مع تطورات الأحداث السياسية خلال العامين الماضيين، زاد عدد المقبوض عليهم، وتحولت السجون إلى أماكن للموت اختناقا، بدلا من كونها مكانا لقضاء العقوبة التى أقرها القانون. عدد من الحقوقيين، وأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، أكدوا أن الدولة مقصرة فى تهيئة مكان مناسب للمساجين، وقال نجاد البرعى، المحامى الحقوقى، ومدير المجموعة المتحدة للقانون، إن السجون فى مصر فى البداية تعانى من التكدس، وفى حالة إذا كان الجو « لطيف» فى الأيام العادية، فهذا الجو هو عبارة عن موجة حارة يعانى منها أغلب المساجين فى السجون المصرية، لافتا إلى أن الرسائل التى تخرج من السجون خير دليل على هذا الكلام، ولعل آخرها الرسالة التى كتبتها إسراء الطويل عن معاناتها داخل السجن. وأضاف بأن الأمر الثانى، الذى يُصّعب المعاناة داخل السجون مع ارتفاع درجة الحرارة، انعدام الرعاية الصحية من الأساس، مستشهدا بالمواطنين الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعى دون التقيد بالعقوبات، وهم فى منازلهم منعمون بتشغيل المراوح، فهذا لا يمنعهم من الإصابة بحالات الإغماءات، فلنا أن نتخيل حالة المحبوسين بالسجون فى ظل حالة التكدس الكبيرة فى السجون، واصفا هذا الوضع بالمأساوى. مدير المجموعة المتحدة للقانون، أكد أن مصر ليس لديها المال الكافى ليكون لديها سجون جيدة، فدرجة الحرارة هذه «تموت المواطن العادى»، فكيف حال المحبوسين فى غرف بتمص الحرارة طول النهار، وتعيد تصديرها لهم طوال الليل؟ فنحن نتكلم عن مأساة، والواضح أن الدولة ليس لديها أى حلول على الإطلاق، قائلا: «لما يموت 2000 ولّا حاجة من الحر.. الدولة هتقول كويس يفضوا مكان». ويرى الناشط الحقوقى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أن كل السجون التى تم بناؤها فى حقبة التسعينيات، ما هى إلا عبارة عن كتل خرسانية، والتهوية بها غير كافية، بينما كل السجون والليمونات القديمة، التى كانت موجودة منذ سنين طويلة، فى حقبة الملكية وما قبلها وما بعدها مباشرة، كانت السجون بارتفاعات عالية وشبابيك كبيرة للعنابر، هذا فضلا عن كونها مصممة من الطوب، مما يجعل السجون القديمة تنعم بنوع من التهوية «الجيدة»، وانخفاض نسبى فى درجات الحرارة، واعتبارها سجونا «آدمية». أكد حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن أقسام الشرطة يوجد بها عدد ليس بالطبيعى للمحتجزين، فإذا كانت مساحة الحجز من المفترض أن يوجد بها قرابة ال30 شخصا فإنها الآن يوجد بها 300 محتجز، وأوضاع أماكن الاحتجاز فى مصر متردية وغير إنسانية، ولا يوجد بها أى تهوية أو أى حق من حقوق الإنسان، وفى ظل ارتفاع درجات الحرارة نتوقع مزيدا من حالات الوفاة، نظرا لوجود كثيرين من المتهمين مرضى يتعرضون لأزمات صحية متكررة، ومع الحر تزداد الإصابات والوفيات. ومن جانبه، قال الحقوقى ناصر أمين، مدير الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الأوضاع تشهد تكدسا غير مسبوق من حيث الأعداد التى وصلت إلى 160% فى السجون، و300% فى أقسام الشرطة. ناصر أضاف، أن ما يحدث من وفيات فى السجون بسبب سوء الرعاية الصحية، مؤكدا رصد إهمال طبى غير مسبوق، ولا توجد رعاية طبية حقيقية، مشيرا إلى ضرورة محاسبة المسؤول فى وزارة الداخلية عن وفاة هؤلاء المساجين.