المملكة أمرت وزارة مختار جمعة بوقف مصادرة كتب السلفيين والوزير استجاب فورًا الحرب التي شنَّتها وزارة الأوقاف على كتب التشدد والتطرف داخل مكتبات المساجد، وبخاصة كتب السلفية وابن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين، خلال الأسابيع الماضية، إعمالاً لقرار مصادرة أي كتاب يحتوي على مواد متشددةٍ تغذي الفكر المنحرف كإحدى الوسائل في مواجهة حرب الأفكار المتشددة الشاذة عن تعاليم الإسلام، باتت فاشلة ومصيرها في مهب الريح. هذا الفشل تجلَّى في الساعات الأخيرة، بصدور توصيات مباشرة من المؤسسات الدينية بالسعودية بعدم المضي قدمًا في مصادرة كتب السلفية والمنهج السلفي بمكتبات المساجد التي جاءت عن طريق اتصالات مباشرة مع مشيخة الأزهر، أدَّت في النهاية إلى انصياع وزارة الأوقاف بإصدار تعليمات مباشرة لمديريات الوزارة بعدم المساس بكتب ابن عبد الوهاب وشيوخ السلفية. " التحرير " ترصد طريقة دخول تلك الكتب إلى مكتبات المساجد، والهدف من نشر تلك الكتب والتي صادرت الوزارة جزءًا منها قبل وصول تلك التكليفات من قبل السعودية. من أبرز الكتب التي صادرتها وزارة الأوقاف في مديريات مختلفة وأجرت لجان الوزارة الفحص اللازم لهذه الكتب ومصادرتها وإرسالها للقطاع الديني للتصرف فيها، وتسبَّبت في إزعاج السلطات والهيئات الدينية في السعودية، كتب "ابن عبد الوهاب" وبخاصة كتب التوحيد والمراجع الخاصة بالتوحيد، وكذلك كتاب "أصول الإيمان" وأيضًا مجموعة "رسائل في التوحيد والإيمان"، وكتاب "رسائل العقيدة" و"فتاوى ومسائل". مصادر بالوزارة، فضَّلت عدم ذكر أسمائها قالت ل"التحرير"، إنَّ الوزارة أصدرت تعليمات مباشرة ليس فقط بترك كتب "ابن عبد الوهاب" حتى ولو كانت متشددة بل طالت التوصيات كتب "ابن باز" التي كانت الوزارة صادرت أجزاءً منها، مثل كتاب "فتاوى مهمة لعموم الأمة"، و"أصول الإيمان"، و"الدعوة إلى الله"، و"أخلاق الدعاة"، منوِّهين بأنَّ اللجان المشرفة على تطبيق القرار كانت لا تترك في مكتبات المساجد سوى الكتب المعتمدة من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ثمَّ تصادر الكتب الأخرى سواء كانت سلفية أو لشيوخ السلفية أمثال الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، والداعية محمد حسان، ويوسف القرضاوى وحسن البنا وسيد قطب وجميع من يدعو للتشدد والتطرف، أمَّا بعد تلك التعليمات القادمة من السعودية فاقتصرت المصادرة على كتب "الإخوان التكفيرية". وحول كيفية دخول تلك الكتب لمكتبات المساجد بكثافة، قال الشيخ سيد عبود وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد الأسبق: "قبل ثورة 25 يناير تعاملت الأجهزة الأمنية مع المساجد كوسيلة للتقرب من الجماعات والتيارات السلفية فأخذت تترك لهم المنابر يفعلون بها ما يريدون وينشرون الأفكار الشاذة مقابل نقل بعضهم معلومات عن زملائهم، والأمر لم يتغير كثيرًا حتى بعد 25 يناير حيث شهدت تلك الفترة مطالبة الجمعيات السلفية وشيوخ السلفية مثل ياسر برهامي ومحمد حسان وأبو إسحاق الحويني السعودية بضرورة إرسال كتب التيار السلفي بكثافة لمواجهة محاولات المد الشيعي. وأضاف: "السعودية بدأت بعد ذلك ترسل الكتب ناهيك بتلقي تلك الجمعيات أموالاً باهظة من أجل طباعة ونشر هذه الكتب في المساجد، وبالفعل استطاعت أن تنشر التيارات السلفية كتب ابن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين بالإضافة إلى كتب خاصة بها ومن مؤلفاتهم وتحتوي على أفكار متشددة، مستغلين غياب الدور الدعوي الحقيقي لوزارة الأوقاف، ضاربين مثالاً واضحًا بأنَّ أغلب ملحقات المساجد في جميع محافظات الجمهورية من قاعات وحضانات وملحقات أخرى تابعة للدعوة السلفية والإخوان حتى الآن، فالسلفية متواجدة على المساجد وهي الراعي الرسمي لوجود تلك الكتب سواء عن طريق إرسال السعودية لها أو طباعة هذه الجمعيات للكتب مرة أخرى بأموال مباشرة من جمعيات سلفية كجمعية الدعاة وأنصار الحق وغيرهما". وتابع: "مع ضعف بدل الاطلاع للإمام بمعدل 28 جنيهًا وللمفتش بمعدل 18 جنيهًا شهريًّا وهو البدل الخاص بشراء كتب فقهية، يقتني الأئمة والمفتشون هذه الكتب بالمجان من خلال الجمعيات السلفية بطريقة مباشرة أو عن طريق مكتبات المساجد، وبالتالي استطاعت السلفية غزو تلك الكتب بمكتبات المساجد وبعقول بعض الأئمة والدعاة الذين يسهِّلون عليهم مهمة وضع الكتب بالمساجد، ناهيك بالمساجد التي بحوزة تيارات الإسلام السياسي فهي مرتع خصب لانتشار أفكارهم الخارجة عن تعاليم الإسلام، غير أنَّ وزير الأوقاف لم يبدِ أي اهتمام حقيقي للدعوة بالوزارة بل حوَّل جميع مكاتب الوزارة لشؤون إدارية تعمل وفقًا لتعليماته دون مواجهة حقيقية لبحر الأفكار الشاذة التي باتت على مرأى ومسمع الجميع".