رياح الربيع العربي التي اجتاحت الشرق الأوسط، وأطاحت بعدد من حكام الأنظمة الاستبدادية الفاسدة رغم استقرارها، يبدو أنها كانت بمثابة إنذار لآخرين مضوا عقودا في السلطة؛ حيث أعلن عدد منهم بصورة مفاجئة أنهم لا يرغبون الاستمرار في الحكم. في السودان الذي تفادى انتفاضة على غرار تلك التي أطاحت بحاكمي جارتيها مصر وليبيا، بعدما شهد على مدى العامين الماضيين احتجاجات صغيرة بسبب ارتفاع الأسعار، وخفض الدعم الحكومي للوقود، ورغم وحشية قمع المعارضة المطالبة بتغيير النظام؛ بصورة غير متوقعة خرج الرئيس عمر البشير ليقول: (كفى).. (لقد حكمنا كم وعشرين سنة)!! وأكد البشير أن قراره بعدم خوض الانتخابات المقبلة موقف ثابت إن شاء الله، حسب ما ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس. وقال الرئيس السوداني إنه يعتزم التنحي عن الحكم عام 2015 بعد أكثر من عشرين عاما، منذ تولى السلطة عبر انقلاب عام 1989 بعد الإطاحة بالحكومة المنتخبة، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية جديدة عام 2010، قبل عام من انفصال جنوب السودان؛ موضحا أن الشعب السوداني في حاجة إلى دماء جديدة ودفعة جديدة كي تواصل البلاد المسيرة. وعلى غرار نظيره السوداني، أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أنه لا يرغب في تمديد حكمه، وأنه غير راض لا عن أداء وزرائه ولا عن حصيلة 14 عاما من ممارسة السلطة؛ وفقا لما كشفه مسؤول بالرئاسة الجزائرية. ونقلت صحيفة الخبر في عددها الصادر أمس (الأحد)، عن مسؤول يعمل مع الرئيس بوتفليقة منذ سنوات طويلة القول إن «رئيس الجمهورية (بوتفليقة) يعيش بمرارة المشاكل التي تعصف بالبلاد، فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن تأتيه أخبار سيئة»، مشيرا إلى أن الفضائح المتوالية لشركة المحروقات سوناطراك المملوكة للحكومة أثرت عليه كثيرا. وأضاف المصدر الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته ردا عن سؤال يتعلق برغبة بوتفليقة في ولاية رئاسية رابعة: «لو تسأله الآن عن شعوره سيقول لك إنه لا يريد الاستمرار في الحكم، ليس لأن لياقته البدنية وحالته الصحية لا تسمحان كما يشاع هنا وهناك، ولكن لأن أحوال البلد لا تبعث على الاطمئنان». وتابع: «لو طلب منه الجزائريون الاستمرار وألحوا في ذلك، سوف يدرس الطلب ولكن الأمر يتوقف على مدى توفر مبررات قوية وموضوعية تدفعه إلى الموافقة. غير أنني أؤكد لك أنه مكتف بثلاث عهدات.. هذه قناعة شخصية لديه». وأضاف «الرئيس ليس راض تماما عن أداء وزرائه، كل واحد منهم يريد أن يظهر في الواجهة ويزعم أن الفضل يعود إليه شخصيا في كل شيء يتم إنجازه بقطاعه. أما الرئيس فأراد أن يتبنى الوزراء برنامجه بدلا من أن يتصرفوا كموظفين. هذا لا يعني أن يعلق ما وقع من إخفاق في هذا القطاع أو ذاك على الوزراء، لأنه بصراحة غير راض عن حصيلة 14 سنة من الحكم.. صحيح أنه اجتهد وبذل جهودا كبيرة ولكنه غير راض». وانتخب بوتفليقة أول مرة رئيسا للجزائر في ابريل 1999، وأعيد انتخابه مرتين بالأغلبية الساحقة من الاصوات عامي 2004 و2009، علما أن ولايته الثالثة تنتهي في ابريل 2014.