يُولِّى الملايين فى مصر والعالم اليوم وجوههم شطر أكاديمية الشرطة فى القاهرةالجديدة، لمتابعة وقائع محاكمة الرئيس المخلوع مبارك، ونجليه جمال وعلاء، ووزير داخليته حبيب العادلى، وكبار مساعديه، التى ستشهدها قاعة المحاضرات رقم 1 فى أولى جلسات محاكمة النظام البائد. القضية التى شغلت الرأى العام المصرى والعالمى طوال الأشهر الماضية، وشهدت تحولات بدأت من التخبط الشديد الذى شاب تحديد مكان المحاكمة، وتغييره أكثر من مرة من مجمع محاكم شرم الشيخ إلى أرض المعارض بمدينة نصر، حتى تم الاتفاق على أن تشهد أكاديمية الشرطة برئاسة المستشار أحمد رفعت رئيس الدائرة الخامسة جنايات، بمحكمة جنايات شمال القاهرة نظر القضية، التى ستذاع حصريا على التليفزيون المصرى. خلال الجلسة التاريخية التى ستعقد اليوم سيلتقى علاء وجمال نجلا الرئيس المخلوع، حبيب العادلى لأول مرة خارج سجن مزرعة طرة، منذ أن صدر قرار حبسهما احتياطيا. النائب العام عبد المجيد محمود أحال مبارك ونجليه ووزير داخليته، وحسين سالم (هارب) إلى محكمة الجنايات بتهم قتل المتظاهرين، وإعطاء أوامر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، ودهسهم بالمركبات التابعة لوزارة الداخلية فى الشوارع، بالإضافة إلى تهم الاستيلاء على المال العام، وتربيح أنفسهم والغير، كما أحال النائب العام حبيب العادلى ومساعديه إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل المتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم، فى أثناء مطالبتهم بإسقاط النظام السابق، ونظرت وقتها القضية أمام دائرة المستشار عادل عبد السلام جمعة لعدة جلسات، قبل أن يقرر ضمها إلى قضية مبارك ونجليه، بعد تنحيه عنها بسبب ردود الأفعال الغاضبة التى واجهته من الأوساط السياسية والقانونية، لعلاقته الوطيدة بالنظام السابق. المحاكمة التى ينتظرها العالم، علق عليها الكاتب البريطانى الشهير روبرت فيسك، فى مقاله بصحيفة «الإندبندنت»، بأن الإجراء الوحيد الذى يعطى أملا لشباب الثورة، الذى خرج مطالبا بكرامته هو رؤية الأسد العجوز فى قفصه الحديدى اليوم. إلا أنه يرى أن المحاكمة العلنية التى ينتظرها الشباب والأحزاب العلمانية، التى جاءت لامتصاص غضب الشباب المصرى وعائلات الشهداء سوف تشهد قرارا بالتأجيل لمدة شهر أو شهرين، لإعطاء الفرصة لمبارك كى يموت فى سريره بشرم الشيخ، وحينئذ سيقول الجيش: «حاكمناه، مثلما طلبتم منا» وسيستمر فى عقد اجتماعاته مع الإخوان المسلمين. فيسك بدا متشائما فى مقاله الذى حمل عنوان «شباب الثورة المصرية تم تهميشه» حيث اعتبر أن «الثورة تخان» لأنه يرى تنسيقا بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين سيأتى بمصر جديدة شديدة الشبه بمصر ما قبل الثورة، فهى مطهرة من مبارك ومعظم رجاله (وليس جميعهم)، لكن مع احتفاظ الجيش بامتيازاته فى مقابل سماحه «للملتحين» بالحصول على جزء من السلطة، فى حين تم تهميش الثوار الشباب والعلمانيين -على حد قوله- الذين واجهوا بلطجية أمن مبارك وخرجوا للشوارع مطالبين بسقوط ديكتاتور بلغ من العمر 83 عاما.