بعد مرور أكثر من شهر على انطلاق موسم عيد الفطر السينمائى، ما زال فيلم «شد أجزاء» لمحمد رمضان يتصدر بورصة الإيرادات بنحو 20 مليون جنيه، بينما يحتل «ولاد رزق» لأحمد عز المركز الثانى بنحو 17 مليون جنيه، بينما تراجعت إيرادات أفلام «سكر مر» و«حياتى مبهدلة» و«نوم التلات»، لدرجة أنه تم رفعها من بعض دور السينما، ليعرض بدلا منها «شد أجزاء». بينما لا يزال فيلما «الخلبوص» لمحمد رجب و«حارة مزنوقة» لعلا غانم يبحثان عن فرصة. وبعيدا عن الإيرادات وصراع شباك التذاكر، كشف عدد من نقاد السينما عن بعض ظواهر موسم العيد، مقيمين الأفلام، راصدين للصاعدين والهابطين. الناقدة خيرية البشلاوى، قالت إن أكثر عملين نجحا خلال موسم أفلام عيد الفطر هما فيلما «شد أجزاء» و«ولاد رزق»، بينما فشل فيلم «نوم التلات» تجاريا، والأفلام الثلاثة من نوعية الأفلام التجارية التى تتملق الجانب الحسى العنيف والجنسى للجمهور المستهلك للسينما داخل دور العرض، ومعظمه من الشباب ما بين 25 و30 عاما، وموضوعات هذه الأفلام لا تنتصر لأى قيمة من قيم الواقع، بل هناك قيمة شديدة الخطورة تروج فى هذه الأعمال، خصوصا فيلمى «شد أجزاء» و«ولاد رزق»، وهو العداء للقانون وضربه بالحذاء. البشلاوى أضافت أن هذه الأفلام تتوجه بشكل أساسى للجماهير الشعبية البسيطة التى لا تمتلك وعيا أو ثقافة أو قدرة على الاختيار ما بين الجيد والردىء، لكنها تنجذب بشكل أساسى مع الغرائز الأولية، مثل العنف، والتوجه إلى الإغراءات الجنسية وحل المشكلات باستخدام السلاح والتجاهل التام للقانون، ففى فيلم «شد أجزاء» استبدل الفنان محمد رمضان شخصية عبدة موتة البلطجى بضابط الشرطة، فجوهر الشخصيتين واحد، وكل منهما يسعى لتحقيق ما يصبو إليه باستخدام العنف والحل الفردى بعيدا عن القانون. وأشارت البشلاوى: البوصلة التى تتجه إليها موضوعات الأفلام اعتمادا على النماذج التى عرضت خلال الموسم السينمائى الماضى هى أفلام خارج المأمول من فن شعبى جماهيرى، فالأمل يتمثل فى اهتمام الدولة بفكرة سيادة القانون، وهذا سيبدأ من عقول ووعى الناس وليس بالقوة الجبرية، ولا بد أن يقتنع الناس أن تنفيذ القانون هو الحل لمواجهة الفساد وإصلاح ما أفسدته الأنظمة البائدة، وعلى السينما أن تلعب هذا الدور، فهى حتى الآن لا تلعب إلا دورا سلبيا فى جذب المجتمع إلى الخلف بقتل فكرة أهمية وضع القانون موضع تنفيذ، فالسينما تروج لإقامة العدل باستخدام السلاح، ولتجارة المخدرات، والجنس، وفكرة البطل الفرد المستعين بالقوة الغاشمة، كما أن السينما حين لجأت إلى البطولة الجماعية فى فيلم «ولاد رزق» كانت بطولة ضد كل ما هو مقدس فى قيم الطبقة المتوسطة وقيم الشعب المصرى. البشلاوى أكدت أن فيلم «سكر مر» هو الفيلم الوحيد الذى يتناول شريحة من الشباب الموجود فى الواقع والتى تأثرت بفكرة العولمة، بعيدا عن السياسة، بمعنى تكسير الحدود بين الثقافات، موضحة أن الفيلم يطرح نماذج لمصريين يعيشون بقيم الغرب، ينتمون إلى الطبقة المتوسطة ويكسرون قيم هذه الطبقة، كما يقدم الفيلم نموذجا لحالة التخبط الاجتماعى والثقافى لفئه معينة من الشباب لا يمثلون الأغلبية، لكن نسبة كبيرة من التكوين المصرى، مشيرة إلى أن الفيلم مستواه الفنى جيد وبه اهتمام بفكرة احترام الفن وأنه ليس سلعة تجارية، لذلك لم يحقق إيرادات كبيرة. ووصفت البشلاوى عودة الفنان محمد سعد فى فيلم «حياتى مبهدلة» بالمصيبة، مؤكدة أن الشخصية التى قدمها فى الفيلم عبارة عن مسخ مشوه واستهلاك وصل إلى حد «الهلهلة» لتكرار شخصية اللمبى، مشيرة إلى أن فيلم «الخلبوص» يحاول أن يكون فيلما مسليا بعيدا عن السوقية، ويتعرض لطبقة أرقى اجتماعيا وثقافيا وماديا، من خلال شخصية الشاب العاطل بالوراثة، لكنه حاول أن يبحث لنفسه عن مكان، فهو فيلم لا نملك رفضه. من جانبه، قال الناقد كمال رمزى إن المستوى العام لأفلام هذا الموسم جيد، وأكثر أفلام تستحق المشاهدة هو «سكر مر»، فالمخرج هانى خليفة قدم مستوى فنيا جيدا، ونجح فى إعادة صياغة الشخصيات بصريا، كما أن الفيلم يعد محاولة لمعرفة هموم الأجيال الجديدة ورصد لتغيرات مشاعر الناس، أما فيلم «ولاد رزق» فهو الفيلم الأسود، حيث ينتمى إلى نوعية أفلام الجريمة التى تدور حول المطاردات والصراعات الدامية وتصفية الحسابات عن طريق استخدام العنف، وعادة تكون أماكنها الكازينوهات والبيوت المشبوهة، والفيلم يقدم وسط الأجواء السلبية نقاطا مضيئة تتمثل فى شخصية الأخ الأكبر رضا التى يجسدها الفنان أحمد عز، وزوجته التى تجسدها الفنانة نسرين أمين. رمزى أضاف أن فيلم «شد أجزاء» ناجح تجاريا، ويبدو أن هناك موضة اسمها محمد رمضان، وإن كان تكوينه الجسدى غير متناسق، حيث يبدو جسده ضخما ورأسه صغيرا، لكن الفيلم جيد ومشاهد الحركة والمطاردات نفذها المخرج حسين المنباوى بحرفية عالية، مشيرا إلى أن فيلم «حياتى مبهدلة» يعتبر عودة خائبة تماما للفنان محمد سعد الذى دخل فى منطقة «الاستهبال»، أما فيلم «الخلبوص» فإنه يقدم شخصية الدنجوان المحبوبة فى السينما، وقدمت فى أعمال كثيرة سابقة، لكن الفيلم به قدر كبير من التفكك وأقرب ما يكون إلى الإسكتشات المتوالية. بدوره، قال الناقد مجدى الطيب: إذا نظرنا إلى أفلام هذا الموسم سنكتشف أن توجه النقاد اقترب كثيرا من رأى الجمهور حول فيلمى «شد أجزاء» و«ولاد رزق»، أما «فيلم سكر مر» فوجد فيه نقاد السينما التى يفضلونها، لكنها لا تقترب من الجمهور، بينما «شد أجزاء» و«ولاد رزق» فبهما إتقان وحرفية عالية، ويحتويان على جانب مهم جدا وهو عنصر الترفيه، وصناعة السينما هى صناعة الترفية والمتعة، لذلك لا يجب أن نصنع سينما منفصلة عن الجمهور. الطيب أضاف أن فيلمى «ولاد رزق» و«شد أجزاء» فيهما مواصفات الفيلم السينمائى الممتع من ناحية الحبكة الدرامية، أو من ناحية التشويق والإثارة والتنفيذ والحرفية العالية، التى كنت أنتظرها من المخرج طارق العريان فى فيلم «ولاد رزق»، ولكن المخرج حسين المنباوى فاجأنى فى فيلم «شد أجزاء» بعمل محكم الصنعة بقدر كبير. وتابع الطيب قائلا: أسفت لمشاهدة فيلم «حياتى مبهدلة»، فمحمد سعد أعلن إفلاسه الفنى، أما فيلم «نوم التلات» فأعتقد أن هانى رمزى افتقر إلى حس الاختيار فى أفلامه الأخيرة، وهذا واضح أيضا فى أفلام الفنان محمد رجب الأخيرة، لكنه حاول فى «الخلبوص» أن يقدم شكلا مختلفا من الكوميديا الخفيفة، لولا عنوانه السيئ، فموضوع الفيلم يقدم كوميديا خفيفة لشخصية الدنجوان الذى يبحث عن زوجة، لولا العنوان الذى أفسد المتعة وعطل عملية التلقى.