مشكلة «شطا» أو «نور الشريف» فى الفيلم الجميل والواقعى والمعاصر والمناسب لكافة الأزمان «الشيطان يعظ».. أنه عندما قرر أن يعمل فيها ابو الرجاله ويقتحم عالم الفتوات بحثاً عن حياه أفضل أصبح أشبه بالذى جه يكحلها فعماها.. حيث هرب من المعلم «الدينارى» أو «فريد شوقى» ليذهب بكامل إرادته الحره إلى المعلم « الشبلى» أو «عادل أدهم».. وعندما علم وتأكد أنه ما أسخم من سيدى إلا ستى كان الوقت قد فات وكانت الفاس خلاص قد وقعت فى الراس وكانت ستاير النسيان.. قد نزلت بقالها زمان! و لأنه اللى يحب الدح ما يقولش أح.. واللى يلعب مع قطة مايسلمش من خرابيشها.. واللى يربى تعبان لابد له من قرصة.. لهذا أصبح ينبغى على «شطا» أن يتحمل فى صمت تبعات إختياراته الخاطئه وبرائته الساذجه وطيبته العبيطه وثقته التى قرر هو بنفسه وضعها فى غير محلها كما ينبغى على أى أرنب عاقل أن يتحمل فى صمت تبعات إلتهامه حياً إذا ما هو ذهب إلى أحد الأسود طالباً منه فرصة حياه جديده ومختلفه.. فعندها لن تكون الغلطة غلطة الأسد بقدر ما ستكون غلطة الأرنب.. فكما تحتاج كل غابة إلى أسودها ليحكمونها تحتاج أيضاً إلى أرانبها لتتغذى وتعيش عليها هذه الأسود.. وكما يحتاج كل فيلم إلى طيبينه ليؤكدوا على مكارم الأخلاق والقيم يحتاج أيضاً إلى أشراره لمحاربة وتعطيل هؤلاء الطيبين السذج.. وكما يحتاج كل وطن إلى حاكم يحكمه ويطبق قوانينه ويصم آذانه عن مطالب هؤلاء العامه والدهماء الذين يحكمهم فإنه يحتاج أيضاً إلى شعب يملأ شوارعه ويتم تطبيق تلك الأحكام عليه ويظل يصرخ بدون زهق حتى يختبر الحاكم من دول صممه ويتأكد أنه الآن قد أصبح حاكماً بالفعل.. فالحاكم فى بلادنا للأسف لا يعد حاكماً طالما أنه لا يزال يسمع.. فى بلادنا يظل الحاكم مش حاكم حتى يضع يديه على أذنيه محاولاً طرطقتهما فى محاوله منه لتمييز هذا الصراخ غير المفهوم من الشعب.. عندها.. وعندها فقط.. يستطيع أن يعتبر نفسه حاكماً ! و إذا نظرنا إلى جذور تلك العلاقه التاريخيه المتمثله فى أن المعلم «الشبلى» كان هو نفسه أحد صبيان المعلم «الدينارى» قبل أن ينقلب عليه ويقرر هو الآخر أن يصبح فتوه.. سوف يصبح خطأ «شطا» أكثر وضوحاً أمامنا.. فقد استبدل فتوه ( يتحلى ببعض أخلاق الفتونة والتجرمة ) بفتوه كان صبى فتوه وأصبح فتوه (ولا تعنى الأخلاق ولا الأصول عنده شىء).. استبدل نوعاً من الظلم بنوع آخر أسوأ فزاد الطين بله.. وكل ما إستفاده من عملية الإستبدال تلك هو زيادة أعدائه.. فبعد وقوعه الفعلى تحت سيطرة صبيان وألاضيش وبلطجية المعلم «الشبلى» أصبح مطلوباً أيضاً من قبل صبيان وألاضيش وبلطجية المعلم «الدينارى» ! طبعاً ليس هناك حل للحاره – كما يرى عمنا الأكبر نجيب محفوظ – سوى أن تصبح مقدراتها بأيدى أبنائها.. بدون فتوات أو بلطجيه.. بدون الدينارى أو الشبلى.. الحاره لن تصبح حاره إلا إذا نفضت عن نفسها الظلم.. وحتى الإطاحه بالفتوه الذى يفرض سيطرته عليها بقوة بلطجيته الغاشمه ليس هو الحل.. فالحل يكمن فى الإطاحه بفكرة الفتوه.. مش فى الإطاحه بالفتوه نفسه.. لهذا – واتكاءً على ما قد قرره العم أمل دنقل من قبل على لسان سبارتكوس - لا ينبغى أن تحلموا بعالم سعيد.. طالما أنه خلف كل فتوه يذهب.. فتوه جديد.. وخلف كل ثائر يموت.. أحزان بلا جدوى.. ودمعه سدى ! إذن.. كل أسد بحاجة إلى أرنب وكل قط بحاجة إلى فأر وكل حاكم بحاجة إلى شعب.. ذلك هو ناموس الحياه الذى لا يمكن لأحد تغييره بسهوله.. لهذا كان منطقياً أن تعيد أحداث الفيلم نفسها فى النهايه مره أخرى ليذهب «سعيد صالح» – المغفل الجديد - إلى المعلم «طباع» أو العظيم «توفيق الدقن» طالباً منه أن يصبح فتوة ليتعجب المعلم «طباع» وهو يتساءل فى جملة الختام الأخرانية خالص فى الفيلم.. «هو جرى إيه للدنيا.. الناس كلها بقت فتوات.. أمال مين اللى حينضرب»؟! يقول العم أمل دنقل.. «آه.. ما أقسى الجدار.. عندما ينهض فى وجه الشروق.. ربما ننفق كل العمر.. كى نثقب ثغره.. ليمر منها النور للأجيال.. مره.. ربما لو لم يكن هذا الجدار ما عرفنا قيمة الضوء الطليق»!