صدرت اليوم عدة تصريحات روسية قلقة، تحذر من الهجوم على سوريا تحت غطاء مكافحة الإرهاب. وألمح مراقبون أن هذه التصريحات تعكس إمكانية توجيه ضربات إلى مدن سورية، تمهيدا لقصف دمشق في ما بعد. مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أكد أن الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي في الأراضي السورية لا تضر بقدرات تنظيم "داعش"، كما أنها تتعارض مع القانون الدولي. وأوضح أن "ما يقوم به شركاؤنا الغربيون في سوريا يعد مخالفة كبيرة للقانون الدولي، لأنهم يبررون خطواتهم بالمادة 51 في ميثاق الأممالمتحدة المتعلقة بالحق في الدفاع عن الذات، لكنهم يقومون بضرب أراضي دولة ذات سيادة دون موافقة حكومتها على ذلك". وقال تشوركين إن الأنشطة الأمريكية في سوريا تثير أسئلة كبيرة من وجهة النظر القانونية، في الوقت الذي تقدم فيه روسيا مساعداتها لدمشق بمراعاة تامة للقانون الدولي. وأعرب عن قلق موسكو من أنباء تحدثت عن استخدام عناصر "داعش" لأسلحة كيميائية في العراق. ودعا إلى توسيع تفويض لجنة التحقيق الدولية المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المعينة بتقصي الحقائق، لكي تتمكن أيضا من دراسة وقائع استخدام المواد السامة في العراق. في نفس السياق وصفت موسكو إنجازات التحالف الدولي ضد "داعش" ب"المتواضعة"، وجددت دعوتها لتوحيد الجهود في مجال مكافحة الإرهاب على أساس القانون الدولي وتحت إشراف مجلس الأمن. وذكر بيان لوزارة الخارجية الروسية أن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" أسس منذ عام دون إقرار ذلك في مجلس الأمن الدولي، وأن دول التحالف تعمل في أراضي العراق على أساس طلب الحكومة العراقية ولكنها تعمل في سوريا دون أي تنسيق مع حكومتها الشرعية. وأشار البيان إلى أن عددا من دول التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة لا تزال تمول وتسلح المعارضة المسلحة التي تقاتل الجيش السوري وهو القوة الرئيسية التي تواجه "داعش" في سوريا، مؤكدا على أن إنجازات التحالف الدولي في مكافحة "داعش" تبدو متواضعة، لا فتا إلى أن توجيه أكثر من 5 آلاف ضربة جوية وتدمير 7655 هدفا وإجراء عمليات خاصة لم توقف تقدم الإرهابيين. من جانبع أعلن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف أن الخطر الأمني الرئيسي في العالم يتمثل في النشاط الإرهابي بالعراقوسوريا، داعيا إلى بدء حوار واسع لتشكيل تحالف لمكافحة الإرهاب. وقال إنه يجب إطلاق حوار واسع حول تشكيل تحالف لمكافحة الإرهاب يوحد جهود جميع القوى التي ترى خطرا جديا فيما يحدث في المنطقة وترى كيف يحاول "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية التوسع. وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن تحريك التسوية السورية يتطلب المضي قدما على مسارين، يتمثل أولهما في مكافحة الإرهاب والثاني - في تفعيل الاتصالات السياسية من أجل إيجاد حل. كما أعلن رئيس مجلس النواب الروسي سيرجي ناريشكين أن هدف واشنطن، التي عملت على زعزعة الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد يتمثل في زعزعة الوضع في أوروبا أيضا. وقال ناريشكين إن هناك بالتأكيد من كان على علم بأن اللاجئين الفارين من الموت سيتدفقون إلى دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن معظم السياسيين الأوروبيين يفضلون التزام الصمت بشأن الأسباب الحقيقية لتدفق اللاجئين. وأعرب رئيس البرلمان الروسي عن أسفة من أن أوروبا تنظر لفترة طويلة كيف يقوم حلف الناتو بتدمير القواعد الأساسية للقانون الدولي، مشيرا إلى أمثلة من بينها، "مواقف أوروبا بشأن التدخل في العراق وليبيا وكذلك ما يحدث الآن". وأضاف أن الولاياتالمتحدة هي التي تقف وراء أيديولوجيا التدخل في هذه الحالات. من جهة أخرى أكد ناريشكين أن "روسيا كانت ومازالت تقوم بتصدير الأسلحة للقوات الحكومية في سوريا، وروسيا لم تخف ذلك أبدا"، مؤكدا "فعلنا وسنفعل ذلك وفقا لقواعد القانون الدولي". كما دعا أعضاء الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى التركيز على تنفيذ المهمات المحددة في ضمان الأمن وبدء إعادة ترتيب الشراكة بين روسيا والاتحاد الأوروبي والتي تضررت بسبب العقوبات الاقتصادية والشخصية. ودعا إلى "إعادة الحوار والقانون" إلى السياسة الدولية وإعادة القيم الإنسانية للنظام العالمي الديمقراطي، محذرا من استخدام المعايير المزدوجة. أما هيئة الأركان العامة للجيش الروسي فقد أكدت على أن موسكو لا تخطط في الوقت الراهن لنشر قاعدة جوية في أراضي سوريا. وقال نيقولاي بوجدانوفسكي نائب رئيس هيئة الأركان الروسية إننا "في الوقت الراهن، ليس لدينا مثل هذه الخطط. لكن كل شيء ممكن". وكانت روسيا قد نفت مرارا مزاعم تناقلتها وسائل إعلام غربية عن إرسال مزيد من العسكريين الروس ودبابات إلى سوريا، بالإضافة سفينتي إنزال وطائرة محملة بمعدات مخصصة لتجهيز مدرج الإقلاع والهبوط في مطار حميميم العسكري باللاذقية. ونفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأسبوع الماضي اتخاذ موسكو أي خطوات إضافية لتعزيز وجودها العسكري في سوريا، معيدا إلى الأذهان أن هناك خبراء من روسيا في الأراضي السورية تتمثل مهمتهم في تدريب العسكريين السوريين على استخدام المعدات الروسية، ولكن إذا ظهرت ضرورة لاتخاذ مثل هذه الخطوات، فستعمل روسيا على هذا المسار بما يتطابق بالكامل مع القانون الدولي والتزامات روسيا الدولية، ولن نقدم على ذلك إلا بطلب وبموافقة الحكومة السورية، أو حكومات دول أخرى في المنطقة، إذا كان الحديث يدور عن دعم هذه الدول في مكافحة الإرهاب.