تتواصل حملة جماعة الإخوان على مؤسسات الدولة المصرية. فالجماعة تريد هدم هذه المؤسسات وبناء ما تريد من هيئات توافق فكرها ورؤيتها. الجماعة تريد تفكيك مؤسسات الدولة المصرية وكأن لها ثأرا مع هذه المؤسسات، لا تتوقف أمام الثمن المدفوع فى هدم وتفكيك مؤسسات الدولة المصرية، والجماعة مستعدة للتعاطى مع الثمن المطلوب حتى لو كان بيع أجزاء من مصر أو تسليم مصر كى تكون مجال نفوذ لدويلات صغيرة قامت على العمالة للغرب وتحديدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، فدويلة قطر التى قفز أميرها إلى السلطة بعد الإطاحة بوالده، باتت مؤجَّرة بالكامل للولايات المتحدة، فعلى أرضها توجد أكبر قاعدتين عسكريتين فى المنطقة، والأمير ورفاقه يستخدمون قناة «الجزيرة» فى غسيل مواقفهم ومراضاة القوميين. والجماعة مستعدة لبيع مؤسسات الدولة المصرية العملاقة لدويلة قطر لقاء ثمن بخس، المهم أن تتمكن الجماعة من مفاصل الدولة المصرية وأن تصبح هذه الدولة التى عملت المنطقة وقادتها عشرات السنين أحد الكواكب التى تدور حول شمس قطر، كيف ذلك من خلال تمكين رأس المال القطرى بشراكة إخوانية من السيطرة على مقدرات الدولة المصرية. ويبدو أن الجماعة مستعدة لبيع أى شىء بمصر يحقق لها السيطرة على مفاصل الدولة، تستخدم المواقع التى سطت عليها فى مؤسسات الدولة المصرية من أجل تحقيق ذلك، تستخدم رئاسة الجمهورية فى تفتيت مؤسسات الدولة الأخرى وتحديدا مؤسسة القضاء، تستخدم مجلس الشورى فى تمرير ما تريد من تشريعات بعد أن مررت دستورا مثيرا للجدل يضع لبنات دولة دينية لم يعد لها مكان فى العالم المتحضر، توظِّف موقع النائب العام فى إرهاب المعارضين والمختلفين فى الرأى ومواجهة القوى السياسية الأخرى، فنائب عام الجماعة مستعد للتضحية بسمعة القضاء المصرى وبضميره الوطنى وما تعلّمه فى كليات الحقوق المصرية من أجل إرضاء الجماعة، فالرجل لا يردّ طلبا للجماعة، يتعامل مباشرة مع كل ما يصله من مكتب الإرشاد وخلايا الإخوان من نشطة ونائمة.. افتح تحقيقا مع البرادعى وموسى وصباحى بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.. يفتح الرجل التحقيق ولا يشعر بأى نوع من الخجل على أثر التأكد من أن مقدم البلاغ لا يملك أى دليل على صحة ما قدم من اتهام لرموز العمل السياسى المصرى.. أغمض عينيك ونَمْ مرتاح البال بينما رجال أبو إسماعيل يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامى ويشنون غارة على مقر حزب الوفد، أصدر قرارا بالقبض على كل من يرتدى ملابس سوداء سواء كان ينتمى إلى جماعة «بلاك بلوك» أم لا، المهم هو القبض على كل من يرتدى ملابس سوداء. وقد وجد النائب العام لديه من الجرأة ما جعله يخالف كل القواعد القانونية والأعراف فى قرارات القبض على متهمين، التى تقول إنه لا يمكن القبض على أشخاص غير محددين بالاسم والعنوان. طال نشاط الجماعة صورة جهاز الشرطة المصرى، فبعد النجاح الذى حققه وزير الداخلية أحمد جمال الدين فى تحسين صورة جهاز الشرطة فى عيون بسطاء المصريين وبعد أن فرض على الجهاز الالتزام بالقانون وحقوق الإنسان بحيث يصعب أن نجد تجاوزات للجهاز فى عهد هذا الرجل، وبعد نجاح الرجل فى استعادة هيبة الشرطة من خلال فرض القانون على الجميع والقبض على الحارس الشخصى لخيرت الشاطر ورفض ضرب وسحل المواطنين أمام قصر الاتحادية والاستعداد للدفاع عن قسم شرطة الدقى فى مواجهة تهديدات أبو إسماعيل ورجاله، لم تحتمل الجماعة وزيرا للداخلية يعصى أوامر مكتب الإرشاد، يطبق القانون بنزاهة وشفافية، يضع مبادئ حقوق الإنسان فى الاعتبار، لكل ذلك أصرّت الجماعة على رحيله رغم نجاحه فى استعادة الأمن فى الشارع، وجاؤوا بخلية إخوانية نائمة فى جهاز الشرطة، جاؤوا برجل يتلقف أوامر مكتب الإرشاد وينفذها حرفيا، بل يجتهد فى إرضاء الجماعة عبر زيادة جرعات الغاز الخانق لا المسيل للدموع، وسحل المواطنين المصريين من جديد وتعذيبهم، واستخدام أنواع جديدة من الخرطوش والبِلْى والرصاص المطاطى، والقبض على نشطاء واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم ثم إلقاء جثثهم أو إدخالهم المستشفيات ببيانات مغلوطة ومعلومات كاذبة مثلما حدث مع الناشط محمد الجندى الذى يرقد على أجهزة تنفس صناعى فى مستشفى الهلال بعد أن تم تعذيبه وتكسير ضلوعه وإصابته بنزيف فى المخ على أيدى زبانية وزير داخلية الجماعة، والأوراق الموجودة فى مستشفى الهلال تقول إن ما به من إصابات إنما هى بفعل سيارة مجهولة صدمته فى ميدان التحرير وجاءت به سيارة إسعاف إلى المستشفى. هكذا وصل بنا الحال فى مصر بعد عامين على الثورة، أو هكذا قول (أول) الإخوان مصر بعد عامين من الثورة، وهو وضع لن يدوم طويلا، فسوف يدفع أبناء مصر ثمنا إضافيا لحريتهم هذه المرة من الجماعة ورجالها، وهو ثمن سيكون أعلى بكثير مما سبق دفعه ضد نظام مبارك، والمسألة لا تتجاوز كونها مسألة وقت وتتحرر مصر من جديد.