80 عاما تقريبا مضت على دراما المسلسلات في مصر، قدمت المسلسلات خلالها عشرات الشخصيات لنائب البرلمان، لكن فترة السبعينات شهدت أكبر موجة من الهجوم على نواب البرلمان في المسلسلات، كما قدمت السينما شخصية "نائب البرلمان" في العديد من أغلب الأفلام بصورة سلبية، فقبل ذلك كانت شخصية النائب البرلماني شخصية موقرة، في أغلب الأحوال، تظهر في العمل الدرامي على أنها من ذوي المهابة والوجاهة الاجتماعية، يصعب المساس بها. وأول فيلم مصري ظهر خلاله مجلس النواب كان الفيلم التسجيلي والتمثيلى معا «أنشودة الفؤاد» لماريو فولبي عام 1932 وبطولة جورج أبيض الذي قام بدور رجل ثري وعضو في مجلس النواب، وتصدى لزوج أخته الذي عرف بتصرفاته الشائنة. في المقابل انعكست بعض الأعمال الفنية على البرلمان وأداءه، ما بين أعمال رفضها أعضاء المجلس وطالبوا بإيقافها، أو أخرى طالبوا الدولة بدعمها والاهتمام بها. أعمال أزعجت النواب في يوليو 2006 اعترض نواب مجلس الشعب على فيلم "عمارة يعقوبيان" وتقدم 112 نائبا من جميع التيارات السياسية يطالبون بتشكيل لجنة برلمانية لتقييم فيلم "عمارة يعقوبيان"، لما يحويه من مشاهد جنسية صارخة تسيء إلى القيم الأخلاقية في المجتمع، وفي عام 2012 طالب عضو مجلس الشعب محمد فراج عن دائرة جنوبسيناء، بوقف عرض فيلم "المصلحة" الذي تم انتاجه عام 2012 مشيرا إلى أن ذلك الفيلم نوعًا من الفن الدعائي، الذي يأتي في سياق الحرب الإعلامية والنفسية التي تستهدف بدو سيناء وقبائلها بشكل واضح. وفي عام 2007 اعترض عضو مجلس الشعب من الإخوان المسلمين على الفيلم السينمائي "لعبة الحب"، حيث وصفه بأنه يشجع على الانحراف والعلاقات غير الشرعية، مطالبا بإيقاف عرضه. وفي 2012 تقدم النائب مصطفى الحوت، عضو مجلس الشعب، بطلب إحاطة إلى وزير الإعلام لوقف تنفيذ فيلم عن "تجسيد شخصية الشيخة موزة زوجة أمير قطر فى مسلسل تليفزيوني"، محذرا من توتر العلاقات بين الدولتين بسبب هذا العمل الفنى. وشهد عام 2007 تقدم النائب هشام مصطفى خليل بطلب إحاطة حول عدم قيام التلفزيون المصري بإنتاج مسلسل "الملك فاروق" كما أنه لم يقم بعرضه بعد ذلك، ملمحا إلى رفض إنتاج المسلسل وترك ذلك لجهة غير معلومة. كما أثار مسلسل "فارس بلا جواد" جدلا واسعا داخل البرلمان المصري عام 2002، بعد اعتراض جهات إسرائيلية على محتوى المسلسل، وأعرب أعضاء لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب رفضهم للحملة على المسلسل ووقعوا على بيان يطالبون فيه بضروة عرض المسلسل وتسويقه عربيا ودوليا. مسلسلات النواب عرض مستمر الأعمال الدرامية على مدى السنوات الماضية جسدت دور عضو مجلس الشعب بكافة أشكالة، وفي 2014 قدم الفنان رياض الخولي من خلال مسلسل "سلسال الدم" دور شخصية عضو مجلس شعب يستغل حصانته في تحقيق مكاسب شخصية والثأر لعائلته. أما مسلسل "موعد مع الوحوش" إنتاج عام 2010 فقد جسد شخصية عضو مجلس الشعب الصعيدي الذي يدخل صراعات مع شخصيات كثيرة، وقام بالدور الفنان عزت العلايلي. وفي عام 2007 جسد الفنان أحمد خليل شخصية العيسوي، وهو رجل شديد الثراء والنفوذ وعضو في مجلس الشعب لعدد من الدورات المتتالية في مسلسل "ساعة عصاري". كما جسد الفنان سامى العدل شخصية "نشأت" وهو عضو مجلس شعب فى مسلسل "حارة 5 نجوم" إنتاج عام 2012، حيث يقدم نموذجا سلبيا للعضو الذى يقدم تسهيلات لرجال الأعمال ويستخدم نفوذه وسلطاته من أجل خدمتهم لتحقيق المصالح المتبادلة. ومن أبرز الأعمال "سكة الهلالي"، الذي قدمه يحيى الفخراني، وجسد دور مواطن كان ينادي بمصلحة الشعب، انقلب الأمر عنده بعد دخوله المجلس، وأخذ من منصبه طريقة للربح المادي، وكذلك في مسلسل "الأدهم"، قام بدور النائب صلاح عبد الله، الذي وصل للمنصب بالخداع، وظل فيه من أجل التستر على استيلائه على أراضي الفلاحين. الزعيم يتربع على العرش أما الفنان عادل إمام، فهو أكثر الفنانين الذين قدموا أفلاما عن فساد نواب مجلس الشعب بالتحديد، وتناول الزعيم شخصية النائب والمرشح ومدير الحملات الانتخابية وغيرها الكثير، فقدم بخيت وعديلة، والواد محروس بتاع الوزير، واللعب مع الكبار، ومرجان أحمد مرجان، وطيور الظلام، والنوم في العسل. وفي فيلم "الجردل والكنكة" رصد إجراءات العملية الانتخابية منذ بدأ النية في الترشح، حتى عمليات الدعاية والسمسرة وشراء الأصوات، والنجاح في الانتخابات، وقدم الفيلم كواليس الوصول إلى عضوية مجلس الشعب. أما عضو مجلس الشعب في فيلم "اللعب مع الكبار" للمخرج شريف عرفة، قد قام بتهريب هيروين داخل حقيبته، معتمدا على حصانته البرلمانية ورفض أن يتم تفتيشه في المطار، كذلك فيلم "النوم في العسل" الذي قدم البرلمان غير مبال بأحد الأمراض التى تصيب الشعب على حساب الحفاظ على صورته. ويأتى فيلم "الواد محروس بتاع الوزير" من تأليف يوسف معاطي، ليجسد صورة الرجل، الغلباوي، الذي لا يجيد القراءة والكتابة، ولكن خدمته الظروف ليصبح مدير مكتب جميل راتب الوزير الفاسد، ليجد محروس نفسه أمام فرصة ذهبية للاستفادة هو أيضا من الفساد بالترشح للمجلس. وقدم عادل إمام من خلال فيلم "مرجان أحمد مرجان" صورة لرجل الأعمال الملياردير، متدني التعليم، الذي يستطيع أن يشتري ذمم الآخرين في كل القطاعات بالمال ويصبح فى قمة السلم الاجتماعى بالرشوة، واستطاع مرجان من خلال علاقاته ونفوذه وأمواله أن يفوز بعضوية البرلمان على حساب الدكتورة الجامعية المثقفة. وتناول فيلم "طيور الظلام" الوزير الذي يجمع بين المنصب الوزاري، وعضوية المجلس، من خلال الوزير الفاسد محدود الذكاء جميل راتب، الذي يستعين بمحام مغمور وهو عادل إمام، ليتغلب على منافسه النائب السابق "تاجر المخدرات" في انتخابات مجلس الشعب، وتناول الفيلم فكرة الوزراء الذين يسعون لتثبيت مقاعدهم الوزارية من خلال وجودهم في البرلمان، كما تناول الفيلم أيضا فكرة المقايضة بين بعض أطراف الحكومة والجماعات الدينية من أجل تبادل المكاسب. أما فيلم "حب للأبد" عام 1958 للمخرج يوسف شاهين، بطولة أحمد رمزى ومحمود المليجى ونادية لطفى، والذى تناول ترشح أحد الأشخاص لمجلس الشعب، وفى الوقت نفسه يتورط أخوه فى مساندة سيدة متهمة بالقتل، ويسعى الشقيق الأكبر لإبعاد أخيه عن تلك القضية حتى لا يستغل أعداؤه هذا الأمر فى الدعاية السلبية له في انتخابات البرلمان. أما فيلم "الجزيرة" أحد الأفلام التي صورت نائب مجلس الشعب بمثابة الموظف لدى العائلات والقبائل الكبيرة في الصعيد، ومن ثم يحصل على الأموال والدعم في الانتخابات، مقابل تسهيل عمليات التجارة في السلاح والمخدرات. وقدم الفنان نور الشريف في فيلم "عمارة يعقوبيان"، دور "عزام" الذي تحول من ماسح أحذية، إلى مالك أكثر من نصف محلات وسط البلد، ولم يمانع عزام من دفع رشوة كبيرة من أجل الحصول على مقد مجلس الشعب، ليتضح بعد ذلك أن عزام جمع ثروته من تجارة المخدرات. أما فيلم "صرخة نملة" فقد قدم صورة النائب البرلماني الفاسد والذي جسد دورة الفنان حمدي أحمد، وهو النائب الذي يستغل علاقاته والمعلومات المتوفرة لديه بحكم منصبه الحساس في تحقيق أرباح مالية، عن طريق إنشاء شركة من الباطن يتم إدارتها عن طريق أحد الشباب المغمورين، والذي يقوم النائب بالتضحية به في آخر الفيلم. فيلم "أرض النفاق" عن رواية يوسف السباعي، قدم صورة أخرى لمرشح مجلس الشعب متمثلة في "الكذب"، و"التدليس" حيث يقوم البطل الفنان فؤاد المهندس، بارتداء زي رجل بسيط، ليقنع الناخبين بأنه واحد من أبناء الطبقة المعدومة، كذلك فيلم «في محطة مصر»، والذي ظهر فيه عضو البرلمان من خلال رجل ريفي، وهو الفنان لطفى لبيب، يمتلك أراض كبيرة في دائرته، و يحاول كسب ود العائلات حتى لو على حساب زواج ابنته من أحد أبناء تلك العائلات، ولكن يتضح من سياق الدعاية أنه رجل كاذب، لا يعطي الناخبين أهمية حقيقية، بل يدعي أنه منهم كي ينال ثقتهم. «الفرقة 12» للكاتب والسيناريست مصطفي محرم، قدم نموذجا لعائلات تجارة المخدرات وكيف نجح أحد أبناء عائلة أبو الوفا في الهروب من فخ القبض عليه بتهمة التجارة في المخدرات، بحصوله على حصانة عضوية مجلس الشعب، وقدم فيلم «حتى لا يطير الدخان» نموذجا لتاجر المخدرات عضوا في مجلس الشعب. ولا تزال الأعمال الدرامية والسينمائية تصور عضو البرلمان رجلا فاسدًا أو مختلسًا أو منافقًا، أو كل ماسبق.