مؤسسي الحركة في بادئ الأمر، بل إن وصفهم بأنهم أصحاب نظرية خُطط لها مسبقًا لم يكن يروق لهم، فكان "براك" و"بيكاسو" دائمًا ما يرددان جملتيهما الشهيرتين اللتين ذكرناهما في بداية المقال!
وقد مرت الحركة التكعيبية بأطوار ثلاثة، بدأ أولها عام 1907، وهي المرحلة التي تأثر خلالها التكعيبيون بأعمال "سيزان"، واقتصرت موضوعاتها على أشكال طبيعية مُختزلة في مساحات هندسية بسيطة، ثم الطور الثاني، الذي بدأ عام 1910، وعُرف ب"التكعيبية التحليلية"، وفي هذه المرحلة استغرق التكعيبيون في تفتيت الأشكال مع استخدام لون واحد بشتى درجاته. أما الطور الثالث والأخير، فبدأ عام 1912 وعُرف ب"التكعيبية التركيبية"، وهي المرحلة التي عاد فيها "براك" و"بيكاسو" إلى صور الأشكال الطبيعية في تكوينات قريبة إلى أعمال الحركة في طورها الأول، بعد إدراكهما أن الإغراق في تفتيت الأشكال ربما يصل بهما إلى طريق مسدود، وبذلك كانت المرحلة الأخيرة التي انتهت عام 1914 هي المتممة للمذهب التكعيبي، كما يراه زعيماه "براك" و"بيكاسو".
مع التأكيد أن زعامتهما للحركة لا تقلل من فضل إسهامات باقي روادها، مثل "فرناند ليجيه" و"ألبرت جليسز" و"روبرت ديلوني" و"جان ميتزنجر" و"جاك فيون" و"مارسيل دوشومب".
هذه الثورة الفنية العظيمة المسماة (التكعيبية)، انتشرت بسرعة النار في الهشيم فور تفجرها بباريس عام 1908، لتصل بعد سنوات معدودات إلى برلين، وبرشلونة، ولندن وموسكو.. وما زالت الثورة مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.