مرة أخرى يثبتت الصحفيون المصريون أنهم على قدر المسؤولية، وأنهم سيظلون، كما كانوا دائما، جزءا عزيزا من ضمير هذا الوطن، وأنهم قادرون على الصمود لكل هجمات الفاشيين الجديدة، وقادرون على المقاومة وعلى الانتصار. انتخابات التجديد النصفى بنقابة الصحفيين التى جرت أول من أمس، كانت مظاهرة للديمقراطية وإعلانا بأن أجيالا جديدة من شباب الصحفيين قادمة لتحمل الراية وتواصل الطريق الصعب لحماية استقلال الصحافة وكرامة الصحفى. ونتائج الانتخابات كانت صفعة لكل من يتصور أن باستطاعته إدخال صحافة مصر فى بيت الطاعة، ولكل من راهن على إمكانية قهر إرادة الصحفيين بالقوانين الجائرة، والمحاولات البائسة للسيطرة على الصحافة والإعلام، والإرهاب الذى وصل إلى القتل كما حدث مع الشهيدين الحسينى أبو ضيف وأحمد محمود، ولحصار الصحف ومحاولة حرقها كما جرى مع «الوفد» و«الوطن». كانت الجماعة الصحفية تعرف أن مصر كلها تنتظر كلمة الصحفيين فى انتخاباتهم لتطمئن على أن قلعة الحرية صامدة. ومع نهاية اليوم الطويل وإعلان النتائج وفوز الزميل العزيز ضياء رشوان بموقع النقيب، وفوز الزملاء كارم محمود وجمال عبد الرحيم وأسامة داوود وعلاء ثابت وحنان فكرى وخالد البلشى بعضوية المجلس.. كان الصحفيون يبعثون برسائل مهمة لمصر بكل أطيافها، وللعالم كله الذى يراقب معركة المصريين لانتزاع حريتهم وبناء دولتهم واستعادة ثورتهم. - كانت هناك رسالة لخفافيش الظلام، بأن النقابة التى كانت على الدوام رمزا للنضال من أجل الحرية والاستنارة ستظل كذلك على الدوام. وأن كل الجهود التى يتم بذلها لتكميم الأفواه وإسكات الأقلام ستبوء بالفشل، كما كان الأمر دائما فى مصر التى عرفت دائما كيف تنتصر لصحافتها، وكيف تحمى حرية الرأى، مهما كانت سطوة السلطان، ومهما كان البطش وقهر الحريات.. هكذا كان الأمر منذ أيام الاحتلال، وحتى زمن زيوار باشا وإسماعيل صدقى، وإلى اليوم والغد، بإذن الله. - وكانت هناك رسالة لقوى الثورة وكل القوى الوطنية بأن تستعيد الثقة بقدرتها على حسم المعركة لمصلحة الديمقراطية والتقدم، وفى نفس الوقت أن تنتبه جيدا إلى المعركة حول حرية الصحافة واستقلال القضاء سوف تزداد شراسة فى الفترة القادمة، وأن تستعد لتكون فى المقدمة، دفاعا عن قوى مصر الحية وصحافتها الحرة وقضائها المستقل. - وكانت هناك رسالة للجماعة الصحفية نفسها، بأن تتمسك بوحدة صفها لمواجهة الهجمة الشرسة التى تتعرض لها. وأن تدرك أن أمامها معركة صعبة، لا بديل أمامها سوى أن تنتصر فيها. أمامها معركة التصدى لمحاولات تكميم الأفواه وحصار الحريات. وأمامنا معركة إسقاط الدستور الباطل الذى فتح الأبواب لحبس الصحفيين وإغلاق الصحف وحل النقابات!! وأمامنا معركة الحفاظ على استقلال النقابة وإيقاف المحاولات المهووسة للسيطرة على المؤسسات الصحفية القومية. وأمامنا معركة الحصول على حقوق الصحفيين المهدرة والحفاظ على ثروتنا من الكفاءات الصحفية التى يجرى تبديدها بالاستبعاد أو المنع من الكتابة أو استخدام سلاح المعاش للتخلص منهم. وأمامنا التحدى الكبير فى أن نناضل فى وقت واحد من أجل المهنة وحقوق أبنائها، ومن أجل الوطن وحقه فى الحرية والتقدم، ونحن مدركون أن المعركة واحدة. - وكانت هناك أيضا رسالة لمصر كلها. نحن بخير حين ندرك طبيعة المعركة التى نخوضها، وحين تتوحد صفوفنا فى مواجهة التخلف والاستبداد. نحن بخير وقادرون على حسم المعركة وتحقيق الانتصار. فى عز الهجمة على الصحافة والإعلام، يرد الصحفيون فى الانتخابات ليقولوا إن ضمير مصر مستيقظ لما يجرى، وليقولوا إن الفاشية لن تمر من هنا. فى عز هجوم التتار الذى يستهدف عقل مصر ومراكز الإبداع فيها، والذى يريد تغيير هوية مصر وإعادة دولة الاستبداد برداء آخر.. يقول الصحفيون المصريون كلمتهم فى انحياز كامل لكل ما يكرهه التتار: الديمقراطية والحريات. مدنية الدولة، الصحافة الحرة التى لا تخشى التهديد، ولا يرهبها الفاشيون. فى عز الهجوم المنحط على المرأة، والسعى المتواصل لإثارة النزاعات الطائفية، تنجح الزميلة حنان فكرى ويصبح هناك مقعدان للمرأة فى مجلس النقابة لأول مرة من سنوات. مبروك للزملاء الذين نجحوا، وتحية للزملاء الذين نافسوا بشرف واستقامة، وكل التقدير للجماعة الصحفية التى استطاعت أن تؤكد من جديد أن صحافة مصر ستظل صوتا للشعب والحقيقة، وأن نقابة الصحفيين ستظل قلعة للحرية وعنوانا للاستنارة كما كانت دائما.