كم من مرة منذ اندلاع ثورة 25 يناير تراودنى ذكرى رفاق مشوارى السينمائى الذين رحلوا عن دنيانا فى عجلة، وكم أصابنى الشعور بالحسرة لغيابهم وعدم معايشتهم هذا الحدث العظيم. من ضمنهم سامى السلامونى (1936-1991) وهو ناقد ثورجى وقف دائما فى صف السينما الجادة، التى تتحدى الأوضاع وتحارب الفساد وتتطور سينمائيا، ولم يبالغ المؤرخ السينمائى أحمد الحضرى حين وصفه «محايدا نزيها مؤمنا بالمبادئ الصحيحة التى يجب أن تتوافر فى الناقد قبل أن يبدأ الكتابة، وبوجوب استقلاله تماما عمن يكتب عنهم». وطموحات سامى «ليسانس آداب قسم صحافة، ودبلوم دراسات عليا فى السيناريو والإخراج من المعهد العالى للسينما» لم تتوقف عند النقد والبرامج التليفزيونية المتخصصة بالفن السينمائى، فقد أخرج أكثر من فيلم تسجيلى يرصد فيه الحياة اليومية مثل «الصباح» و«القطار». ثم يأتى صديقى وزميلى المخرج عاطف الطيب «1947- 1995» الذى أبدى أديبنا العظيم نجيب محفوظ إعجابه الشديد به عقب مشاهدته «الحب فوق هضبة الهرم» المأخوذ عن إحدى قصصه. فعاطف ابن البلد قدم لنا «سواق الأتوبيس» و«البرىء» و«ملف فى الآداب» و«ضد الحكومة»، أفلام تخزن داخلها ثورة مكتومة، لكن قلبه لم تدم دقاته طويلا ليلحق ب25يناير. أما عاصم توفيق «1931-2001» فهو الثائر الهادئ المتأمل الذى حفر بقلمه آهات مجتمعه منذ «القاهرة والناس» حتى ثلاثية تعاوننا («خرج ولم يعد»، «عودة مواطن»، «سوبر ماركت»)، إلى أن أصابه الاكتئاب الشديد عقب سقوط الاتحاد السوفيتى، وفقد أمل ثورة تطالب بالعدالة الاجتماعية التى كثيرا ما حلم بها. ومن بعده فقدنا أحمد زكى «1949-2005» الذى أرّخ لكل من جمال عبد الناصر وأنور السادات على الشاشة، وكان يطمح فى تجسيد المخلوع بطلعته الجوية ليتبعه بالشيخ الشعراوى، لكنه فى النهاية ختم مشواره الفنى بعبد الحليم حافظ. أتوقع لو عاش معنا ثورة 25يناير لن يكون غير رجل الشارع فى الميدان هو الدور الذى سيسعى أحمد إلى تجسيده. فوجود سامى وعاطف وعاصم وأحمد معى اليوم ولو فى الخيال، يرسخ صلابة مطالبنا بالحرية والحفاظ على كرامتنا وسعينا المستميت نحو العدالة الاجتماعية.