يوافق يوم غد الأحد 30 أغسطس، الذكرى التاسعة لرحيل الأديب العالمي، نجيب محفوظ، مؤسس الرواية العربية، وأول أديب عربي حصل على جائزة «نوبل» في الأدب. ولادته ملك الأدب الواقعي، وُلدَ في حي الجمالية بالقاهرة في 11 ديسمبر عام 1911، لأب عمل موظفًا ولم يقرأ فى حياته سوى القرآن الكريم. وكان «نجيب» أصغر أشقائه، وقت اندلاع ثورة 1919 كان عمره 7 سنوات فقط، ولكنه جسد ما تذكره منها فى روايته «بين القصرين»، أولى أجزاء ثلاثيته الشهيرة. دراسته التحق «محفوظ» بجامعة القاهرة في عام 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة، وشرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، قبل أن يٌغير رأيه ويقرر التركيز في الأدب. انضم بعد تخرجه إلى السلك الحكومي وعمل سكرتيرًا برلمانيًا في وزارة الأوقاف في الفترة من عام 1938 وحتى عام 1945، فمديرًا لمؤسسة «القرض الحسن» بالوزارة حتى 1954، وعمل بعدها مديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة كمديراً للرقابة على المصنفات الفنية. وفي 1960 عمل نجيب محفوظ، مُديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، وكان آخر منصبٍ حكومي شغله، رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، في الفترة من عام 1966 وحتى عام 1971، وتقاعد بعدها ليصبح أحد كٌتاب مؤسسة الأهرام. بداياته بدء أديبنا الكتابة مُبكرًا، منتصف الثلاثينيات، ينشر قصصه القصيرة في مجلة «الرسالة»، وفي 1939، نشر روايته الأولى «عبث الأقدار»، والتي قدّمت مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر «كفاح طيبة» و«رادوبيس» ليٌنهي تلك السلسة التاريخية ب «زمن الفراعنة»، إلا أن اسم «نجيب محفوظ» لم يلق اهتمامًا حتى نهاية الخمسينيات، فظل مُتجاهلاً من قبل النُقاد لمدة 15 عامًا، قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد. شهرته بدء نجيب محفوظ، الكتابة في عام 1945، حيث وضع خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية «القاهرة الجديدة» ، «خان الخليلي» و«زقاق المدق»، وقام بتجربة الواقعية النفسية في رواية «السراب»، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع «بداية ونهاية» و«ثلاثية القاهرة». بعد ذلك اتجه «محفوظ» إلى الرمزية في رواياته «الشحاذ»، و«أولاد حارتنا»، التي سببت ردود فعل قوية وكانت سببًا في التحريض على محاولة اغتياله، كما اتجه محفوظ في مرحلة مُتقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفانتازيا، مثلما حدث في روايات «الحرافيش» و «ليالي ألف ليلة» وكتابة البوح الصوفي والأحلام كما في عملية «أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة» واللتان اتسمتا بالتكثيف الشعري وتفجير اللغة والعالم. مؤلّفات نجيب محفوظ، تعتبر من ناحية بمثابة مرآه للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدوينًا مُعاصرًا للوجود الإنساني ووضعية الإنسان في عالم يبدو وكأنه هجر الله أو هجره الله، كما أنها تعكس رؤية المُثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة. وتوقف «نجيب محفوظ»، عن الكتابة بعد الثلاثية، ودخل في حالة صمت أدبي، انتقل خلاله من الواقعية الاجتماعية إلى الواقعية الرمزية، ثم بدأ نشر روايته الجديدة «أولاد حارتنا»، في جريدة الأهرام عام 1959، وفيها استسلم نجيب لغواية استعمال الحكايات الكبري من تاريخ الإنسانية في قراءة اللحظة السياسية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة ليطرح سؤال على رجال الثورة عن الطريق الذي يرغبون في السير فيه (طريق الفتوات أم طريق الحرافيش ؟)، وأثارت الرواية ردود أفعال قوية تسببت في وقف نشرها والتوجيه بعدم نشرها كاملة في مصر، رغم صدورها في 1967 عن دار الآداب اللبنانية. وجاءت ردود الفعل القوية من التفسيرات المباشرة للرموز الدينية في الرواية، وشخصياتها أمثال: الجبلاوي، أدهم، إدريس، جبل، رفاعة، قاسم، وعرفة. وشكل موت الجبلاوي فيها صدمة عقائدية لكثير من الأطراف الدينية. جائزة نوبل تعتبر رواية «أولاد حارتنا» واحدة من أربع روايات تسببت في فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، كما أنها كانت السبب المُباشر في التحريض على محاولة اغتياله، وبعدها لم يتخل تمامًا عن واقعيته الرمزية، فنشر ملحمة الحرافيش في 1977، بعد 10 سنوات من نشر أولاد حارتنا كاملة، وحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988، نال بعدها قلادة النيل العظمى عام 1988، كما حصل على جائزة «قوت القلوب الدمرداشية رادوبيس» - 1943، جائزة وزارة المعارف، كفاح طيبة عام 1944، جائزة مجمع اللغة العربية، وخان الخليلي عام 1946، وجائزة الدولة في الأدب، وبين القصرين عام 1957، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1968، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1972، ،جائزه كفافيس 2004. وفي 21 سبتمبر 1950 بدأ نشر رواية أولاد حارتنا مُسلسلةً في جريدة الأهرام، ثم توقف النشر في 25 ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية على ما وُصف ب «تطاوله على الذات الإلهية». لم تُنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، واقتضى الأمر 8 سنوات أخرى حتى تظهر كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية التي طبعتها في بيروت عام 1967، وأعيد نشر أولاد حارتنا في مصر في عام 2006 عن طريق دار الشروق. محاولة اغتياله في أكتوبر 1995 تعرض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال أخرى، بعدما تم طعنه في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملّة بسبب رواياته المثيرة للجدل، فلم يمت «نجيب»، كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد تم إعدام الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى عدم إعدامهما. تمثال نجيب محفوظ في إطار الاحتفالية الثقافية بمناسبة بلوغ نجيب محفوظ، عامه ال 90 ، قرر المستشار محمود أبوالليل، محافظ الجيزة اختيار «ميدان سفنكس»، لوضع تمثال للكاتب الكبير تكريمًا له، إلى جانب عمل لوحة جدارية أمام منزله على النيل تضم سيرته الشخصية وأعماله. وفاته وتُوفي نجيب محفوظ فى 30 أغسطس عام 2006؛ إثر تعرضه لقرحة نازفة بعد 20 يومًا من دخوله مستشفى الشرطة، في حي العجوزة بمحافظة الجيزة، لمروره بمشاكل صحية في الرئة والكليتين، حيث كان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.