دول شمال إفريقيا لم تستفد من درس الفراعنة «الكان» الإفريقية الحالية التى قاربت على الانتهاء والمقامة فى جنوب إفريقيا وفى عدم حضور البطل الدائم والمستمر المنتخب المصرى حامل النسخ الثلاث قبل الماضية، ومع هذا اعترفت كل الدول الإفريقية، خصوصا دول شمال إفريقيا، بأن المنتخب المصرى هو سيد إفريقيا حتى فى غيابه لبطولتين متتاليتين فى ظاهرة غريبة، وهى تساقُط منتخبات الشمال الإفريقى واحدا تلو الآخر، وأنهم لم يستفيدوا من الدرس القوى للفراعنة فى التألق وإحراز اللقب الغالى على قلوب المصريين، ولذلك فالظاهرة السلبية فى «الكان» الحالية وأسوأ ما يمكن -فى رأيى الشخصى- هى خروج شمال إفريقيا من الدور الأول خلال البطولة، ويكفى الكارثة الكروية التى هزت الأوساط المغربيه كلها بعد الخروج المهين فى الدور الأول. وبنظرة تحليلية تفصيلية إلى ما وصلت إليه البطولة حتى الدور قبل النهائى لأربعة منتخبات، منها الفريق البوركينى صاحب المفاجأة الحقيقية، إذا أخذنا فى الاعتبار أن غانا من الدول الكبرى فى إفريقيا، ونيجيريا صاحبة رقم قياسى لوصولها 14 مرة إلى الدور قبل النهائى من أصل 16 بطولة شاركوا فيها، وأخيرا المنتخب المالى الضيف الدائم فى آخر البطولات على الدور قبل النهائى، وبخروج أيضا مهين لأفضل منتخبات القارة الإفريقية. ونستعرض خلال السطور التالية الاسباب التى أهلت 4 منتخبات وأخرجت 4 منتخبات أخرى..
لماذا تأهلت نيجيريا وخرجت كوت ديفوار؟ رغم أن كوت ديفوار هو المرشح الأول للفوز باللقب والمرصّع بنجوم من العيار الثقيل، وهم الأغلى والأعلى والأمهر فى البطولة كلها، فإن صبرى لاموشى المدير الفنى لم يستطع تحقيق ما كان يسعى إليه الفيل الإيفوارى ديديه دروجبا فى تحقيق لقب طال انتظاره، وأتصور أن الأخطاء زادت وبشكل مؤثر فى السابق، فالمنتخب الإيفوارى كان يعانى من سوء مستوى حراسة المرمى بعد اعتزال جان جاك تيزيه، وإسناد المهمة إلى أبو بكر بارى، وأعتقد أنها الحلقة الأضعف للفريق فى النسخ الأخيرة، وما زاد عليهم هذه البطولة أن الحارس ضعيف ودروحبا لم يكن فى حالته الطبيعية، وكوت ديفوار ليس لديها البديل الحالى للفيل الإيفوارى، ولذلك عانت كوت ديفوار من الرأس والذيل، ولهذا كان الخروج المتوقع للإيفواريين. خروج كوت ديفوار جاء على يد المنتخب النيجيرى حديث السن المعتدل السريع القوى تكتيكيا على عكس السابق فى السنوات الأخيرة، فقد تخلى عن المظهرة ولعب على كرة القدم دون الأمور الفنية، وهذا يعود إلى المدرب الوطنى ستيفن كيشى الذى أعطى صبغة تكتيكية للفريق، بالإضافة إلى الاستغناء عن كل المعلمين والاكتفاء بمعلم واحد اسمه جون أوبى ميكيل، وأيضا الأب الروحى وقائد الفريق جوزيف يوبو فى البطولة السادسة، لذلك اختلف النيجيريون فى كل شىء، فالدفاع ممتاز وأفضل من السابق، خصوصا القلبين أوبابونا وأيضا أوماريو، ووسط ملعب لديه الوظائف الخاصة بالقائد ميكيل مع طاعة عمياء للمدرب وما يطلبه مع الاعتماد على الهجمة المرتدة السريعة، وهى السلاح القوى لأخطر المنتخبات عن طريق فيكتور موسيس، وأيضا إيمانويل إيمنيكى، ليصعد المنتخب النيجيرى لأنه صاحب أداء ثابت وخطوط قوية بدايتها من حارس المرمى فينسنت إنياما. لماذا تأهلت غانا وخرجت الرأس الأخضر؟ غانا الفريق الأفضل على المستوى الخططى لمدرب شاب ولاعبين شباب مع الإبقاء على أولاد عبيدى بيليه أيضا، لأنهم بنفس طينة معلمى نيجيريا، وحسنا فعل كواسيه ليبتعد المنتخب الغانى عن الصفة التى كانت تلازمه فى النسخ السابقة، وهى الاعتماد على السوبر ستار وهم أولاد عبيدى الغانيون، وفى الحقيقة المنتخب الغانى يشبه إلى حد كبير طبيعة المنتخب الإيطالى، أنا أتحدث عن البطولة الحالية فى التقدم فى المستوى من مباراة إلى أخرى، والاعتماد على التشكيل الثابت وعلى أطراف ملعب أكثر من رائعين، وأخص بالذكر نجم يوفنتوس أسامواه والمبهر فى البطولة الحالية. الرأس الأخضر أخطر الفرق الإفريقية الحالية وهو البعبع القادم إذا استمر مع مدربه الوطنى لوشيو أنتونيس، أو كما يطلق عليه مورينيو الرأس الأخضر، خصوصا بعد أن أحرجوا المنتخب الغانى الذى كان يلعب للتأهل، وعند ذلك يكون الشكل مختلفا، بمعنى أدق غانا أصبحت أذكى من السابق، كانت تلعب بشكل فنى قوى وتخرج ولا تفوز بالألقاب، وهذا هو التعديل الذى أحدثه المدرب الشاب كوسيه والأكثر من هذا وسر تفوق غانا أيضا البديل الكفء وكثرة عدد اللاعبين فى إحراز الأهداف كواسو مبارك وإيمانويل بادو والمخضرم فى الملعب وليس فى السن أنطون عنان، وأعتقد أن الفكرة الجديدة بزيادة معدل التهديف لمجموعة لاعبين وعدم الاعتماد على أسامواه جيان فقط لا غير، وهذا هو سر التألق والنجاح والإقناع والتأهل إلى الدور قبل النهائى. لماذا تأهلت بوركينا فاسو وخرجت توجو؟ بوركينا فاسو مفاجأة أخرى، فهو منتخب لا يكلّ ولا يملّ، ولديه مقومات جسمانية أفضل من باقى المنتخبات، وهو فريق يلعب على المضمون خصوصا بعد إصابة أخطر اللاعبين آلان تراورى، فريق وسط ملعبه هو مصدر قوته فى كل زوايا الملعب، وهذا هو التغير الذى أحدثه المدرب الألمانى بول بوت، نظرا إلى ضيق اليد وتحديدا فى المواجهة الهجومية، ولذلك تأتى قوة البوركينيين فى الوسط دفاعيا وهجوميا بخمسة لاعبين على الطرفين أوتارا وكابورى وكونى وسانو وداجانو والأخير أحد أفضل اللاعبين فى البطولة.. الفريق لديه شكل جماعى وقوة بدنية وسهولة فى الوصول إلى المرمى، والطريقة التى لم تتبدل طوال البطولة 4-4-1-1 أو 4-5-1 دفاعيا، وهو ما أعطى للفريق الشكل القوى فى التأمين فى النواحى الدفاعية، ولا بد أن أشيد بالحارس الدولى داوودا دياكتيه وقيادته للفريق. لماذا تأهلت مالى وخرجت جنوب إفريقيا؟ مالى لديهم قائد واحد اسمه سيدو كيتا قال عنه جوارديولا، عندما كان مديره الفنى فى برشلونة، إنه اللاعب الوحيد فى غرفة الملابس القادر على إعادة الاتزان والهدوء إلى فريقه، وذلك لامتلاكه قوة إدارة، وهذا هو مصدر قوة مالى، الوسط بقيادة الكبير سيدو كيتا.. مالى فريق لا يختلف كثيرا عن البوركينى فى القوة البدنية، لكنه يمتلك أسلحة أفضل كثيرا ودكة بدلاء ممتازة وعدة طرق منها 4-4-2 و4-3-3 و4-2-3-1، وأعتقد أنه الفريق الوحيد الذى عدّل من طريقته فى مختلف المباريات وعنده اختلاف النتيجة، وهذا يعود إلى مديره الفنى الفرنسى كارتيرون واختياراته، فى كل مكان لاعب لديه قدارت خاصة، وأيضا قوة خط الدفاع، على عكس السابق، والالتزام واللعب على عدم الفلسفة الإفريقية، وأيضا كوليبالى، وطرفا الملعب من الخلف لهما الفضل حاليا أهمهما تمبورا ليون مصدر قوة الفريق لقدومه من الخلف، مع الاعتماد على لاعب وسط اسمه محمد سيسوكو، أتصور أنه أحدث نقلة نوعية فى عملية التأمين الدفاعى، مع إعطاء سيدو كيتا حرية الإبداع والمساعدة الهجومية، وهذا ما كان ينقص مالى سابقا، ليتألق سامسا ومايجا وسمبا. فى نهاية تحليلى أريد تأكيد أن المنتخب المالى الأقرب إلى تجاوز عقبته فى مباراة نصف النهائى أمام نيجيريا للوصول إلى المباراة النهائية، لمواجهة المنتخب الغانى الذى سيتخطى منافسه بوركينا فاسو فى المربع الذهبى.