في فجر يوم الثلاثاء الماضي، أبحرت المدمرة الأمريكية "يو إس إس لاسين" على بعد أقل من 12 ميلا بحريا من جزر اصطناعية تبنيها الصين في بحر الصينالجنوبي وتتنازع السيادة عليها مع جيرانها. كان الهدف، وفقا للمسؤولين الأمريكيين، هو التصدي لمطالب الصين في ما تعتبره الولاياتالمتحدة مياه دولية، وقد أثار هذا حفيظة بكين، وقال مسؤول صيني، إن المدمرة الأمريكية "دخلت بطريقة غير مشروعة" إلى المنطقة و"هددت سيادة الصين ومصالحها الأمنية". في اليوم ذاته، أرسلت الصين، سفينتين حربيتين إلى المنطقة وطالبت المدمرة الأمريكية بالمغادرة، لكن الأمريكيين تجاهلوا الطلب، بل إن واشنطن أمعنت في تحدي الصين، وأعلنت عن نيتها إرسال المزيد من القطع البحرية في الأسابيع والشهور المقبلة، بحسب ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، لم يتحدث أي من الجانبين عن احتمالات نشوب صدام عسكري، رغم تهديدات صينية مبطنة بأن بكين ستستخدم كل الوسائل اللازمة لردع أي تعد على سيادتها. كانت الصين قد بدأت بتشييد جزر اصطناعية، شكلت امتدادا لجزر سبارتلي في يونيو 2014، رغم أن المنطقة متنازع عليها بين الصين واليابان وتايوان وماليزيا والفلبين وبروناي وفيتنام، ويعتقد أن جزر سبارتلي غنية بالنفط والغاز، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها، خاصة في ظل الجهود الصينية لبناء مطارات في تلك الجزر. وتؤكد بكين سيادتها على كل بحر الصينالجنوبي تقريبا، وهي تقوم فيه منذ عام بعمليات ردم ضخمة لتحويل شعب مرجانية إلى موانئ وبنى تحتية مختلفة. وتخشى الولاياتالمتحدة ودول جنوب شرق آسيا، من عملية عسكرية مفاجئة للعملاق الصيني من شأنها أن تمنحه السيطرة على أرخبيل سبراتليز، أحد ممرات الملاحة الأكثر استراتيجية في العالم، وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. كما أعلنت بكين عن نيتها نشر منظومة للدفاع الجوي في تلك المنطقة، وهو ما من شأنه أن يرسخ نهائيا لسيطرة صينية على المنطقة. وفي محاولة لتهدئة الأجواء، أعلنت واشنطن عن اجتماع بين قائد عمليات البحرية الأمريكية، الأدميرال جون ريتشاردسون، وقائد البحرية الصينية، الأدميرال وو شينجيلي، الثلاثاء لبحث تطورات الوضع. ورغم أن التوتر بين واشنطنوبكين، بسب هذه المنطقة المتنازع عليها ليس بجديد، إلا أنه بحسب دوائر إعلامية واستخبارية أمريكية، فإن الولاياتالمتحدة بدأت تشعر بضغط شديد نتيجة للنمو الاقتصادي والقوة العسكرية لدى الصين، وهو مكن بكين من الإقدام على تحركات أكثر تحديا بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة. في الشهر الماضي على سبيل المثال، أرسلت الصين 5 سفن حربية إلى المياه الدولية قبالة ساحل ألاسكا الأمريكي، وهو شيء لم تقدم عليه الصين من قبل مطلقا، وفقا للمسؤولين الأمريكيين. ويرى الأمريكيون في المقابل، أن زيادة تواجدهم العسكري في المنطقة هو جزء محوري من استراتيجيتهم في آسيا، وفي هذا الاتجاه تحاول واشنطن أن تحشد كل حلفاءها في المنطقة وتعمل على زيادة قدراتهم العسكرية لمواجهة طموحات الصين المتزايدة. ووفقا لتقرير كتبه ثلاثة باحثين بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، وهو مركز مقرب من دوائر صناعة القرار في الولاياتالمتحدة، فإن التحرك الأمريكي الأخير كان محاولة لإرسال رسالة إلى الصين مفادها أن واشنطن لن تسمح للصين باستخدام قوتها المتعاظمة، لتهديد مبدأ الممرات البحرية المفتوحة. وقال التقرير، إن إرسال المدمرة الأمريكية كان "دليلا عمليا على أن الولاياتالمتحدة لن تقبل بمطالب بحرية تنتهك القانون الدولي، وهو يضع ضغوطا على قادة الصين لتقديم تفسير قانوني لاعتراضاتهم على العملية". كذلك سعت واشنطن – وفق التقرير – لإرسال رسالة للمنطقة، بأن واشنطن مستعدة للتصدي للعدوان الصيني، وفق تعبيره، في ظل اعتقاد أمريكي بأن غالبية دول المنطقة سترحب بقرار الولاياتالمتحدة القيام بدوريات حول الجزر الاصطناعية الصينية. وتقول التايمز، إن النزاعات على بحر الصينالجنوبي من المرجح أن تظل مصدرا لعدم الثقة والشك بين واشنطنوبكين على رغم جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونظيره الصيني تشي جينبنج لتعميق التعاون بين الجانبين.