واشنطن العاصمة الأمريكية تعيش هذه الأيام حالة احتفال واحتفاء بالتاريخ والديمقراطية والشعب الأمريكى. واليوم تحديدًا هو الاحتفال بالولاية الثانية للرئيس الأمريكى ال44 باراك حسين أوباما، كما أنه الاحتفاء بيوم ميلاد الزعيم الأمريكى الأسود مارتن لوثر كينج. ومن الأمور المميزة لاحتفال هذا العام أن التاريخ سوف يذكر أن الرئيس أوباما فى عام 2013 أدَّى القسم مرَّتين، مرة أمس يوم 20 يناير 2013 الساعة 12 ظهرًا (كما هو محدد دستوريًّا)، وبالتالى بدأت ولايته الثانية رسميًّا. أما المرة الثانية فستكون اليوم 21 يناير احتفالًا واحتفاء بيوم ميلاد الزعيم مارتن لوثر كينج. والرئيس أوباما وهو يؤدى القسم ظهر أمس بالبيت الأبيض أداه على كتاب مقدس يتبع عائلة زوجته (عائلة روبنسون)، أما قسم اليوم فسوف يؤديه على كتابَين مقدَّسين، أحدهما يتبع الزعيم كينج، والآخر يتبع إبراهام لينكولن. اسمان وتاريخان لهما بصمتهما فى تاريخ التحرر والحقوق المدنية فى الولاياتالمتحدة. وقد شهدت العاصمة فى الأيام الأخيرة تدفقًا ضخمًا من الوافدين إلى المكان ليحتفلوا بالرئيس القادم ويشهدوا التاريخ ويعيشوه. وقد قدرت الأرقام بأن ما بين 600 و800 ألف سيشهدون التاريخ اليوم. والحضور يعد أقل عددًا مما شهدته واشنطن فى عام 2009 مع الاحتفال بأول رئيس أمريكى أسود وقد قدر حينذاك ب1.8 مليون، إلا أن الأجواء الاحتفالية بكل أشكالها تسيطر على واشنطن (بأهلها وزوارها)، خصوصًا لدى هؤلاء الذين تمسَّكوا بأوباما وأسهموا فى إعادة انتخابه ليحكم البلاد لأربع سنوات قادمة. وتعقد مراسم الاحتفال بأداء اليمين فى الجهة الغربية لمبنى الكابيتول (مقر الكونجرس) بحضور كل القيادات وأصحاب القرار والمناصب والمصالح والنفوذ، وأيضًا ممثلى الشعب الأمريكى، ولمن يرغب من الشعب الأمريكى ليتجمّعوا فى المساحة الشاسعة الممتدة ما بين الكونجرس ونصب واشنطن التذكارى (المسلة). وكما جرت العادة فقد تم توجيه دعوة الحضور إلى الرؤساء السابقين. وذكر أن جيمى كارتر (88 سنة) وبيل كلينتون (66 سنة) من رؤساء أمريكا السابقين سوف يحضران مراسم الاحتفال بأداء اليمين أو ينويان الحضور كما قيل. فى حين سوف يغيب كل من بوش الأب والابن. الأول بوش الأب (88 سنة) لحالته الصحية، وقد خرج من المستشفى الأسبوع الماضى بعد أن أمضى فترة طويلة به يعالج من مضاعفات التهاب رئوى، أما الثانى بوش الابن (66 سنة) فقد قيل إنه لن يحضر مثل أبيه وقد أصدر بيانًا يتمنى كل الخير لأوباما وهو يحتفل بولايته الثانية. والتاريخ الأمريكى يشير إلى أن 14 من الرؤساء حكموا ولايتَين كاملتَين!! وقد حرصت الصحف الأمريكية وهى «تعيش وتعايش» اللحظة، أن «تعكس الصورة» و«تستشرف المستقبل» و«تكتب مسوَّدة التاريخ»، مشيرة إلى أن «واشنطن مستعدة لاحتفال نسخة مصغرة من عام 2009» و«أن البيت الأبيض يدرك مخاطر الولاية الثانية». كما أنها تتساءل «هل سينجح أوباما فى أن يتفادى أو يتغلب على (لعنة الولاية الثانية)؟ وهل فعلا لرؤساء الولاية الثانية (شهر عسل أقصر)؟ ويبقى السؤال الأهم والأكثر إلحاحا: ماذا يريد منه الشعب الأمريكى فى الولاية الثانية طالما حدث الاختيار ومن ثَم التمسك به؟». وحدث اليوم الذى يتابعه العالم كله، يشمل خطابًا لأوباما يعطى فيه تصوّره ورؤيته للولاية الثانية. خطاب أوباما السابق فى عام 2009 استمر 21 دقيقة، وكان يحتوى على ألفَين و404 كلمات. وحسب رصد التاريخ الأمريكى فإن أطول خطاب افتتاح رئاسى كان قد ألقاه الرئيس ويليام هاريسون يوم 4 مارس 1841، وكانت مدته ساعة و45 دقيقة، أما أقصر خطاب كان الذى ألقاه جورج واشنطن يوم 4 مارس 1793 وكانت مدته دقيقتين فقط. ومن المقرر أن تغنى النشيد الوطنى الأمريكى اليوم المغنية الشهيرة بيونسيه. كما يتم إلقاء قصيدة فى احتفال بداية أو تدشين الولاية الثانية كتبها ويلقيها الشاعر الأمريكى من أصول كوبية ريتشارد بلانكو (44 سنة). وبلانكو بذلك يكون أول مهاجر وأول «لاتينو» كما أنه أول «مثلى» يكون فى هذا الموقف المهيب ويعكس بحياته وشعره مكونات هوية وتركيبة الأمريكى اليوم. ويبدأ أوباما ولايته الثانية ورضا الشعب لأدائه فى هذا الوقت مماثل لما كان عليه بوش الابن وهو يبدأ ولايته الثانية. ونحن نتحدث عن أرقام لا التوجهات والسياسات والاختيارات سواء كانت الأمور تتعلق بالداخل أو بالخارج. إذ أظهر استطلاع للرأى أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وشبكة «سى بى إس» التليفزيونية، أن رضا الأمريكى لأداء أوباما لم تتجاوز نسبته 51 فى المئة. وكانت 62 فى المئة قبل أربع سنوات مع دخوله البيت الأبيض. نسبة الرضا عن أوباما الآن أقل مما كانت عليه مع بيل كلينتون (60 فى المئة) وهو يبدأ ولايته الثانية أو الرئيس رونالد ريجان (62 فى المئة). ويرى المؤرخون أن فى «تلك الأيام» كانت أمريكا أقل «استقطابًا» و«انقسامًا» و«تصادمًا» من الآن. ومع هذا يبقى أداء أوباما هاجسًا لا يفارق من يعمل معه.