فتحت الحملة التي قادتها وسائل التواصل الاجتماعي ضد الإعلامية ريهام سعيد مقدِّمة برنامج "صبايا الخير" على فضائية "النهار" إلى أن نجحت في وقف البرنامج وإلغاء الشركات الراعية لتعاقدها، الباب أمام إمكانية الاستفادة من هذه الوسائل في الضغط على باقي البرامج التي تستهدف التشهير والإثارة والفتنة في القنوات الفضائية، التي دائمًا ما تكون أشبه بمادةٍ خصبةٍ لوسائل التواصل الاجتماعي فى السخرية والنقد والاستهزاء. واقعة "ريهام" بدأت بأن نشرت "دون إذن" صورًا لفتاة تعرَّضت للتحرش في أحد المولات، فظهرت الفتاة عبر منابر إعلامية متعددة تهاجم صاحبة "صبايا الخير"، فتضامن من تضامن وهاجم من هاجم، فجاءت كلمة الحسم لنشطاء الإنترنت، فنجحت حملاتهم في وقف البرنامج، حيث ضغط النشطاء عبر دعوات مكثفة للشركات المعلنة التي تساهم في عرض هذا البرنامج. "التحرير" استعرضت آراء عددٍ من الكتاب والإعلاميين لمعرفة آرائهم حول إمكانية نجاح هذه الحملة وتعميمها على عدد من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وما إذا كان هذا النوع من الإعلام بمثابة دعمًا للوطن أم أصبحت عبئًا عليه. شومان: نجاح الحملة ضد فضائيات أخرى جائز.. والتحكم في وسائل التواصل صعب الدكتور محمد شومان الخبير الإعلامي، عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية قال ل"التحرير": "نجاح حملة السوشيال ميديا التي قادتها بعض وسائل الإعلام يمكن تعميمها ضد بعض القنوات التي تمارس الإعلام الهابط، والمشكلة الوحيدة هي أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن التحكم فيها وبها تلقائية وعفوية ولا يمكن التخطيط لها إلا إذا كانت هناك مشاعر صادمة للجمهور". شومان أضاف: " وسائل التواصل تفاعلت بشكل تلقائي بسبب أخطاء ريهام المتكررة منذ ظهورها على شاشة التلفزيون، وهناك توقعات إذا استمرت هذه الحملات أن تؤتي نتائج إيجابية مثمرة". مكاوي: بعض الإعلاميين أشبه بفقاعات ظهرت نتيجة فوضى الإعلام أكد الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقًا: "الإعلام يعيش حاليًّا حالةً من الفوضى ونتيجة لهذا الخلل ظهر العديد من الإعلاميين الذين أصبحوا أشبه بفقاعات نتيجة إفرازات هذه المرحلة، وما يحدث على الفضائيات من قبل بعض الإعلاميين لاعلاقه له بالإعلام جملة وتفصيلاً". وأوضح مكاوي: "بعض هؤلاء الإعلاميين ليسوا متدربين على مواجهة المشاهدين وقواعد الإعلام، والحل الوحيد يكمن في إنشاء نقابة الإعلاميين لأنَّها ستحدِّد من هو الإعلامي الذي يستحق أن يظهر على الشاشة وستحدِّد مواصفاته، وإذا كان ينطبق عليه المواصفات وأخطأ فسيحاسب على مثل هذه الأخطاء وفقًا للقوانين". جودة: الرئيس يتحمل جزءًا من تنامي دور هذه الفضائيات بدروه، قال الكاتب الصحفي سليمان جودة إنَّ بعض المنابر الإعلامية تحوَّلت إلى عبء على الرئيس عبد الفتاح السيسي وليس عونًا له، موضِّحًا أنَّ الرئيس مسؤول عن تنامي هذا الإعلام لأنه فضَّل من البداية أن يُنحي إعلام الدولة جانبًا. وأضاف: "لا أعلم إذا كان هذا عن قصد أم لا، فالرئيس اختار أن يخاطب المصريين حينما كان مرشًحا رئاسيًّا من الإعلام الخاص، وأنا لست ضد ذلك لكن كنت أفضِّل أن تكون أول إطلالة له بإعلام الدولة ثمَّ بعد ذلك الإعلام الخاص، لكن السيسي انحاز منذ البداية للإعلام الخاص هذا صوَّر له أنَّه صاحب سلطة، وبدأ يتعامل هذا الإعلام وفق هذا المنطلق والأساس، وأصبحت بعض وسائل الإعلام تتصرف كأنَّها أصحاب فضل على الرئيس". وذكر جودة: "تلك المعضلات تسبَّبت في النهاية إلى حدوث بعض المشكلات التي قد تتفاقم في المستقبل ما لم يكن هناك وقفة مع هذا الأمر حتى يدرك أنَّه إعلام مسؤولية وليس إعلام سلطة". الكنيسي: نقابة الإعلاميين وميثاق شرف إعلامي الحل للخروج من تلك الأزمات أوضح الإعلامي حمدي الكنيسي رئيس الإذاعة المصرية السابق أنَّ الإعلام انزلق لحالةٍ من الفوضى والانفلات بصورة خطيرة للغاية خلال الفترة الماضية، موضِّحًا أنَّ كل ما يحدث في الاعلام يؤكِّد أنَّ مسار الإعلام تحوَّل لمنعطف خطير، لافتًا إلى أنَّ الإعلام إن استمرَّ بهذا الوضع سيؤدي إلى انهيار القيم والمبادئ. وأشار إلى أنَّه أصبح يؤدي إلى حالة انشقاق ليس فقط في الشارع إنَّما بين أفراد الأسرة نفسها، منوِّهًا بأنَّ الحل الوحيد هو تفعيل نقابة الإعلاميين لأنَّها المنوط بها الارتقاء بمستوى المهنة وإصدار ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة الإعلام، وباعتبارها تمثِّل المجتمع المدني فهي الوحيدة صاحبة الحق في مراجعة ومتابعة ومحاسبة كل إعلامي، مشيرًا إلى أنَّه بدون الضوابط والقيادة فلا أمل للإعلام أن يستعيد توازنه. الأسواني: مقاطعة الشركات المعلنة سبيلنا لتقويم الإعلام الساقط بينما قال الكاتب والروائي علاء الأسواني في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "مقاطعة الشركات المعلنة هو السلاح الأفضل لمواجهة الإعلام الهابط، حتى لو زعمت العكس، فلنستعمل المقاطعة ضد القنوات التي تبث تسريبات حقيرة أو تستضيف شتامين، هناك قنوات فضائية تذيع تسريبات حقيرة وشتائم مقذعة لتشويه وإرهاب كل من يعارض السيسي، مقاطعة الشركات المعلنة سلاحنا لتقويم هذا الإعلام الساقط".