«كون الجلسة سرية ليس أمرا متفردا، بل أمر تحتمه وتقتضيه الظروف»، هكذا أكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة، حول تعليقه على قرار سماع شهادة المشير طنطاوى فى جلسة سرية غدا «الأحد»، مؤكدا أن الأصل فى جميع المحاكمات الجنائية هو العلانية، وعلى سبيل الاستثناء أجاز قانون الإجراءات الجنائية لرئيس المحكمة فى حالات تتعلق بالأمن القومى أو الصالح العام أو الآداب العامة أن يأمر بجعل الجلسة سرية، أى أنه يحظر على الناس الحضور، ولا يسمح بالحضور إلا لأطراف المحاكمة، المتهمين والشهود ودفاع المتهمين ودفاع المدعين بالحق المدنى، ورئيس الجلسة هو الذى ينظم عملية من له حق الحضور. يجوز لرئيس المحكمة أن يجعل الجلسة سرية دون أن يحظر النشر، ويجوز أن يتبع سرية الجلسة حظر النشر أو تكون الجلسة علنية ويحظر النشر أيضا مثلما حدث فى قضية هشام طلعت مصطفى، فحظر النشر ليس مرادفا وليس مرتبطا بالمحاكم السرية.
وعن القضية التى نحن بصددها قال رفعت: قرار جعلها سرية أو غير سرية أمر متروك لتقدير القاضى الذى ينظر الدعوى دون سواه، يختلف من قاض إلى قاض، القاضى هو الذى قدر أن الصالح العام والأمن القومى اقتضيا أنها تستلزم السرية، فهذا أمر ارتآه القاضى وهو صاحب الحق الوحيد، وقراره نهائى لا يقبل الطعن عليه بأى طريقة.
وتابع: هذه القضية بالذات قضية من القضايا التاريخية الشائكة، لأن الاتهام فيها ليس مقصورا على الاشتراك فى قتل المتظاهرين، ولكن أضيف إليها تهم أخرى خاصة بإهدار المال العام من خلال تصدير الغاز لإسرائيل، وتصدير الغاز لإسرائيل تحكمه اتفاقيات دولية، فأمر لا يكون فى مصلحة الوطن، وبالتالى ارتأى أن تكون هذه الشهادات تتلا فى جلسات سرية.
هذا فى ما يخص قضية تصدير الغاز، فسألنا رفعت فى ما يخص قضية قتل المتظاهرين فأجاب، المواطن العادى لا يهمه إلا الحكم لأن 3 أو 4 شهود أقوالهم ستكون فى جلسة سرية وسوف تثبت فى محضر الجلسة وتثبت فى الحكم، بالتالى ستكون متاحة بعد ذلك.
وعما إذا كانت هناك قضايا كبرى نظرت قبل ذلك فى جلسات سرية، أضاف رئيس محكمة جنايات القاهرة أن جميع القضايا المتعلقة بالأمن القومى، كانت سرية مثل قضية 15 مايو عام 1971، وهى القضية التى قام فيها الرئيس الراحل أنور السادات بوضع كل الرموز الذين عملوا مع جمال عبد الناصر فى السجن وقضية انحراف المخابرات العامة عام 67، خصوصا فى ما يتعلق بمحاكمة صلاح نصر وبعض أقطاب العمل المخابراتى، بالإضافة إلى قضايا الجاسوسية كلها التى نظرت خلال السنوات السابقة كانت سرية.
وحول عقوبة مخالفة قرار المحكمة بحظر النشر وسرية الجلسات، قال المستشار أحمد مكى إنها تصل إلى الحبس والغرامة. وفى قضية مبارك ونجليه والعادلى واستدعاء المشير طنطاوى وسامى عنان وعمر سليمان وشهادتهم، يرى مكى أن الأمر يمكن أن تنطوى عليه أمور تتعلق بأسرار الدولة المتعلقة بأمنها القومى أو الحديث عن بعض الضغوط التى يمكن أن تكون الدولة قد تعرضت لها من جهات أخرى أو الحديث عن أسرار للجيش وقدراته وتحركاته، وبالتالى جاء قرار المستشار أحمد رفعت بأن تكون الجلسات سرية.
وقال المستشار أشرف ندا رئيس محكمة جنايات الجيزة، إنه قرار صائب، حيث إن الشهود أنفسهم يحملون أسرارا كبيرة، يمكن الإعلان عنها يضر بالدولة كلها، فهؤلاء ليسوا شهودا عاديين، كما أنه مطلوب أن لا يعرف كل شاهد ماذا قال الذى قبله، لأنه يستطيع أن يعدل شهادته بناء على الشاهد الذى قبله، خصوصا أنهم جميعا ليسوا فى يوم واحد.
وأضاف ندا، لو كان رئيس المحكمة أصدر القرار دون حضور المحامين وقتها كنا نشعر بالقلق، ونظن أن هناك أمرا غير مضبوط، لكن ما دام المحامون يحضرون ويوجهون الأسئلة للشهود فهذا أمر مطمئن.