مشاهد الروايات المتعددة للحفلة تستهلك أغلب مساحة الفيلم رغم أنها لا تضيف للحبكة البوليسية ينتمى فيلم الحفلة إلى سينما الجريمة والتشويق، ولا يدِّعى الفيلم أى تحليل عميق للنفس البشرية، أو تقديم حبكة بوليسية مبتكرة، فهو فى الأساس حدوتة بوليسية بسيطة بغرض الإثارة والتسلية، وقد حقق بصورة مقبولة إلى حد ما هذا الغرض، ربما يعيبه أمران جوهريان: أولهما هذه الحالة الأمريكية الواضحة، فهو وإن لم يقتبس فيلمًا معروفا تحديدًا، فإنه يبدو كوكتيلا من بعض أفلام الإثارة والتشويق الأمريكية، تلمح بصمة هوليوودية فى مشهد هنا، ومشهد أخر مقتبس هناك، الأمر الثانى هو غياب دقة حبكة السيناريو البوليسى مما يجعل الفيلم محاولة سطحية لصنع فيلم بوليسى لم ينقذها إلا أداء الممثلين الجيد فى أغلبه، ونجاح المخرج أحمد علاء الدين فى تحقيق الحالة التشويقية البوليسية فى نطاق مساحة محدودة من الحركة، وقليل من الأكشن، وندرة المشاهد الخارجية. يبدأ الفيلم بالدخول مباشرة فى أجواء تشويقية باختفاء زوجة (روبى) فى أثناء تسوقها من أحد المولات، بينما ينتظرها الزوج فى سيارته بالخارج، والفيلم فى أغلبه هو رحلة ضابط المباحث (محمد رجب) المكلف بحل لغز اختفاء الزوجة الشابة، وبالعثور على الخاطف لاحقًا، وتزداد الإثارة مع طرح السيناريو لدافع الخطف لدى كل من يحيط بالزوجة مما يضع الجميع فى دائرة الاشتباه على طريقة روايات الكاتبة البوليسية الشهيرة أجاثا كريستى، بل إن الشكوك تتجه إلى أن الزوجة نفسها ربما تكون دبرت حادثة الخطف من أجل مال بوليصة تأمين على الحياة. الفيلم رغم أنه يدور فى الزمن الحاضر فإنه معزول تمامًا عن الأحداث الجارية أو الحالة الأمنية المرتبكة، وهو يركز كثيرًا على رواية المشتبه بهم لأحداث الحفل الذى حضرته الزوجة المخطوفة قبل اختفائها بيوم واحد، وهى الروايات شديدة التناقض، كل واحدة من هذا الروايات تلّمح إلى مسؤولية آخر عن الحادثة، أو على الأقل تنثر حوله الشكوك، وهذا الأسلوب يذكرنا بالروايات المتناقضة لشهود حادثة قتل وحشية فى إحدى القرى فى الفيلم اليابانى «راشومون» للمخرج اليابانى أكير كيروساوا، باستثناء أن الروايات المتعددة لأحداث الحفل فى فيلم الحفلة، لم تكن أكثر من أسلوب متذاكى من كاتب السيناريو وائل عبد الله لمنح الفيلم مساحة كبيرة من الإثارة، لكن هذه الروايات المتناقضة، والمشاهد المتكررة التى تروى الحدث من أكثر من زاوية لم ترتبط كثيرًا بحادثة الفيلم الرئيسى، فهذه الروايات لم تفد التحقيق كثيرا، ولم تكن جزءًا من الحبكة التى تكشف غموض الحادثة، وإذا تم حذف كل مشاهد الحفلة من الفيلم لن يتأثر التحقيق البوليسى، وهذه الخدعة المتعمدة إذا أضفنا إلى المشهد اسم الفيلم والأفيش لم تكن موفقة مثلها مثل النهاية الملتوية التى توصل فيها ضابط المباحث إلى حقيقة الجريمة، ثم لاحقًا يجلس ليستدعى بذاكرته تفاصيل بعض تحرياته ليكتشف أنه اتهم المجرم الخطأ، فلم يمهد السيناريو لهذه الفتوحات العبقرية التى هبطت على عقل ضابط المباحث بلا قرائن واضحة تدفعه للتأكد أنه وقع تحت تأثير خدعة المجرم الحقيقى، المشاهد فى السينما تعرف على المجرم قبل نهاية الفيلم، حيث كشفه السيناريو، لكن وصول الضابط إلى نفس الحقيقة كان يحتاج إلى جهد أكبر وتمهيد حتى يصبح استنتاجه للحقائق مبنيا على قرائن أعاد تصويب قراءتها وتحليلها، وليس مجرد إلهام ركيك مصطنع. المشتبه بهم الخطيب السابق (تامر هجرس) والجارة اللعوب (جومانا مراد) والزوجان اللذان يعانيان من مشاكلات مادية (دينا الشربينى) و(محمد ممدوح) وزوج الأم (تميم عبده)، والأم نفسها (مها أبو عوف)، ورغم صغر الأدوار فإن الأداء الجيد لأغلب الممثلين من الأشياء الملفتة بالفيلم، وربما غطى أداؤهم على بعض ثغرات السيناريو، مباراة التمثيل الرئيسية كانت بين الزوج (أحمد عز) وبين ضابط المباحث الذى أداه محمد رجب بكثير من الجدية لم يفسدها سوى إضافته للمسة الكوميدية بلا داع فى أغلب الأحيان، محمد رجب وأحمد عز يتشاركان فى بطولة الفيلم، وربما تكون مساحة رجب أكبر وأكثر تأثيرًا فى كثير من المشاهد، أدوار جومانا مراد ودينا الشربينى وسالى شاهين أكثر حضورًا وتوهجًا من دور روبى من ناحية المساحة والتأثير.