على مدار الأسابيع الماضية لعبت جبهة الإنقاذ الوطنى دورا مهما فى تعبئة الرأى العام المصرى المدافع عن الهوية المصرية، والمتصدى لكل محاولات طمس هذه الهوية لحساب هوية بدوية صحراوية، أيضا لعبت جبهة الإنقاذ الوطنى دورا مهما فى التصدى لمحاولات تيار الإسلام السياسى إرساء أسس لنظام حكم ديكتاتورى استبدادى، كما نجحت الجبهة فى كشف زيف دعوات الحوار الوطنى التى أطلقها النظام دون أن يضع لها أسسا حقيقية للإثمار، فقد كشفت الجبهة عدم صدق النظام فى دعوته للحوار ويكفى أن نائب الرئيس المستقيل، المستشار السابق وأحد قيادات تيار استقلال القضاء اضطر إلى كشف حقيقة موقف السلطة عندما قال إنهم سوف يدافعون عن شرعية صناديق الانتخاب بالسلاح، وكشف عن قناعة لا تنتمى إلى المجتمعات الإنسانية بقدر انتمائها إلى عالم الحيوان عندما قال «البقاء للأقوى» وهى القاعدة التى تحكم حياة الحيوانات فى الغابة. عموما نجحت جبهة الإنقاذ على مدار عمرها القصير فى أن تكون الممثل للقوى المدنية من ليبرالية ويسارية وقومية، وتمكنت من تحقيق درجة معقولة من التوافق الوطنى بين أحزاب وتيارات وقوى سياسية لم يسبق أن جلس بعضها مع بعض، بل إن الكثير من مكوناتها كان ىتحفظ على الجلوس مع مكونات أخرى. نعم نجحت الجبهة على مدار الأسابيع الماضية فى أن تشكل بديلا واضحا للتيار الإسلامى، وصمدت الجبهة أمام كل محاولات الاختراق التى تعرضت لها وقامت بتطهير صفوفها سريعا من شخصيات مثَّلت على الدوام دور المعارضة المدنية ولعبت دور المعارضة الليبرالية زمن مبارك وهى فى الحقيقة كانت تلعب دورا مطلوبا من النظام، وكان مطلوبا حتى الأمس القريب، نجحت الجبهة فى كشف هذه الشخصيات ولفظها. أيضا صمدت الجبهة فى مواجهة حملات التخوين التى شنها النظام ووسائل الإعلام الرسمية على نحو أكثر قسوة من حملات إعلام مبارك، ففى عهد مبارك كان الهجوم يطول المعارضة من منطلق التجريح الشخصى والحديث عن الكفاءة المهنية والثارات الشخصية مع تلويح من بعيد بتهمة الارتباط بقوى خارجية عربية أو أمريكية، ولكن الإعلام الرسمى فى عهد مرسى تجاوز ذلك كله وقام بتخوين قيادة المعارضة المصرية كلها فمحمد البرادعى عميل للولايات المتحدةالأمريكية وحمدين صباحى يتآمر على مصر مع أطراف تنتمى إلى النظام السابق ودول عربية خليجية ترفض حكم الإخوان، وعمرو موسى من فلول النظام السابق وله اتصالات مع إسرائيل، صدرت هذه الاتهامات من إعلام مرسى والمرشد ورددها عدد من قادة الجماعة وكوادرها وفى الوقت نفسه وجه مرسى الدعوة إلى جبهة الإنقاذ للحوار، بل إن المتحدث باسم الجماعة وجه الدعوة إلى هذه الشخصيات تحديدا للقاء المرشد من أجل الحوار والوصول إلى حلول للخلافات القائمة. عموما وبعد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور وتمريره بنحو 64٪ رغم جهود التزوير والترويع وشراء الأصوات وتديين التصويت، بات مهما للغاية أن تتحول جبهة الإنقاذ من تكتّل سياسى تشكَّل لمواجهة ديكتاتورية مرسى والجماعة، إلى تحالف انتخابى يمثل القوى المدنية بأطيافها المختلفة، تحالف هدفه تمثيل القوى المدنية المدافعة عن الهوية المصرية، تحالف انتخابى يخوض الانتخابات البرلمانية التى ستجرى بعد نحو شهرين من اعتماد نتيجة الاستفتاء، هو تحالف انتخابى وليس اندماجا سياسيا، تحالف انتخابى بات مطلوبا بشدة يعيد التوازن إلى الحياة السياسية المصرية ويمهد لأشكال أخرى من الائتلاف وربما الاندماج بين التيارات الأقرب فكريا وأيديولوجيا، المهم أن تبادر الجبهة بإعلان تشكيل الائتلاف الانتخابى سريعا حتى يمكن الانتقال إلى المرحلة التالية من العمل.