قبل 25 يناير 2015 كان عدد الأحزاب المصرية نحو 23 حزبًا، معظمها أحزاب كارتونية بلا عامود فقرى من الأعضاء أو ظهير من الناخبين أو رأس حربة من النواب أو المرشحين ذوى القدرة على النجاح فى الانتخابات. واستثناء لهذا الوضع العام كان ممثلو الإخوان المستقلون، حزب الوفد، التجمع، وعدد لا يتجاوز أصابع اليد من الأحزاب لها مَن يمثلها فى مجلس الشعب أو الشورى. وكان تبرير معظم الأحزاب لفشلها فى تحقيق تمثيل نيابى هو هيمنة الحزب الوطنى على المساحة ومحاربتها كلها. الآن، بعد انقضاء نحو خمس سنوات تقريبًا يصبح السؤال: ما حال هذه الأحزاب التى تجاوز عددها 90 حزبًا؟ وهل تستطيع فعلًا أن تنافس فى الانتخابات؟ من متابعة المشهد البرلمانى والاستعدادات له، يجب أن نأخذ فى الاعتبار عدة نقاط: 1- أن أهم ثلاث قوى فى الشارع البرلمانى، هى: أعضاء البرلمانات السابقة، وهم فى معظمهم إما أعضاء حزب وطنى ديمقراطى سابقين، وإما إخوان مسلمون أو سلفيون، وإما قلة من بعض الأحزاب القديمة. 2- أن الأحزاب الجديدة والقديمة والثورية قدرتها على خوض انتخابات برلمانية ما زالت ضعيفة، إلا إذا اعتمدت على المجموعات المذكورة أعلاه الذين يملكون جذورًا قوية بدوائرهم. 3- أن أعضاء الحزب الوطنى الذين انتقلوا إلى الأحزاب الجديدة أو القديمة سعيًا وراء المال البرلمانى هم الأضعف ما بين نواب «الوطنى»، بينما أقوى مرشحى الحزب الوطنى هم الذين قرروا النزول مستقلين أو انضموا إلى أحزاب تضم زملاءهم السابقين. 4- أن الأحزاب ذات المرجعية الدينية مثل السلفيين سوف يكون لها وجود واضح فى الانتخابات القادمة، خصوصًا فى محافظاتالإسكندرية والبحيرة ومطروح وبعض محافظات الوجه القبلى والبحرى الأخرى. 5- أما المرشحون التابعون للإخوان المسلمين، فسوف تنزل منهم أسماء جديدة غير معروفة من قبل الأمن أو لأحد. وهو أمر دأبوا عليه فى معظم الدوائر فى انتخابات 2005 و2010، ولعل محافظاتالشرقية والغربية والدقهلية والقليوبية وأسيوط وسوهاج.. تعتبر أهم المحافظات التى يوجد بها تمثيل لهم. 6- أما الأحزاب الثورية مثل الديمقراطى الاجتماعى (حزب أبو الغار)، و«التحالف الشعبى الاشتراكى»، و«الدستور»، فالخلافات والانقسامات تميز أعضاءهم. فالحزب الديمقراطى الاجتماعى منقسم ما بين التبعية لساويرس فى «المصريين الأحرار»، والاستقلال عنه. 7- حزب المصريين الأحرار هو الحزب الذى يمكن وصفه بأنه حزب المال الذى يشترى كل شىء (أعضاء ناخبين/ الأحزاب/ برامج انتخابية) ليحصد السلطة والمال فى المرحلة التالية. 8- مع اقتراب العملية الانتخابية تغيّر تكتيك أصحاب المال من شراء المرشح للانتخابات قبل بدء العملية الانتخابية، إلى الدفع بعد النجاح فى الانتخابات لضمان تحقيق عائد على المال. فى نهاية الأمر يمكن القول إننا أمام مشهد برلمانى ملتبس جدًّا يصل إلى حالة العبث. فالقوائم تتغيّر مكوناتها يومًا بعد يوم وتتشكّل ويعاد تشكيلها وتدخل وتخرج من المشهد ولا تعلم مَن يقودها أو يوجهها أو حتى تعلم، ولكن تستغرب.. قائمة «فى حب مصر»، قائمة «الوحدة»، قائمة «الجبهة المصرية».. وما يستجد، وبعض القوائم تعلن أنها قائمة مدعومة من السلطة! علمًا بأن أعضاء القائمة الواحدة يشاركون فى قوائم أخرى. أما على مستوى الترشُّح الفردى فإن الغلبة ستكون للمستقلين، وفى ظل الضعف النسبى للأحزاب حتى «الوفد» و«المصريين الأحرار»، وفى ظل غياب استطلاعات للرأى العام الدقيقة، يصعب التكهُّن بتوجُّه الرياح، وأثر الانتخابات على شكل البرلمان القادم. والسؤال هو: هل من المصلحة العامة أن يكون البرلمان القادم الأغلبية فيه من المستقلين لا يوجد فيهم مَن يقود أو يوجه هؤلاء النواب لدعم فكرة أو قانون أو قضية بعينها أو بالمفهوم الإنجليزى «السوط» Whip؟ هل من المصلحة العامة أن يكون أعضاء البرلمان القادم بلا لون أو توجُّه أو حتى معارضة لها معالم مفهومة؟ لا أظن!