تستند الأندية الألمانية على اقتصاد متوازن جعلها تنفرد بالمنافسة فيما بينها على الفوز ببطولة دوري الأندية الأوروبية الأبطال «التشاميونز ليج» هذا الموسم كما لو كانت هذه البطولة الأوروبية الكبرى بطولة ألمانية محلية الصنع خلافا لوضع العديد من الأندية الأسبانية و الإيطالية والفرنسية التي تعاني صعوبات مادية ضخمة . فبايرن ميونيخ و بروسيا دورتموند الذين يتصارعان على الفوز بالتشاميونز ليج عندما يتلقيان في 25 مايو الحالي في استاد ويمبلي بلندن في نهائي البطولة بعد نجاحهما في إقصاء برشلونة و ريال مدريد الرهيبين يقدمان نموزجا يحتذي به في الاستناد على اقتصاد متوازن يقوم على الصرف على النادي من مصادر دخله خلافا لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي على سبيل المثال الذي يتوقف تفوقه على مدى التزام قطر صاحبة النادي بتوفير الدعم المادي للفريق فلو تزايدت عائدات الغاز القطري ازدهر النادي الباريسي و تفوق و لو تراجعت عائداته تراجعت نتائجه . و رغم أن ميزانية بايرن ميونيخ زعيم الأندية الألمانية تبلغ 350 مليون يورو بأقل بنحو 100 مليون يورو عن ميزانية ريال مدريد و برشلونة إلا أن هذه الميزانية أعطت الفرصة لبايرن ميونيخ لتلبية التزاماته بشكل منتظم و على رأس هذه الالتزامات تسديد رواتب اللاعبين وفقا لجدول زمني محدد بين النادي و اللاعبين من دون تأخيرات . و يعد الجمهور بمثابة مصدر التمويل الأول لبايرن ميونيخ فعائدات النادي البافاري من بيع تذاكر المباريات يبلغ نحو 130 مليون يورو «2ر1 مليار جنيه مصري تقريبا » . أما نادي بروسيا دورتموند فقد تمكن من الوصول إلى نهائي التشامبيونز ليج بميزانية لا تزيد عن 200 مليون يورو و هي ميزانية تقل عن نصف ميزانية برشلونة و ريال مدريد . و يكفي للاستدلال على أن الإنفاق المتوازن يمكن أن يبني فريقا قويا أن نعرف أن بروسيا دورتموند أنفق 38 مليون يورو في بناء فريقه الحالي في حين أن كريستيانو رونالدو كلف بمفرده خزينة ريال مدريد 94 مليون يورو . و قد أدى فوز بروسيا دورتموند الكاسح على ريال مدريد برباعية إلى دخول الفريق في بؤرة اهتمام الرعاة و المعلنين . و قد كان من نتاج هذا الاهتمام توقيع بروسيا دورتموند لاتفاقية رعاية مع شركة الطيران التركية تركيش ايروايز مدتها ثلاث سنوات بقيمة 30 مليون يورو بمعدل 10 ملايين يورو في العام . و لا تمثل رواتب اللاعبين عبئا على ميزانية الأندية الألمانية مثلما هي عبئا ثقيلا على الأندية المنافسة في أسبانيا و إيطاليا و فرنسا، فعبء الرواتب التي يتحملها بايرن ميونيخ لا يزيد عن 125 مليون يورو في العام و هو مبلغ لا يزيد عن ثلث ميزانية النادي في حين لا يزيد إجمالي رواتب لاعبي بروسيا دورتموند عن 62 مليون يورو و هي رواتب تدور أيضا في فلك نفس المعدل . و تتطابق هذه النسبة مع قواعد اللعب المالي النظيف الذي يتبناه الإتحاد الأوروبي لكرة القدم و الذي يشترط ألا تزيد نسبة الرواتب عن 65 في المائة من دخل أي نادي و إلا تم منعه من المشاركة في البطولات الأوروبية . و يبلغ متوسط ميزانية الأندية في الدوري الألماني «البوندسليجا» الذي وصل بالباير و ببروسيا دورتموند لنهائي التشاميونز ليج 106 ملايين يورو في حين لا يزيد متوسط الرواتب التي يتحملها كل نادي من أندية البوندسليجا الثمانية عشر عن 40 مليون يورو . و يحاول الإتحاد الألماني لكرة القدم ألا تزيد عائدات الأندية الألمانية الكبرى بنسبة كبيرة عن عائدات الألمانية الصغيرة من البث التلفزيوني حتى تساعد العائدات التلفزيونية في بناء فرق ألمانية قوية أو على الأقل المساهمة في اكتشاف مواهب كروية جديدة . فبايرن ميونيخ صاحب الشعبية الجارفة حصل من البث التلفزيوني على ما يقرب من 31 مليون يورو مقابل 29 مليون يورو لبروسيا دورتموند في حين حصل فريق أوجسبورج الصاعد حديثا من دوري الدرجة الثانية على ما يقرب من 14 مليون يورو . و لا يعني ذلك أن الأندية الألمانية لا تعاني من صعوبات مادية و ديون لكن هذه الديون هي نتاج بناء بنية تحتية رياضية متطورة لا سيما فيما يتعلق ببناء الاستادات التي أصبحت من أهم مصادر دخل أي نادي يريد الارتقاء بمستواه . فنادي شالكة 04 يعاني على سبيل المثال من ديون قيمتها 173 مليون يورو لكن هذا النادي سيتمكن من تسديد جميع ديونه في عام 2022 بعد أن يكون قد تسلح باستاد متطور يجعله قادرا على دخول حلبة منافسة الكبار .