خارج العمارة السكنية، تظهر آثار الحريق، مشيرة لوقوع كارثة بالعقار، فضلًا عن الحزن المخيم على العقار بالأزياء السوداء، حزنًا على الطفلين اللذين، تفحمت جثثهم وهم محتضنين بعضهم البعض. رصدت «التحرير» القصه المآساوية التي عاشها أسرة الطفلين «سالم ومحمد»، عند عودة الأم من العمل، وتعمل في مصنع بمنطقة الاستثمار، تاركة الطفلين يلعبان في حجرتيهما، وهي تطهو لهم الطعام، وفجأة، وبحسب أقوال الشهود، بدأت تصرخ وتقول «ولادي.. النار»، وقد لقى الطفلان مصرعهما بعد أن تفحمت جثتهما، وأصيب والدهما في اندلاع حريق بمسكنهما، أحد مساكن السيد متولي، التابعة لحي الضواحي ببورسعيد. وتحكي «الحاجة زنوبة»، أحد الجارات، ذات السبعين عامًا، وهي تنهمر في البكاء، عندما شاهدت النار والأم ترفض الخروج وتبحث عن ولديها، فتجمع الجيران وبدأوا في إطفاء النار التي اشتعلت في الصالة، مع الاتصال بالمطافىء، وتقول رغم حالتها الصحية السيئة، مسكت بطبق ممتلأ بالماء، وتساعد في إطفاء النيران. وتكمل السيدة حكيها، بأن قوات الإطفاء وصلت متأخرة، كما ان العمارات قريبة من بعضها، ما صعب الوصول إلى الشقة بالدور الخامس بسهولة، وأضاف إسلام محمد، أحد السكان، أن الأب جاء من الشغل ليجد الحريق داخل منزله، ليحاول مسرعًا الدخول، ويسقط عليه إحدى قطع أثاث المنزل، لتحدث له جرح قطعي بالرأس ليغشى عليه، وعند استعادة وعيه بمساعدة الأهالي، وجد طفليه متفحمين، أما الأم فسقطت مغشية عليها من الصدمة بعد أن شاهدت طفليها متفحمان. وقالت أميرة إبراهيم، شاهدت الطفلان يلعبان قبل الحادث بساعة أمام الشقة، فنادت عليهما الأم ليدخلوا، ثم أنها كانت تقف في شرفة منزلها، لتجد فجأة دخانًا يخرج من شقة جارتها، مضيفة أنه يحتمل أن يكون الأطفال يلعبان بكبريت واشتعلت النار بسهولة في «الأنتريه»، وبداخله القش، فهرب الطفلان لحجرتهما واختبئا تحت السرير خوفًا من النار. وأكدت «أميرة» أن الأب كان متعلق جدًا بالطفلين، وكانوا يلاحظوا ذلك، ويأخذهما معه، وكانت «أسرة في حالها لا يختلطون بالجيران إلا أحيانًا، الأطفال تلعب مع أبناء الجيران لوقت قصير، فيناديهما والديهما إلى الشقة، ولا نعرف عن الأسرة إلا القليل»، وتؤكد «كانت الأم تعتني بهما وأحيانًا نجد عم الأب يجالس الأطفال في حالة غياب الأم والأب». أحد أمناء الشرطة بنقطة القابوطي، المجاورة للعمارة، والتي بها الشقة المحترقة، رفض ذكر اسمه، طالب أصحاب القلوب الرحيمة بالاهتمام بالأم والأب، وتوفير مسكن وعفش بديل لهما، من الذي حرق، لأنهما «غلابة ويخرجان للعمل للإنفاق على أسرتهم»، مؤكدًا أنه كل شىء حرق بما فيه الأجهزة الكهربائية، كما أنها كانت تضع على الحائط مشمع لتخفي حوائط المنزل المشوهة، بالإضافة إلى الستائر الكثيفة التي ساعدت على الاشتعال. وأكد أمن الشرطة، أنه كان في راحة، وعندما علم بالحريق أسرع للذهاب والمساعدة، وبكا عندما شاهد الطفلين تحت السرير متفحمين، وقال أن كل من يحاول الدخول لإطفاء الشقة يختنق من النار والدخان. أما الدكتور إسلام رمضان، مدير الصحة ببورسعيد، قد تلقى إخطارًا من أيمن جابر مشرف الطوارىء، يفيد بوصول الشقيقان محمد السيد محمد، 4 سنوات، وسالم السيد محمد، 5 سنوات، متفحمين، إلى مستشفى بورسعيد العام، بينما أصيب والدهما، سالم محمد إبراهيم، 55 سنة، مصاب بجرح قطعي 10 سم بفروة الرأس. وفور إبلاغ إدارة الإطفاء والحماية المدنية، قامت سيارات الإطفاء بالسيطرة على الحريق، ويجرى رجال البحث الجنائي تحت إشراف اللواء محمد الديب، التحريات لمعرفة سبب الحريق، وتبين من التحريات الأولية أنه بسبب انفجار أنبوبة غاز، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وأمرت النيابة العامة بالتحفظ على جثتي الأطفال تحت تصرفهما، واستكمال التحقيقات. * * * *