"يكذب الكاذب ثم يكذب حتى يخيل إليه أنه صادق وأن الآخرين يصدقوه" الأرجح أن النائب الشاب عمرو أبو اليزيد وجد إنه لا يكفي أن يكون متعاليا ومستغلا لنفوذه وانتمائه البرلماني، وراغبا في تمييز نفسه وتمييز حذائه عن الآخرين فيما لا يجوز فيه التمييز، وإنما قرر أن يكون كاذبا بنفي الحقائق الواضحة التي جرت علي مرأى ومسمع العشرات من الشهود المحترمين، وأن يكون ملفقا ومؤذيا لغيره ومدمرا لبلده في إطار سعيه إلي الخروج من مأزقه الأخلاقي، حين اطلع الرأي العام على ما فعله في مطار القاهرة مساء الأربعاء الماضي، برفض استكمال إ جراءات التفتيش وخلع الحذاء كسائر الركاب محتجا بأنه "نائب ومعه حصانة ولا يجوز تفتيشه". ادعى النائب على الطاقم الأمني في مطار القاهرة، إنه سمح بمرور بعض الأجانب دون تفتيش وخلع للأحذية، مغلفًا اتهامه بشعارات رنانة عن "دفاعه عن كرامة المصريين"، فلم يذهب لمكايدة من اعترضوا على أسلوبه في التعامل، ومن أصروا بمهنية واحترام على تطبيق كافة الإجراءات عليه، لكنه منح المتربصين بمصر والمهتمين دون تربص بتقييم إجراءاتها الأمنية في المطارات ما يمكن أن تلام به وفي ادعاء ملفق. في وقت أزمة تسعى مصر خلالها لاستعادة ثقة العالم في مطاراتها بعد حادث طائرة شرم الشيخ، يخرج نائب في البرلمان المصرى ليقول إن تأمين المطارات المصرية مازال قاصرا، وهناك من ينفذ من الاجراءات دون تفتيش، بما يمكن أن تعتمد عليه شركات السياحة العالمية أو المنظمات المعنية، غير المتربصين محليا ودوليا لقتل ما تبقي من أمل في استعادة السياحة. لك أن تتخيل وقع هذه التصريحات على السياحة وأرزاق المرتزقين منها، وتأثيرها السلبي رغم ما تبذله الدولة من جهد والمجتمع من فعاليات، اذا كان نائب الشعب يقول ان الوضع كما هو والامن "بيفوت" ويدعو العالم لمواصلة عدم الثقة في المطارات المصرية، وهى تصريحات تستوجب المحاسبة الحقيقية، خصوصا أن الثابت بكل الدلائل انها ادعاءات ملفقة، سعى بها النائب للنجاة من النقد الذى كان من الممكن أن ينهيه بكلمة اعتذار، فتورط أو ورطه من أشار عليه ذلك، في إضرار متعمد بمصالح مصر والمصريين. كنت وعشرات غيرى من المحترمين "نواب وصحفيين وباحثين ورجال مال وأعمال" في مطار القاهرة فى الطابور الذي كان فيه النائب أبو اليزيد، حيث كنا جميعنا والنائب في طريقنا للمشاركة في مؤتمر مركز الاهرام للدراسات عن "الحق في الاستثمار" حين طلب الطاقم الأمني من الجميع خلع الاحذية وكل ما يحتوي على معادن لاستكمال اجراءات التفتيش، وتفهم الجميع ذلك، لكن النائب عمرو أبو اليزيد حاول العبور دون التزام بالاجراءات، وحين لفت الأمن نظره لضرورة خلع الحذاء رفض وقال إنه نائب ولديه حصانة، ولا يجوز تفتيشه، وعبثا حاول الأمن بهدوء واحترام إقناعه، حتى تعاطف الركاب مع الأمن، لكنه تمسك بموقفه ما جعل الصوت يعلو ويدخل الركاب الذين جرى استفزازهم في النقاش بقولهم إنها إجراءات على الجميع، فرد عليهم بتعالي "إنتوا تتفتشوا.. أنا لأ"، ما أدى الى دخول الأساتذة أسامة مراد رئيس شركة أكوامين، ومحمد رؤف غنيم رئيس مؤسسة التحرك الإيجابي في مشادة معه، محاولين التوضيح له أن الحصانة لا تعني تجاوز اجراءات التأمين، وسألت الفنانة سيمون التي كانت على متن الرحلة إن كان يستطيع أن يفعل ذلك في أي مطار آخر خارج مصر. قبل ذلك بدقائق شاهدنا عدد من النواب المحترمين يخضعون للاجراءات بهدوء وارتياح منهم النائب خالد عبد العزيز شعبان الذى خلع حذائه وحزامه والجاكت وعبر أكثر من مرة دون تبرم او احتجاج بالحصانة مع كل مرة يطلب منه رجل الامن فيها العودة للفحص. ولم تنته المشكلة سوى بدعم الركاب للشرطة وطلب بعضهم استدعاء مدير أمن المطار، حتى التزم النائب بالتعليمات وخلع حذائه، في الوقت الذي حاول البعض التبرير للنائب بدعوى صغر سنه وقلة خبرته، أو بأسباب ثقافية أخرى، مثل أنه ينتمى لأهلنا في النوبة وخلع الحذاء عندهم غير مقبول، وكأن الهدف من خلعه الحذاء إهانته أو إذلاله. لكن ما فجر الغضب عند كثير من الحاضرين هو إدعاء النائب أن رفضه كان بسبب رؤيته الأمن يسمح لبعض الأجانب بالعبور دون تفتيش، وهو الأمر الذي لم يحدث، وكل الحاضرين يشهدون بأن الإجراءات تم تطبيقها على الجميع دون تمييز، إلى جانب أن النائب لم يحتج بذلك وهو في قلب المشادة مع باقي المسافرين، لأن المنطقي أنه لو فعل لتضامن الجميع معه، لكنه اهتدى لهذا الافتراء في اليوم التالي، وبعد أن صار الخبر معلنًا، وأكدته مصادر أمنية بالمطار لعدد من الصحف. طيّر النائب أخبارًا لمواقع وصحف، وقال إنه سيقدم مذكرة لوزير الداخلية للتحقيق في التمييز ضد المصريين، وقال إنه ثار لكرامة المصريين، فيما هو الذي مارس التعالي علي المصريين من الركاب ومن الطاقم الأمني، ما يجعلني وآخرين من شهود الواقعة نعتبر هذه السطور مذكرة أخرى لوزير الداخلية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس حزب الوفد الذي ينتمي له النائب، وللمواطنين في دائرة بولاق، ولأهلنا المحترمين الأعزاء من المواطنين المصريين النوبيين، بأن النائب يكذب ويلفق، وبدلا من الاعتذار الشجاع، يحاول أن يستخدم نفوذه لتشويه طاقم أمنى لم نر منه أي خطأ، غير تشويهه المتعمد لسمعة مصر ومطاراتها في سلوك انتهازي لا يقدم عليه سوى عتاة المتربصين. هذه الواقعة كما قلت عليها شهود كثر أتذكر منهم الفنانة المحترمة سيمون، والأساتذة أسامة مراد رئيس شركة أكوامين للأوراق المالية، ومحمد رؤوف غنيم رئيس مؤسسة التحرك الايجابى، ود. أحمد كجوك الخبير المالي بصندوق النقد الدولي، ود. أيمن إسماعيل أستاذ ريادة الأعمال بالجامعة الأمريكية، ود. جمال عبد الجواد المدير السابق لمركز الأهرام للدراسات، ود. محمد عبد المطلب رئيس شركة ترينداك، والسفيرة مشيرة خطاب الوزيرة السابقة، والكاتب الصحفي مصباح قطب، وغيرهم كثيرون. ولا يوجد بين هؤلاء جميعا من له سابق معرفة بالنائب شخصيا ولا بانتماءاته، ولا سابق خصومة معه، ولم نهتم بمعرفة اسمه إلا بعد الصعود للطائرة، ومن غير المنطقي أن يدعي أننا نلفق له الواقعة لنغطى قصورا أمنيا، وبيننا من لا يصمت على التجاوزات، ولكاتب هذه السطور أرشيفا في النقد المستقل للأجهزة الأمنية، من السهل الوصول له، ولا يمكن أن ندعي على شخص لا نعرفه لتبرئة الأمن من قصور ما، ولو كان الأمر كما ادعى النائب ولفق، لما صمت أغلب الحاضرين وكنت سأكون أول المتضامين معه، ولصار تناول الموضوع إعلاميا أكثر سخونة. مرة أخري النائب يكذب، ليس فقط على الإعلام وحزبه والبرلمان، وإنما يكذب على مصر، ويطعن جهدها في الظهر، للإفلات فقط من فعلته، وكان الأجدى أن يتصرف بمسؤولية ويعتذر للرأي العام الذى كذب عليه، وللمصريين الذين تعالي عليهم، وللطاقم الأمنى الذى افترى عليه ولفق له اتهاما لو كان صحيحا لوجب علينا جميعا أن نطالب بقطع رؤسهم، ولمصر التى أضر بسمعتها ومصالحها، وكل ذلك لأن النائب أراد أن يمنح حذائه حصانة برلمانية.